ورغم العقوبات التي تتوالى منذ الثمانينيات على البلدين بقيت المقاومة عنوانا والتنمية خيارا فايران تريد التقنية النووية للاغراض السلمية وتمارس حقها السيادي بذلك رغم العقوبات وسورية تعرف طريق المقاومة اكثر من اي وقت مضى وتعلم ان الوجهة الحقيقية تبقى باتجاه فلسطين ولن يحرفها عن ذلك شيء وفي خطوة عكست فشل سياسة دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة في عزل ايران واحكام الخناق عليها اقتصاديا اتخذ الاتحاد الاوروبي قرارات جديدة تقضي بتشديد العقوبات على طهران.
وتبدو المحاولة يائسة وعديمة الجدوى للتأثير على الموقف الايراني الذي بدا اكثر قوة وحزما في مواجهة الغطرسة الامريكية والاوروبية واساليبها الدنيئة في النيل من الشعوب والتضييق عليها لتغيير خياراتها الوطنية واخضاعها بالعقوبات الاقتصادية والتأثير على لقمة عيشها.
ومع أن العقوبات الجديدة لم تضف ما يمكن أن يؤثر على الموقف الايراني إلا أن القائمين على السياسة الاوروبية زعموا انها تزيد من عزلة طهران وتحاصر نشاطات برنامجها النووي في وقت تؤكد فيه ايران أن العقوبات ساهمت في اعتماد ايران على ذاتها.
وجاء قرار وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في لوكسمبورغ ليضيف حزمة جديدة من العقوبات تستهدف التعاملات المالية والتجارية وتشديد العقوبات على البنك المركزي الايراني واضافة أسماء جديدة إلى ما يسمى القائمة السوداء الاوروبية التي تشمل تجميد الارصدة وحظر منح تأشيرات دخول.
وزعمت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون التي تمثل الدول الكبرى في ملف المفاوضات السداسية مع طهران انها تواصل بذل كل الجهود للتوصل إلى حل تفاوضي مع ايران لكن الضغط سيتواصل من اجل اعادة طهران إلى طاولة المفاوضات بحسب قولها في حين ترى ايران أنها تعاونت إلى أبعد الحدود في ملفها النووي وقدمت كل ما هو مستطاع للعودة إلى المفاوضات حول ملفها النووي.
وكالعادة الموقف الاوروبي المتماهي مع مواقف واشنطن وجد صداه بسرعة هناك حيث رحب المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني بحزمة العقوبات الجديدة التي تعزز برأيه الاجراءات الدولية الهادفة إلى الضغط على الحكومة الايرانية وعزلها بسبب برنامجها النووي.
بدورها ايران التي تمرست في مواجهة سياسة العقوبات الجائرة منذ انتصار الثورة الاسلامية ووقوفها إلى جانب الحق العربي والعدالة الدولية لتقف جنبا إلى جنب مع سورية في مواجهة المشروع الاسرائيلي الصهيوني في المنطقة لم تحرك العقوبات الجديدة قيد انملة من مواقفها الداعمة للمقاومة بل على العكس مع كل حزمة عقوبات جديدة ضدها تزداد حزما وقوة.
وليست وحدها ايران على خط المواجهة مع سياسة الهيمنة الامريكية فسورية أيضا لا تزال تدفع ثمن مواقفها القومية والوطنية والحفاظ على سيادتها وقرارها السياسي المستقل بمعزل عن الضغوط الغربية التي تلهث وراء مصالحها في المنطقة عبر اعادة رسم خارطة المنطقة وفق المصالح الامريكية شعوبا واثنيات وطوائف متقاتلة وتكون فيها لإسرائيل اليد الطولي في تلبية مصالح الغرب.
لكن سياسة العقوبات والحصار تلك لم تثن من عزيمة وارادة سورية وايران وقوى الممانعة الأخرى في التصدي للهجمة العالمية الجديدة وهذا ما دفع البلدين إلى الاعتماد على الذات في مواجهة الحصار المفروض عليهما منذ عقود.
ويبدو ان افلاس القوى الغربية في اتباع سياسة الترهيب واستخدام القوة وادراكها العجز التام على المواجهة العسكرية مع قوى المقاومة التي تتمتع بدعم شعبي كبير دفعتها لاتخاذ خطوة جديدة تكاد تكون نافلة لا أثر يذكر لها مع سلسلة العقوبات السابقة بحق البلدين اللذين يشكلان عصب مقاومة المشاريع الغربية في المنطقة.
ولعل قراءة سريعة لتاريخ سياسة العقوبات الاقتصادية التي اتبعتها الولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية ضد الدول الممانعة لسياستها تظهر أن هذه السياسة أثبتت فشلها بجدارة ولم تأت بالنتائج التي توختها واشنطن واتباعها.
ويؤكد متابعون للشأن السياسي أن تاريخ العقوبات الاقتصادية دائما كان يستخدم من أجل اسقاط الدول تحت ذرائع نشر الديمقراطية والسعي لحرية الشعوب وغيرها من القضايا الانسانية التي يتخذ منها غطاء للتدخل الدولي.
ولكن على ما يبدو أن القوى الامبريالية لم تتعلم أن الزمن تغير وان العالم ينهض وسياسة السيطرة والهيمنة عبر صناعة الازمات والحروب لم تعد تجدي نفعا وبالتالي يفترض من راسمي سياسة العقوبات وعلى رأسهم واشنطن أن يستفيدوا من تجربة فشل سياساتهم في لي ذراع القوى والدول الوطنية والتحكم بمقدراتها ولكنهم بدلا من ذلك يتخذون سياسات خاطئة تؤثر على الشعوب التي تدعي هذه الدول كذبا الحرص عليها.
وتظهر الصورة في زمن العقوبات الغربية ضد قوى المقاومة انه لا القوة والغطرسة باتت تنفع واشنطن والغرب في المواجهة العسكرية مع هذه القوى التي بات يحسب حسابها ولا التهديد بتدخل الاحلاف العسكرية لقلب الانظمة الوطنية فيها يجدي نفعا فكيف اذاً بالسياسات الرخيصة التي تهدف إلى تدمير وافقار الشعوب بذريعة التحول الديمقراطي.