تجد الأسرة نفسها في ضائقة مادية ، تتفاقم يوماً تلو الآخر ، بالإضافة إلى الغلاء وارتفاع الأسعار الذي أرهق الجميع ، نجد الرغبة ملحة عند الكثير من النساء لاقتناء الكماليات التي بدأت تعلو على الحاجات الأساسية للأسرة .
في جلسة «نسوان»تتباهى هذه بالسيارة التي بدلتها منذ يومين ، وتستعرض تلك الموبايل الأحدث الذي اشترته ، وأخرى تتحدث عن الأثاث الذي تنوي عند إطلالة محيا زوجها تغييره ، لأنه لم يعد يليق باستقبالاتها، إضافة إلى الكؤوس والملاعق والأطباق والبرادي ... إلى آخر القائمة مما يصعب عدّه ووصفه ، على اعتبار أن هذا كله أصبح موضة قديمة ويجب تغييرها ، وعليهن طبعاً مجاراة الأحدث لئلا يقال بأنهن لا يواكبن التطور .
والبعض من النساء يرصدن مبلغاً كبيراً من مصروف الأسرة لشراء الثياب (آخر موضة ) من ماركات عالمية وبأسعار خيالية ليتمظهرن أمام الأخريات ويتباهين ، ناهيك بعمليات الشفط والنفخ المنتشرة بكثرة ، كله من أجل التعالي والتظاهر بمظاهرتافهة ورخيصة راح يستوي فيها الفقير والغني على السواء ، متناسين أن الحضارة والتطور يبدأان بالفكر وينتهيان في حدوده ، والرقي سلوك وليس سيارة أو هاتفاًمحمولاً أو ثياباً بماركات عالمية . هذا البذخ والإسراف يأتي كله على حساب الأسرة ومتطلباتها الأساسية مثلما هو على حساب الأبناء والعناية بهم .
فهولاء النسوة اللواتي يقضين معظم النهار خارج البيت ، في التسوق ، أو عند الحلاق ، أو في مركز للتجميل لن يجدن وقتاً يجلسن فيه مع أبنائهن يحدثنهم ويسألن عن أحوالهم ، ولن يجدن الوقت ليعتنين بأزواجهن ،فتتفكك الأسرة ويغيب عنها الرقيب الذي يرعى شؤونها ، فينتهي المطاف إلى النزاع الدائم وتبادل الاتهامات بين الزوجين ، أو إلى الطلاق ، وفي الحالين الخاسر الأكبر الأبناء الذين هم أغلى الأحلام .
ناهيك ببعض الأسر التي تقتني في بيتها خادمة وتترك الأولاد معها أغلب الوقت ، ما يرهق الأسرة أكثر وأكثر ، ويفسد التربية. والحفلات كذلك التي تقام بمناسبة وبغير مناسبة ، وما يحصل فيها من إسراف وتبذير ، فقط من أجل التباهي والتعالي على الناس ، وإظهار البراعة في تبذير المال .
ما يحصل اليوم أكبر بكثير من أن نعدّه ونحصيه ، فهذه المظاهر تؤذي النفوس وتفسدها ، وتعود الأبناء الاستهتار واللامبالاة ، كما أنها تؤدي بالعقول إلى التفاهة والانحطاط ، ففي الحياة أشياء قيمة ومهمة تستحق أن نشغل عقولنا بها ونربي أبناءنا عليها