في إطار الإساءات التي تحملت وزرها صحف على امتداد الساحة الأوروبية سواء التي ظهرت خلال الأيام القليلة الماضية أم التي ظهر منها بين الفينة والأخرى على الساحة الغربية والتي تفاقمت عقب هجمات الحادي عشر من أيلول على نيويورك. فعلى امتداد السنوات التي تلت هذه الهجمات ظهرت عشرات العناوين التي تتحدث عن الإسلام والمسلمين والعرب وكانت في مجملها سلبية لأن المشروع الصهيوني واليمين الأميركي يستهدف وضع العالم تحت قبضته وتصرفه دون اعتبار لأحد من شعوب العالم ولا سيما العرب والمسلمين فبعد عدة أشهر من هجمات الحادي عشر من أيلول ظهر في السويد كتاب عن الإسلام وعن النبي محمد(ص) تحديداً ثم تلاه كتاب آخر في الدانمارك وهو الكتاب الذي أسس لمسابقة أقامتها جريدة يولاند بوستن لرسم الرسول العربي عليه الصلاة والسلام. أحد الرسامين الدانماركيين الذين شاركوا في هذه المسابقة قال إن الفكرة تعود بالأساس للكاتب الدانماركي -كوري بلوتين- والذي كتب كتاباً عن الرسول محمد(ص) وقد احتاج لرسومات تقريبية له لدعم كتابه فيها عن النبي محمد (ص) فاتصل بنقابة الصحفيين الدانماركيين معلناً عن حاجته لرسومات من هذا النوع وإثر ذلك دخلت جريدة (يولاند بوستن) حلبة المسابقة وكلفت أشهر الرسامين بتشخيص النبي محمد(ص) واختارت الجريدة في نهاية المطاف اثني عشر رسماً وكانت هي التي فجرت الموقف في العالم العربي والإسلامي.
أحد رسامي الرسوم هذه يقول إنه تخوف في بداية الأمر من دعوة رئيس تحرير(يولاند بوستن) لرسم النبي العربي(ص) لكنه استشار أصدقاء له في الشرق الأوسط الذين نبهوه لخطورة الموقف لكنه في نهاية المطاف يقول : إنه وافق على الفكرة كي لا يتهم من قبل أصدقائه ومعارفه بالجبن والتردد.
كذلك الحال في دراسة استطلاعية أجرتها مؤخراً دائرة الاندماج في إدارة الهجرة السويدية تبين أن السويديين مثلاً الذين هم أكثر شعوب أوروبا انفتاحاً لكن ليس على الإسلام يميلون إلى التعددية وتمازج الثقافات داخل مجتمعهم لكنهم مقابل ذلك يبدون حسب الاستطلاع ريبة واضحة إزاء العرب والمسلمين كما أن ثلثي من شملتهم الدراسة يعتقدون أن القيم الإسلامية لا تنسجم وقيم مجتمعهم لكن حزب الشعب السويدي الداعم للكيان الصهيوني ومنذ نشأته في الساحة السويدية ذهب إلى مطالبة الاساتذة السويديين بالتعاون مع أجهزة الأمن السويدية للتجسس على الطلبة العرب والمسلمين وأن يكون هؤلاء عيوناً عليهم لكن ممثلة هذا الحزب في البرلمان السويدي -لوتا ادهولم- ذهبت إلى أبعد من ذلك حين طالبت بعدم ترك هؤلاء أي الطلبة العرب والمسلمين بعيدين عن المراقبة المتواصلة بل ويجب استئصالهم بالتعاون مع المخابرات السويدية. كما أن أحزاباً سويدية أخرى قالت: إن هؤلاء يشكلون خطراً على الأمن السياسي والاجتماعي. لكن بالرغم من هذا هناك أصوات عارضت هذا المنحى وقال أحد أبرز التربويين في السويد ويدعى - آريك نلسون- بأن هذا الطلب من الاستاتذة السويديين أمر غير مقبول بتاتاً رافضاً فكرة التجسس على الطلبة العرب والمسلمين.
كذلك الحال بخصوص ما أقدمت عليه قناة فضائية خاصة في إحدى الدول الاسكندنافية بعرضها برنامجاً عن الحيوانات وكان المشرف عليها ينادي أحد التماسيح باسم عربي اسلامي ويبدو أن الاسم لم يأت هنا في البرنامج من فراغ بل هو في إطار عملية مقصودة بالطبع للإساءة للإسلام ونبيه الكريم(ص) وتكررت الحالة عند صحيفة دانماركية وتدعى بلاندس بوستن التي نشرت في أيلول الماضي صوراً كاريكاتورية هزلية تنال من مقام الرسول العظيم بعد تصويره بأوضاع مغلوطة دون وازع ضميري أو إنساني أو إيماني أو احترام لأكثر من 1,2 مليار مسلم في العالم وكل ذلك تحت بند حرية الإعلام وحرية الفرد والمعتقدات . لكن الأمر لو استهدف الصهيونية لكان الرد العالمي لهذا العالم المتحضر على من أقدم على ذلك مختلفاً كلياً. والأمثلة كثيرة على تكرار الإساءة في الساحتين الأوروبية والأميركية على العرب والمسلمين وهي بالطبع اساءات لا تندرج إلا في سياق صب الزيت واشعال النار والفتنة وزرع البغيضة والعدوانية بين أبناء الديانتين الاسلامية والمسيحية وهو مايرمي إليه أصحاب الفكر الصهيوني والمتصهينين الجدد في الإدارة الأميركية كي يصبح العالم في حالة ضياع وهو يتهاوى إرضاء لغرائزهم المتوحشة.
إن من أقدم على الاساءة لمشاعر أبناء الرسالة المحمدية ونبيهم الكريم(ص) لا يمكن أن يكون بريئاً من أفعاله الإجرامية تلك ومن أعاد نشر تلك الصور المشينة لنبي الأمة (ص) التي لاقت أوسع الاحتجاجات والإدانات على المستوى العالمي حتى في أوروبا وأميركا, إنما يدخل في نطاق عقلية مجرمة تخطط للمزيد من حالات الصدام بين الشعوب وجرها لأبشع صراعات دينية لا تعود على الجميع إلا بالدمار والهلاك وهذا ما ترمي إليه حقيقة من يقف وراء هذه الحملات المتكررة حيال العرب والمسلمين. كما أن اختيار دول شمال أوروبا لاطلاق الشرارة منها هو أيضاً في إطار ذاك المخطط المدمر بغية استفزاز الشارع الإسلامي ودفعه باتجاه سلوك يتسم بالعنف والغضب حيال شعوب دول سجلت المزيد من التقدم في احترامها للإنسانية وحرية المعتقد. ولهذا فإن أصحاب هذا المخطط سيواصلون المضي في تنفيذه وبشتى الطرق والوسائل وصولاً لتحقيق غاياتهم في تدمير الإنسانية والحضارة العالمية.