وفي حقيقة الأمر, أنا لم أكن أخطط أو أدبر من قبل لقتلها, فقط أردت إرشادها ونصحها وحمايتها ممن اتخذ(الزواج) غطاء شرعياً ليزجها في الحانات والملاهي, مرة كراقصة استعراضية, وأخرى لتنادم السكارى, ومرات للفراش.. في المرة الأولى, عادت ابنتي من الشام, وجسدها مزرق, وأخبرت شقيقتها همساً , أن زوجها طلب منها معاشرة الزبائن, فرفضت وهربت بعد أن أوسعها ضرباً, وبعد حين هي عادت إليه صاغرة.. تصوري أنها (تحبه) رغم أنه متزوج من سواها, وله منها(دستة) أولاد..
وسألتها: لماذا قبلت بزواجها منه وأنت تعلمين بأنه متزوج?
فقالت: أنا لم أقبل أبداً, وعندما تقدم لخطبتها قلت له بالحرف , أمهلنا حتى نسأل عنك, ولكنه سرعان ما حرضها على الهروب معه, ووضعنا تحت الأمر الواقع (بكتب الكتاب) وأرسل بعد ذلك أقاربه( واسطة خير) لفض الخلاف, فاتفقنا على أن يعيدها إلى البيت لتخرج منه(كعروس) على سنة الله ورسوله, فنحفظ ماء وجهنا أمام أهل القرية.. وهكذا كان..
وبعد فترة-(تتابع)- عادت إلينا ابنتنا باكية مدّماة.. ولم تخبرني بشيء, ولحق بها زوجها وزعم أن ابنتي لم تكن عذراء.. وبأنه رغم ذلك- سيحواها- ويردها إليه حتى يمّن علينا- بالسترة- بين الناس..
وبعد مغادرتهما إلى الشام, علمت من ابنتي الأخرى, أن شقيقتها أفضت لها بأنه يعمل مسهل دعارة ويقدمها في الحانات والملاهي للزبائن.. فجن جنوني, وحلفت أغلظ الأيمان أن أضع لها السم في الطعام,, ولكنها عندما عادت إلي في المرة الثانية,, رق قلبي, وطلبت منها أن تبقى في بيتنا قطعاً للألسن, وتقدم دعوى للطلاق.. وبعد أسبوع بدأت تشتاق إليه, وعلمت بأنها رغم كل شيء تحبه.. فرحت أمنعها من الخروج من المنزل لرؤيته, وحبستها في البيت..
وذات يوم , لم تعد تطيق صبراً, وأرادت الخروج من البيت عنوة, فأقفلت الباب, وعندئذ لجأت إلى( السلم) وحاولت بعد مشاجرة تلاسنا كثيراً بها, القفز من فوق الجدار, فجذبتها بكل ما أوتيت من قوة إلى الغرفة المجاورة, وحاولت بلا وعي تقييدها ( بالايشارب) الذي كان على رأسي حتى لا تخرج.. وقاومتني.. وقاومتني.. وبعد أن فقدت بصري وبصيرتي في هذا العراك غير المتكافىء الأطراف, إذ أنا في العقد السابع من العمر, وهي في الثالث منه, لم أجد بدا من حسم هذا النزاع الذي طال, بلف (الايشارب) حول عنقها, ورحت أشد وأشد وأشد إلى أن تحولت بين يدي جثة هامدة.
وخرجت من الغرفة وأنا أطلب من أولادي أن يحضروا الشرطة, وسلمت نفسي لهم واعترفت. قلت لها: هل أنت نادمة?! فأجابت:
إنها فلذة كبدي,, وأنا لم أكن أنوي قتلها على الاطلاق ولكننا ذهبنا ضحية من يتاجر بلحم الفقراء..
وبالمناسبة .. تم توقيف هذه المرأة وزوجها, وزوج المغدورة على ذمة التحقيق بتهمة القتل القصد للأولى, وا لتحريض على القتل للثاني وتسهيل الدعارة للثالث الذي أنكر علاقته بالترويج للدعارة.