تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


د. ليتش محاضراً: بوش يواجه مأزقاً صعباً.. وإدارته لا تتخذ سياسات صحيحة

الثلاثاء 21/2/2006م
رندة القاسم

في التقديم لكتاب(أسد دمشق الجديد: بشار الأسد وسورية الحديثة)نقرأ:

(هل سورية دولة مارقة? ما مدى أهميتها بالنسبة لمصير العراق, ايران, اسرائيل ولبنان? يتحدث هذا الكتاب عن قصة سورية من الداخل, فيقدم دايفيد دبليو ليتش الوصف الأساسي لهذا البلد وقائده في فترة حاسمة من تاريخ الشرق الأوسط, ويؤكد أن دور سورية بقيادة رئيسها الشاب سيؤثر بعمق في شكل الشرق الأوسط في المستقبل القريب.)‏

والدكتور(ليتش) أستاذ في تاريخ الشرق الأوسط في قسم التاريخ ومشارك في دراسات الشرق الأوسط في جامعة ترينيتي, ولاية تكساس الأميركية. وقد حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في التاريخ ودراسات الشرق الأوسط من جامعة هارفارد عام .1991‏

نشر الدكتور(ليتش) مجموعة من الكتب تتضمن:(أسد دمشق الجديد)(منشورات جامعة ييل عام 2005), (سورية والولايات المتحدة: حرب أيزنهاور الباردة في الشرق الأوسط)1992(الشرق الأوسط والولايات المتحدة: إعادة تقييم سياسي وتاريخي).‏

(الصراع العربي- الاسرائىلي: تاريخ مع وثائق) ومن المفترض أن يصدر له عام 2008 كتاب (تاريخ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط).‏

وللدكتور (ليتش) مقالات في عدد من الصحف, كما وناقش قضايا الشرق الأوسط في برامج إذاعية وتلفزيونية, وزار المنطقة مرات عدة وعمل كمستشار لإدارات حكومية مختلفة في الولايات المتحدة الأميركية.‏

وقبل أيام وخلال زيارته لسورية التقى الدكتور(ليتش) في المركز الثقافي الأميركي بدمشق مجموعة من الصحافيين من وسائل إعلام عربية وأجنبية وقال إن السبب وراء انجاز كتابه(أسد دمشق الجديد) هو اظهار الصورة الحقيقية الايجابية التي يجب أن تفهمها الولايات المتحدة وشعبها حول الرئىس الأسد والشعب السوري وذلك كبديل عن الصورة السلبية السائدة لاسيما بعد أحداث الحادي عشر من أيلول فمنذ ذلك ا لتاريخ والعلاقات متوترة بين الولايات المتحدة وسورية التي لم تتأقلم, كباقي الحكومات, مع التغييرات التي طرأت على السياسة الخارجية خاصة تلك المتعلقة بالإرهاب وتصنيف منظمات, تعتبرها سورية مقاومة, ضمن قائمة الارهاب.‏

وذكر الدكتور(ليتش) أن الرئيس الأسد, وخلال لقائه معه في أيار الماضي, تحدث عن قيام سورية بخطوات ايجابية كثيرة تجاه الولايات المتحدة ولكنها لم تلق أي تجاوب. فالولايات المتحدة لن تقوم بأية خطوة إلا إذا استجابت سورية مائة بالمائة لكل طلباتها وهذا أمر صعب, إذ لا يمكن للقيادة في سورية أن تستسلم أو تزعزع مبادئها وثوابتها وخاصة مع استفحال الكره ضد الولايات المتحدة. وبذلك وصلت العلاقات بين الولايات المتحدة وسورية إلى طريق مسدود وربما لا يتغير الوضع في المستقبل القريب وفقاً للمناخ السائد.‏

وفي معرض إجاباته على أسئلة الصحفيين المتعلقة بالسياسة الخارجية الأميركية والوضع في سورية والمنطقة تحدث الدكتور(ليتش) عن قيامه بانتقاد الحكومة الأميركية علناً لقراراتها الكارثية في الشرق الأوسط والعراق, إذ إنها ترى العالم باللونين الأبيض والأسود, بينما يقع أغلب العالم في المنطقة الرمادية. وشبه ما يحدث الآن بأيام الحرب الباردة حيث المعسكران الاشتراكي والرأسمالي ومبدأ أن تكون معنا أو تكون ضدنا. وأميركا بعد انتهاء الحرب الباردة لم تستطع ايجاد الاطار السياسي الصحيح, لذا عادت لنموذج تلك الحرب ويعتقد الدكتور(ليتش) أن الوضع الصعب في العراق جعل من المستحيل انخراط الولايات المتحدة في تغيير نظام سياسي في أي مكان في العالم, إذ تعلمت الإدارة الأميركية أن تغيير النظام يقتضي ايجاد بديل مناسب مكانه وهي عملية معقدة وصعبة للغاية.‏

كما ويرى الكثير من الأكاديميين أن سياسة بوش في الولاية الثانية أضحت أكثر براغماتية مع ثبوت فشل الحرب الاستباقية كما حدث في العراق.‏

وتحدث الدكتور(ليتش) عن جدية الرئيس الأسد في موضوع الاصلاح ولكن الأمر قد تعرقل نوعاً ما بسبب الضغوطات الكثيرة التي واجهتها وتواجهها سورية, ويبقى الاصلاح مستمراً وإن كان ببطء, إذ إن الأمر يحتاج إلى الوقت ويمكن القول أن ازدياد الضغوط على سورية وازدياد الكراهية ضد الولايات المتحدة قد أديا إلى تنامي المشاعر القومية وحصول الرئيس الأسد على دعم شعبي واسع. وحتى ما قام به عبد الحليم خدام قد عزز من موقف الرئيس بشار الأسد فخدام لا يتمتع بشعبية كبيرة وغالبية السوريين لا يوافقون على ما قاله لأنهم ينظرون إليه على أساس المشكلة السورية.‏

وهذا الدعم الذي حصل عليه الرئىس الأسد سيساعده لتنفيذ برنامجه الاصلاحي والإداري. والتعديلات الوزارية الأخيرة تعتبر مؤشراً ايجابياً.‏

ويرى الدكتور(ليتش) أن هناك نوعاً من الارتياح لدى النظام السوري بعد أن تراجعت حدة عاصفة تقرير ميليس وهذا الارتياح بدا واضحاً في خطابات الرئيس السوري الأخيرة.‏

وعن الوضع في العراق قال(ليتش) إن من مصلحة سورية أن يكون العراق مستقراً, فإذا انسحبت الولايات المتحدة من العراق الآن واندلعت حرب أهلية فالأمر لن يكون لصالح سورية وهذا لايعني بقاء القوات الأميركية للأبد في العراق وحتى الولايات المتحدة بدأت تدرك أهمية استقلال العراق ولكن الانسحاب يجب أن يكون هادئاً وتدريجياً كي لا يخلق فوضى في العراق.‏

أما بالنسبة لما حدث في لبنان فالدكتور(ليتش) يؤمن بأن الولايات المتحدة استغلت الوضع لزيادة الضغوط على سورية. والوضع في لبنان سيؤدي إلى عدم الاستقرار, ويعتقد الدكتور(ليتش) أن لسورية دوراً يمكنها لعبه في هذا المجال, وليس بالدور العسكري ولكن بما أنها جارة فيجب أن يكون هناك مستوى معين من العلاقات ويعتقد بإمكانية وجود علاقات ايجابية في المستقبل.‏

وتطرق الدكتور(ليتش) إلى الانتخابات الفلسطينية الأخيرة وقال إنه من الغريب أن الولايات المتحدة تريد نشر الديمقراطية ولم يسرها فوز حماس بالانتخابات الفلسطينية ومع ذلك ورغم الشروط التي وضعتها قبل وبعد الانتخابات, سيتوجب على إدارة بوش في ا لمستقبل تقبل حماس كسلطة فلسطينية حتى وإن لم تكن راغبة بذلك. والأمر نفسه ينطبق على حزب الله الذي ستتقبله, ولو على مضض, كحزب في لبنان.‏

وعن الأوضاع الداخلية في ا لولايات المتحدة يقول(ليتش): إن بوش يواجه مأزقاً صعباً إذ أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تدني شعبيته, فمعظم الأميركيين أدركوا أن الحرب على العراق خطأ والإدارة لا تتخذ سياسات صحيحة. واعصار كاترينا ومارافقه من أداء سيىء للإدارة قد زاد من الغضب الشعبي مع الايمان بأن (بوش) لن يحمي أميركا كما كانوا يظنون وقد نسأل هل من الممكن أن تقوم أميركا بمغامرات خارجية لكي تشغل شعبها عما يحدث في الداخل? الدكتور(ليتش) لا يعتقد ذلك, وحتى مع ايران لا يمكن للولايات المتحدة الوصول إلى أي شيء إلا عبر الطريق الدبلوماسي وعبر حلفائها في أوروبا.‏

فالولايات المتحدة إن قررت القيام بأي هجوم عسكري فإنها لن تلقى أي دعم. ولكنها ستحاول حل مشكلاتها الداخلية ولملمة أمورها وخاصة فيما يتعلق بالاقتصاد, فالتركيز سيكون على الداخل أكثر مما هو عليه في الشؤون الخارجية.‏

وأكد الدكتور(ليتش) ضرورة تحسين العلاقات الأميركية السورية, فهناك مصالح كثيرة مشتركة بين البلدين مع الكثير من امكانيات التعاون في مجالات مختلفة مثل التعاون في مجال مكافحة الارهاب ومحاربة التطرف. وبرأيه من المهم جداً في هذه المرحلة استمرار التواصل بين الأكاديميين وتبادل الحوارات الثقافية, ومن الخطأ النظر إلى إدارة (بوش) على أنها تتألف فقط من المحافظين الجدد المعادين لسورية والداعمين لمذهب بوش الاستباقي ولاسرائيل, إذ غيرت حرب العراق وما نتج عنها من مشكلات الوضع وأصبحت الإدارة الأميركية أكثر انصاتاً للأكاديميين والدبلوماسيين الذين يتخذون منحى مختلفاً تجاه سورية والسياسة الخارجية. قد لايحدث التغيير في المستقبل القريب, ولكن الدكتور(ليتش) يتمنى أن تلعب الإدارة التي ستخلف الحالية دوراً متوازناً فيما يتعلق بالشرق الأوسط وأن تفسح المجال لدولة مثل سورية للعب دور أكبر.‏

ويرى أن على سورية الاستمرار بتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة وأدائها في المجال الدبلوماسي الأمر الذي اتخذ فيه الرئىس بشار الأسد خطوات جيدة, إذ يجب أن تتحدث سورية عن قضيتها بشكل أقوى, وقد لعب ا لرئيس ا لأسد دوراً هاماً في موافقته على الكثير من اللقاءات الاعلامية, فالقيادة السورية تؤمن أن لديها نقاط قوة بينما بدأت الولايات المتحدة بفقد نقاط قوتها...‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية