تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بداية النهاية .. لفزاعة الغموض النووي الإسرائيلي

شؤون سياسية
الخميس 3-6-2010م
علي سواحة

ازداد في الأونة الأخيرة القلق والخوف لدى أوساط القيادة الإسرائيلية إزاء التطورات المتسارعة لعدم قدرة إسرائيل والولايات المتحدة على ضبط الأمور الذي تجعل الترسانة النووية الإسرائيلية خارج الرقابة الدولية كما هي عليه اليوم ومن قبل.

ولعل هذه الأوساط الإسرائيلية تعتبر أن أي دعوة لتجريد الشرق الأوسط من السلاح النووي هي دعوة موجهة بالأساس لإسرائيل كونها الوحيدة من دول الشرق الأوسط التي تمتلك هذا السلاح، ومعروف أن إسرائيل في ظل تفاهم مسبق مع الإدارة الأميركية الحالية والإدارات السابقة حول مايعرف بسياسة الغموض النووي الإسرائيلي وبشأن تأمين الحماية والدعم المعهود لهذه الترسانة من أي اقتراب بشأنها في المحافل الدولية والمنظمات الإقليمية المعنية وفقاً لعقيدة مناحيم بيغن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق والتي تقضي بمنع أي دولة ولاسيما في المنطقة العربية من امتلاك السلاح النووي ولو بالقوة، وهذا ماجرى تنفيذه منذ أن دمرت إسرائيل في عام 1981مفاعل تموز العراقي ومثل مانفذته إسرائيل العام الماضي على مهاجمة موقع سوري في دير الزور اعتقاداً منها بأنه موقع لمنشأة نووية قيد البناء.‏

لكن الأوساط القيادية في إسرائيل ومنظمات اللوبي الصهيوني مقتنعة كل القناعة أن إدارة الرئيس أوباما لن تقدم على أي خطوة تخالف التفاهمات الإسرائيلية الأميركية القائمة منذ نحو نصف قرن أو أن تذهب هذه الإدارة لمبادرات إقليمية أو دولية تجبر إسرائيل على فتح منشآتها النووية أمام الرقابة الدولية لأن الجانبين الأميركي والإسرائيلي يدركان جيداً حسب تلك الأوساط الإسرائيلية والأميركية معها بأن الغموض في الترسانة النووية الإسرائيلية هو من أهم عناصر القدرة الإسرائيلية في الردع للساعين للقضاء على إسرائيل وأن هذا الغموض أيضاً هو شرط أساسي لأمن إسرائيل في هذا المحيط العربي والإسلامي الذي يحيط بها من كل جانب، وأن واشنطن تعلم ذلك أكثر من غيرها ولذا فهي معنية بالدرجة الأولى بالحفاظ على غموض وسرية النووي الإسرائيلي وعدم السماح لأحد في التطرق إليه أو الحديث عنه، لكن رغم ذلك نشاهد اليوم في الساحة الإسرائيلية تضارباً واضحاً في الآراء حول ماينبغي فعله بهذا الشأن في ظل تزايد الضغط الدولي والعربي بشأن جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية، وعلى هذه الوقائع تزايدت في الآونة الأخيرة التقارير والدراسات في الوسط الإعلامي الإسرائيلي كي تتبنى حكومة نتنياهو سياسة جديدة للإبقاء على الوديعة الأميركية في الحفاظ على سياسة الغموض الأميركية حيال الترسانة النووية الإسرائيلية إلا أن الباحث الإسرائيلي في الشؤون الاستراتيجية، (روبين بدهتسور) يرى أن الأمور تتجه إلى نهاية سياسة الغموض النووي الإسرائيلي ما يستدعي العمل حسب قوله للمقايضة والسعي لربط ذلك بتسوية مع الفلسطينيين وليس للربط بين النووي الإيراني والإسرائيلي.‏

إذاً أياً كانت الصورة لدى الإسرائيليين حيال هاجسهم وقلقهم لأهم عامل ردع يملكونه يتعرض اليوم للخطر، ولكشف المستور عنه فإن الأمور تجري باتجاه انفلاتها من أيديهم وأيدي حليفهم الأميركي، لأن الملف النووي الإيراني يشكل دون مواربة كفة القبان الموازية للنووي الإسرائيلي وهي الكفة التي طالما تصر أميركا وإسرائيل على ضرورة الحسم معها حتى لو كان عسكرياً، لكن ذلك سيبقي عيون الآخرين مفتوحة باتجاه الترسانة النووية الإسرائيلية مهما حاولت الأطراف المعنية التغاضي عنها.‏

البروفسور الإسرائيلي عوزي ايفن وهو من مؤسسي المفاعل الإسرائيلي النووي في ديمونا يقول إن سياسة الغموض النووي عن الترسانة الإسرائيلية قد ولت، وأن على إسرائيل أن تصل إلى مكانة مشابهة لمكانة الهند بالنسبة لموقعها النووي مع الولايات المتحدة، فصحيح أن الهند لاتلوح بسلاحها النووي الذي في حوزتها إزاء الباكستان لكنها وقعت على معاهدة فيينا وجنت ثماراً دولية كبيرة وهي في نفس الوقت حافظت على سلاحها النووي وربما هذا الدرس يفيد إسرائيل كثيراً حسب قوله.‏

من أجل هذا يقول المقربون من رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو إن اهتمامه في زيارته واتصالاته مع الأميركيين هو هذه العقدة الجديدة التي قدمت عوامل التحدي لإسرائيل ولهذا يضيف البروفسور الإسرائيلي عوزي ايفن قائلاً: إن من يركب القطار المعادي لإسرائيل تزداد عرباتهم اليوم وهذا يجب أن لايغيب عن بال نتنياهو ولاسيما أن عزلة إسرائيل تتسع دائرتها يوماً بعد يوم- كما يقول-بالطبع، هذه من جملة الحقائق التي تطوق الكيان الصهيوني وهي بالتأكيد يجب أن يستثمرها الطرف العربي وألايضيعها كما ضيّع غيرها وبقي من جملة المتفرجين.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية