تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


و قد سلكنا إلى دمشق السبيلا

ثقافة
الخميس 3-6-2010م
ديب علي حسن

لا أستطيع أن أكتب عن نذير العظمة بلغة بعيدة عن المحبة والإعجاب بسيرة الرجل وإبداعه الذي أثرى المكتبة العربية بأكثر من /50/ كتاباً تنوعت ما بين الشعر والنقد وغير ذلك من العطاء في التعليم على امتداد ساحات واسعة، فهو الأستاذ الجامعي المرموق في جامعات عالمية وعربية.

نذير العظمة يدهشك بهذه الذاكرة المتقدة دائماً وأبداً وقد بلغ الآن الثمانين من عمره وهو يزداد ألقاً في حضوره الإبداعي.‏

نذير العظمة يستحق التكريم دائماً وأبداً وإننا حين نحتفي بعطائه وفكره وأدبه فنحن نحتفي بالإبداع الأصيل الذي لا يغادر الأصالة إلا ليزاوجها مع الحداثة، فهو الشجرة ذات الجذور الضاربة في الأعماق، لكن أغصانها تدنو إلى الشمس، دائماً وأبداً لا تيبس ولا تصفر أوراقها، يتجدد نسغها باستمرار ومن يتفيأ بظلها فإنه يقع على ألوان شتى من الثمر الذي يغري ولكنه مثمر عمره نصف قرن من الزمن ومع ذلك يزداد حلاوة وطراوة، في مجموعته الأخيرة (الطريق إلى دمشق) يقدم ديوان شعر للاحتفاء بسورية أرضاً وحضارة وشعباً، دمشق عنده هي بلاد الشام كلها، وكنا قد توقفنا عند هذه المجموعة حين صدورها ونشرت في هذه الصفحة وبتاريخ 8/12/2009 قراءة سريعة للمجموعة، ومنذ أسبوع احتفى المركز الثقافي العربي بأبي رمانة بهذه المجموعة الجديدة من خلال ندوة نقدية نعرضها في هذه الصفحة.‏

وكنت عام 2007م أجريت حواراً مطولاً مع الشاعر نشر بتاريخ 15/4/2007 ضمن لقاء الأسبوع، أرى أنه من المناسب أن أعيد مقتطفات مما قاله من باب التذكير لا أكثر ولا أقل.‏

طفولة قاسية‏

يقول العظمة: ربيت ونشأت في حارة كلها عمال (وشغيلة) وكانوا ينادونني دائماً -نذير بك- بيك في الهوية فقط، اشتغلت في سوق الحميدية والبزورية وسوق الهال، بعت الخضار والفواكه وتعلمت مهنة تفتيق (القمردين) وعرفت الحياة الشعبية معرفة حقيقية.‏

في دمشق تعلمت السباحة في نهر يزيد وكانت أمي حريصة على العلم ولذلك أرسلتني إلى مدرسة التجارة وهي دون أقساط لكي أستطيع أن أتابع دراستي.‏

المقابر ملاعبنا‏

وعن أيام الطفولة يقول على لسان عارف بطل أوراق عارف الدمشقي: في الليالي المقمرة نسهر في أمان، ربما كان الموتى يصيخون السمع ويندهشون لعالم الأطفال المليء بالفضول والرعب والقسوة، كما كان الأطفال يتركون الموتى بحالهم حين كان المدفع يعلن بقصفه موعد الإفطار، كان عارف وأترابه يهرعون إلى بيوتهم كالحمام الذي فاجأته بندقية صياد بإطلاق الرصاص وما هي إلا ساعة حتى يعودوا إلى مجالسهم على مصاطب القبور إذا أرخى الليل سدوله وطلعت صبايا النجوم في وهلة الدجى والقمر يرقبها متقع وجهه.‏

مواسم للكسب‏

ومن ملامح الطفولة ما يقترن بالأعياد، فبعد دغشة الفجر وبعد انتهاء الوقفة وبداية أول يوم العيد نستيقظ على النواح وكلمات النواح والبكاء والرثاء تملأ الجو من الزوار الذين مات أعزاؤهم من أمد قريب، لقد ألفنا مواكب الجنازة والعزاء لم نكن نشكو منها، بل إن العيد كان موسماً لكسب بعض القروش، فكثيراً ما كنا نخرج مبكرين صباح العيد إلى القبور الكريم ليقدم لزوار المقابر خدمات قراءة السور على روح الموتى بقروش معدودة.‏

نحو الموسيقا‏

ومن المحطات الهامة في حياته كما يقول د. العظم ميله نحو الموسيقا وكان في ميعة الشباب قد بدأ برفقة غسان الرفاعي صفدي ويشير إلى أنه كان من أصدقاء نادي الفنون وقد مثل والصفدي في إذاعة دمشق ويتوقف د. العظمة عند دور (عارف ملص) بالاهتمام بالموسيقا الكلاسيكية إذ عرفه على السيمفونية كان يحضرها وتحضر معها ثقافتها وما يحيط بها وهذا ما وسّع مدارك وآفاق العظمة.‏

وعلى يدي محمد مبارك تتلمذ أيضاً في المرحلة الجامعية وكان قبل ذلك ينهل من روائع الكتب الأدبية التي كان يستعيرها من أساتذته فقد قرأ كتباً عن النقد الأدبي والنزعة الجمالية ومدرسة (أبولو) وقرأ دوستوفسكي وروايات كثيرة مترجمة يحضرها من عند أصحابه، هذا الميل نحو الموسيقا والقراءة للأدب الروسي جعله يميل ما بين الرومانسية والواقعية.‏

إبداعي مرتبط بالحياة‏

الشعر والمسرح اجتذباني إلى عالم الإبداع وقد حملت في نفسي ملامح الحياة خزنت الذاكرة كل ما مر بها والدي ويوقفني على الطاولة ويقول: هذا وريث العظمة البطولة والتاريخ، كل هذا العنفوان النفسي الذي حصلته من الطفولة الإبداع تعرفت في طفولتي على فرقة (علي العريش) وهي فرقة استعراضية كنت أشاهد المسرح ما أعطاني نبرة المسرحي وقد كتبت الكثير من المسرحيات وقد مثلت مسرحياتي في دول كثيرة وأذكر هنا مسرحية (طائر السمر، سيزيف الأندلس) التي أخرجها أسعد فضة ولكني أقول: إن الشعر هو الذي استأثر بكل شيء عندي ولا أكتب القصة إلا إذا عانيتها وعشتها وما عشته ورويته انعكس في أدبي وإبداعي.‏

من قاسيون إلى العالم‏

وحين نتحدث عن المحلية التي تقود إلى العالمية يجيب د. العظمة قائلاً: عندما ربيت في قاسيون لم أتصور أني سأصل إلى العالم، لم أكن أظن أن طفولتي التي توزعت بين قاسيون ونهر يزيد سوف تسوقني إلى العالم المستدير، انتمائي السياسي الحضاري ونكهة العنفوان هي التي قذفتني إلى حومات الحياة الصاخبة واستدعت مني استجابات خلاّقة.‏

لقد سجنت في المزة والقلعة ولم يبق من السجن إلا التوق إلى الحرية بشكل دائم لم يستطع أحد ما أن ينزع حريتي وقد اعتدت مواجهة التحديات التي مرت بي الغربة خارج المكان جعلتني أتخرج من الجامعات الأمريكية، لقد أفادتني الجامعات كثيراً ولا أذيع سراً إذا قلت: إن عملي كأستاذ جامعي هو الذي أنقذني من الفقر لأن المبدعين يموتون جوعاً، نعم مركزي الجامعي دفع عني غوائل الحياة لقد كانت الغربة قاسية لكنها مثمرة، مثمرة في العمل والعلم والإنتاج لكنها قاسية من حيث البعد.‏

محطات في حياته‏

من مواليد دمشق 1930م.‏

 دكتوراه في فلسفة الأدب عام 1969م.‏

 ماجستير في الأدب الانكليزي 1965م.‏

 إجازة في اللغة العربية /جامعة دمشق 1954م.‏

 أمضى أربعين عاماً في التعليم الجامعي‏

في جامعات عربية وأمريكية.‏

 رئيس لجنة الملاك والترقية‏

في جامعة بورتلاند الرسمية/أمريكا.‏

 رئيس لدائرة قسم الشرق الأوسط في الجامعة نفسها.‏

 رئيس تحرير جريدة يومية بيروت (البناء)‏

ومؤسس مجلة الأدب العربية بالانكليزية‏

/اتحاد الكتاب العرب/ دمشق.‏

 من مؤسسي مجلة (شعر) ومن مؤسسي الحداثة الشعرية العربية.‏

 عضو جمعية الاستشراف الأمريكية.‏

 أشرف على العديد من رسائل الماجستير‏

والدكتوراه في الولايات المتحدة والسعودية والمغرب.‏

 اشترك في عدة موسوعات عربية.‏

 ترجمت مختارات من شعره إلى لغات عالمية‏

/الانكليزية، الفرنسية، البرتغالية، والأردية/.‏

من مؤلفاته‏

 - كتاب /شعر-دمشق 1952‏

 - جرّحوا حتى القمر- شعر /بيروت/ 1955‏

 - اللحم والسنابل /ش/ بيروت/1957‏

 - غداً تقولين كان (ش) بيروت 1959‏

 - عدي بن زيد العبادي /دراسة/ بيروت 1960‏

 - أطفال في المنفى /شعر/ بيروت 1961‏

 - الشيخ ومغارة الدم /رواية/ دمشق 1974‏

 - الخضر ومدينة الحجر /شعر/ دمشق 1979‏

 - زمن الفرات يتألق بالقلب /شعر/دمشق/1981‏

 - سيزيف الأندلسي /مسرحية/ دمشق‏

 - نواقيس تموز-شعر/بيروت 1981‏

 - طائر السمرمر /مسرحية/ بيروت/1982‏

 - المعراج والرمز الصوفي /دراسة/بيروت/1983‏

 - سيدة البحر /شعر/بيروت/1992‏

 - المرايا /مسرحية/دمشق/1997‏

 - سوناتا في ضوء تشرين /شعر/دمشق/1997‏

 - مدخل إلى الشعر العربي الحديث‏

/دراسة/ الرياض/1992‏

 - جبران في ضوء المؤثرات الأجنبية دراسة.‏

 - بدر شاكر السياب وايديث سيتويل-دراسة.‏

 - سفر العنقاء حفرية في الأسطورة/دراسة.‏

 -أوراق عارف الدمشقي /رواية‏

وسيرة ذاتية اتحاد الكتاب العرب دمشق/2007م.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية