ولكن المهاجمين عينهم من يرقص عليها.
الجادون هنا لا بد وأنهم من تنويعات العقائد أو من وارثيها، ويندرجون من اليسار الى اليمين الى الوسط، وغالباً ممن يتحدثون اللغة الفصحى على (بطحة), والبطحة بكل المقاييس هي نوع من الطيران الذي لا يتحمل جناحين مثقلين باللغة، وهم يتبدلون من زمان الى زمان ليرفعوا ذات الشعارات التي يتهاوون تحتها، فمطلع الثمانينات حين كانت الكوفية الفلسطينية معلقة فوق رقابنا فيما جيوب (الفيلد) فضفاضة وخالية، كان الهجوم قد طال عبد الحليم، والتقديس قد أتى على الشيخ إمام، ومطلع التسعينيات كانت اللعنات تنهال على زياد الرحباني بصفته خارجاً عن صومعة الرحابنة ملتحماً بالرصيف، وفي نهايات الألفية الثانية حرنا في سيلانات الأغنية أين نقف؟ وماذا نسمع وبتنا مرعوبين من إخراجنا من قوائم المثقفين وإلحاقنا بقوائم الطنبرجية، وفي كل زمان (رجال) يذهبون في تعليمنا التذوق بما يقودنا الى اللجوء نحو (ماسورة) الخياطين لنتعرف أي الجلابيب تليق بنا، وفي كل زمان أيضاً يجد واحدنا واحده اثنان في واحد:
- واحد مثقف مزموم الثياب والشفاه، ومرشد الابتسامات.
- والثاني فلتان بلا ساعة تضبط دقات قلبه.
وبكل الصراحة والمكاشفة المطلوبة فأنا واحد من هؤلاء.
بين الميكرو والميكرو أهيم بعلي الديك.
وفي الوقت الثقافي المتعالي على وقتي أسمع مارسيل خليفة.
الأول يطلق رغباتي فألتقط منه شارة أنني ما أزال على قيد الحياة، والثاني يؤكد موتي السابق وقد حدث قبل عقدين.
وها نحن اثنان في واحد يا صاحبي، أحدهما يركل الآخر ويحكي على (البطحة) اشتقاقات اللغة ويصيغ للسيف ألف اسم وعنوان، مع أنه لم يرقص رقصة السيف ولامرة ربما بسبب اكتشافه للبارود.
مشكلة المثقفين...أنهم مثقفون.
ليتنا نستبدل اللغة بكمشة طحين.