|
التفاوض مع المحتل.. على ماذا؟ شؤون سياسية وفي استقبال جوبايدن- نائب الرئيس الأمريكي- كان أمراً طبيعياً جداً من حكومة ناتجة عن كيان إرهابي اغتصابي، وإلى إعلان الشروع في بناء 112 وحدة استيطانية غرب بيت لحم (بيتا عيليت)، وهو إعلان لم يلاق من الولايات المتحدة إلا بياناً من الخارجية الأمريكية يعتبر ترحيباً إذ يقول (إن هذا ليس خرقاً لإعلان تجميد مؤقت للاستيطان)- ما شجع المحتلين على أن يفجروا القنبلة التي كانوا ينتظرون الفرصة السانحة ليفجروها- فما وجدوا إلا هذا التوقيت العجيب- وجود نائب الرئيس الأمريكي بايدن- ليعلنوا الموافقة على بناء 1600 وحدة استيطانية جديدة في القدس، احتلها الصهاينة عام 1967- في مستوطنات (رامات شلومو)، والناطق باسم حكومة نتنياهو قال: (إن القدس موحدة وهي عاصمتنا فليس هناك ما يمنعنا من بناء المزيد من الوحدات فيها) وكرر القول: (إنها عاصمتنا الموحدة وستبقى كذلك). رد الفعل الدولي كان متوقعاً (الإدانة والشجب والتذكير بقرارات دولية ترفض التغيير الديمغرافي للمحتل من الأراضي أو الاعتراف به)- دون أن يهز ذلك شعرة في مفرق صهاينة تل أبيب، العرب تنادوا لاجتماع فوري في القاهرة على مستوى المندوبين بعد (الطلب الفلسطيني) الصادر عن رام الله. ومن جديد ذكرت سورية العرب أن قرارهم السابق شجع المحتلين على التمادي في الغي، وبالتالي كان على الجميع الآن ألا يكرروا مواقف تقول إن المعلن من قرارات بناء وتوسيع المستوطنات (يقوض الثقة- يهدد المفاوضات غير المباشرة) يستبد الاستغراب بنا هنا: فلكأن (المفاوضات صارت غاية في حد ذاتها) وليست وسيلة- أو إحدى الوسائل للوصول إلى الحقوق، عليه فالمخاوف- مع مزيد من الأسف- على ما يبدو ليست على الحقوق الفلسطينية والوحدة الفلسطينية والثوابت الوطنية الفلسطينية والمقدسات الفلسطينية والأراضي الفلسطينية التي يتم نهبها وتهويدها: المخاوف المعلنة تقول: هذا يقوض (بناء الثقة)- وهو بالتالي يهدد بنسف المفاوضات غير المباشرة- وهو تحد للإدارة الأمريكية. أعجب وأغرب ما هناك يكمن في محاولة الفصل بين الحليفين الاستراتيجيين في تل أبيب وواشنطن، هل تم نسيان التصريحات التي صدرت عن بايدن في هذه الأثناء حول سياسة واشنطن التي تهدف إلى إبقاء (إسرائيل) قوية -وحصينة- ومحمية بقواتها وبقدرات الولايات المتحدة ورعايتها لها.. وإنه هنا للحشد ضد (إيران التي تشكل خطراً على العرب كلهم وليس فقط على (إسرائيل)؟ الآن ماذا يمكن أن يقال؟ المفاوضات هي عبث في عبث. المحتلون هم من يكرر لنا في كل يوم ما يؤكد أنهم ليسوا في وارد السعي إلى السلام العادل المبني على إعادة الحقوق إلى أصحابها التزاماً بالقانون الدولي وبالمواثيق الدولية وبقرارات المجتمع الدولي أيضاً. وكلما بدرت من العرب علامة ايجابية تصلب الموقف الصهيوني وطالب بالمزيد، باختصار إنهم يقولون لنا: انسحاب من الضفة غير ممكن، وحدود (إسرائيل) يجب أن تمتد من البحر إلى النهر- من حيفا إلى الغور، وأي انسحاب من القدس غير ممكن فهي (العاصمة الأبدية الموحدة لنا)- وثمة مشروعات (يبشروننا بها) تقول بخطط بناء خمسين ألف وحدة استيطانية في القدس، كذلك إن كل الأماكن المقدسة في عموم فلسطين هي (أجزاء من التراث اليهودي- وليس الأمر مقتصراً على الحرم الابراهيمي الشريف ومسجد بلال بن رباح)، حق العودة انسوه- المبادرة العربية (اشربوا ماءها المنقوع لمدة ثمانية أعوام)، ومن لا يريد أن يقتنع فليس له إلا أن يضرب رأسه في الصخر.. أو ليشرب من ماء البحر. في مواجهة كهذه وأمام استحقاقات حتمية- وعلى مبعدة أيام من قمة العرب في طرابلس، لا يبقى لنا إلا أن ننصح: بإعلان وقف نهائي للمفاوضات مع المحتلين- وعدم العودة إليها بعد إقرار مرجعيتها واعتراف المحتلين بحقوقنا كاملة- في القدس والضفة والجولان وجنوب لبنان. وإذا قيل تساؤلاً ماذا عن المفاوضات غير المباشرة بالرعاية التركية بين سورية والمحتلين؟ فالرد هو: إن سورية تعرف ما تريد والمحتل يعرف ماذا عليه أن يفعل. لم ينتظر السوريون كل هذه السنين - منذ 1967- لكي يتنازلوا عن شبر واحد من الجولان، هذه حقيقة تدركها واشنطن بعد تل أبيب، وعلى العالم الآن- بعد أن يقوي الفلسطينيون موقفهم (بالعودة إلى الوحدة الوطنية المبنية على أسس واضحة بدءاً من التمسك بالثوابت الوطنية ورفع راية الكفاح المسلح- المقاومة المشروعة والتخلي عن (خطط دايتون) بالكامل- ودعم عربي على مستوى القمة لكي تفهم تل أبيب وسواها من حلفائها أن الحد الأدنى الذي يعيد الفلسطينيين إلى المفاوضات هو إقرار المحتلين بحق الشعب الفلسطيني في الأراضي التي احتلتها قواتهم ووجوب إخلاء المستوطنات من الصهاينة، وفي مقدمتها القدس الشريف، وعلى حق الشعب الفلسطيني في العودة والتعويض بموجب القرار 194- وفي غضون مدى منظور وبإشراف دولي مباشر وصريح.. على أن يكون هذا واضحاً ومتفق عليه قبل أي استئناف جديد للمفاوضات لكي لا تكون عبثية.. وليتحرك العرب جدياً نحو إعادة النظر في (المبادرة) واتخاذ ما يلزم لحماية حقوقهم وأمنهم القومي أيضاً.
|