ففي هذه الأمسية أظهرت قدرتها في أداء الألوان الغنائية المختلفة عن بعضها كثيراً. وكانت بدايتها مع الغناء الرومانسي الفيروزي الرقيق من خلال أغنية (لملمت ذكرى لقا الأمس بالهدب). وأدتها شذى بروح حالمة كما تقتضيها الأغنية، ثم انتقلت إلى المدرسة الوهابية فقدمت قصيدة (مضناك جفاه مرقده) فتفاعلت مع كل بيت من أبيات قصيدة أمير الشعراء شوقي. بعد ذلك أجرت نقلة كبيرة في غنائها حين قدمت الأغنية الرشيقة (حبيبة أمها) التي قدمتها صباح منذ نحو نصف قرن حين رزقت بابنتها هويدا، ولحنها لها فريد الأطرش، وأدتها شذى بدفء الأم الحنون. بعدها عادت ثانية إلى الغناء الطربي الوقور، فقدمت أغنيات (أوعدك) لسعاد محمد وتلحين محمد سلطان و(هذه ليلتي) قصيدة جورج جرداق التي لحنها محمد عبد الوهاب لأم كلثوم عام 1971، واختتمت أمسيتها بقصيدة (أدمنت حبك يادمشق) قصيدة خليل خوري التي لحنها وغناها فناننا الكبير نجيب السراج منذ نحو نصف قرن.
في كل الأغنيات التي قدمتها تمتعت شذى الحايك بكل مواصفات المطربة القديرة. فقد امتلكت مخارج حروف سليمة واضحة، وبشكل خاص في الشعر الفصيح، فاستمعنا بوضوح إلى كل كلمة غنتها، وكانت تشبع الحركات كما هي في اللحن الأصلي. وكانت تتفاعل مع المعاني في المقاطع الغنائية. وهذا أدى إلى تفاعل الجمهور معها كثيراً، فمرت الساعة التي غنت بها كأنها دقائق.
شذى حايك خريجة المعهد العالي للموسيقا. وهي إضافة إلى كونها مطربة عازفة عود بارعة. شاركت بالعزف مع العديد من الفرقة. كما غنت ضمن الكورال مع عدة فرق منها الفرقة الوطنية للموسيقا العربية. وزادت هذه المشاركات من خبراتها في الغناء.
ولابد من التوقف عند الفرقة الموسيقية التي رافقتها بالعزف، والتي ضمت مجموعة من العازفين القديرين، في مقدمتهم كمال سكيكر عازف العود وقائد الفرقة وعازف الكمان رشيد هلال. وكانت الفرقة ممتازة الأداء الموسيقي، وضعتنا مع غناء شذى أمام أمسية راقية وليلة من ليالي الطرب الأصيل.