ينتمي إليها بجوارحه جميعها، ومقولته التي تختزل فكره تقول: «إنما أنا جزء من البيت الإنساني السوري على وجه الخصوص، في عروقي لا تجري إلا دماء المجتمع الذي أعيش فيه، لذلك تمسكت بما أنا عليه لوحة تصلني بما حولي»، هي دليل على نبل سريرته النقية وانتمائه لجذوره ولكل مايربطه بمسقط رأسه حماة.
استضاف المركز الثقافي العربي «أبو رمانة» معرضا وندوة احتفاء بالفنان التشكيلي نشأت الزعبي، شارك في الندوة كل من د. عبد الكريم فرج، د. محمد غنوم، والفنان التشكيلي موفق مخول الذي أعد لهذه المبادرة التي حملت عنوان «تحية إلى الفنان نشأت الزعبي»، وشارك في المعرض أكثر من أربعين فنانا تشكيليا عبر لوحاتهم تحية للفنان المكرم، إضافة إلى لوحة نادرة تمثل حرب تشرين للفنان المكرم تم العثور عليها في إحدى المدارس تعود للعام 1973.
افتتح المعرض معاون وزير الثقافة علي المبيض الذي بين أن هذا المعرض خطوة على الطريق وحلقة في سلسلة تسعى وزارة الثقافة من خلالها لتكريم الرموز الثقافية والفنية في القطر.
وأضاف: الفنان نشأت الزعبي قامة فنية هامة جدا في الحراك التشكيلي في سورية، ومن مؤسسي الاتحاد ومديرية الفنون الجميلة، وهو من الرعيل الأول، وتسعى وزارة الثقافة لتكريس تكريم القامات الثقافية لأنها منارات تضيء لنا الطريق.
وعن مشروع متحف الفن الحديث أكد أن المشروع قائم بالتعاون مع محافظة مدينة دمشق والجهود حثيثة لإنجاز هذا الصرح الذي سيضم أعمال الفنانين وحفظ إرثهم من الضياع والإهمال.
ويطلق د. عبد الكريم فرج على الفنان نشأت الزعبي لقب» الفنان الصادق» لوحته تجذب المتلقي لأنها تعطيه من ذاتها، فهو استطاع أن يخلق حوارا بين المتلقي واللوحة، كما استطاع أن يكرس لمفهوم الفن الشعبي منطلقا في ذلك من خطة مثقفة وحضارية جدا، فهو ابن القديم والجديد، ويملك القيم التشكيلية جميعها التي تبني مستقبلا جديدا للفن الحديث على أساس قاعدة الفن الشعبي والبيئة التي ينتسب إليها.
للفنان شخصية متفردة غير قابلة للاستنساخ، وفنه يشبه شخصيته فيه توازن وإحساس جميل ونبل وعقلانية، والوفاء عنوانه لبيئته ولسورية وكل القيم في بلدنا.
ويؤكد د. محمد غنوم أن الفنان نشأت الزعبي استطاع أن يضيف للحركة التشكيلية بملامحه المحلية والعروبية، تأثر بالجو الشعبي وله من الشاعرية والإخلاص لتجربته ماجعله متميزا بين رعيله من الفنانين، وهو بعد كل ذلك مدرس رائع جدا يملك ثقافة هامة جدا من الحياة، ويملك مفردات تشكيلية مهمة فيها تبسيط للشخوص والطبيعة ودمجها في جو ملحمي.
ورغم أنه يتهيب العرض لكنه ترك بصمة هامة في الحراك التشكيلي بخصوصية ميزته عن غيره وارتباطه بالأحياء القديمة التي لايزال يستمد منها لوحاته من ذاكرة بصرية قوية جدا.
ويرى موفق مخول أن الفنان الزعبي مدرسة بالإنسانية والحب استطاع من خلال لوحاته أن يقيم علاقة حب مع الناس، وشكل أنموذجا في المحبة والعطاء ووصفه بالأيقونة من حيث ربط اللوحة بالعلاقات الإنسانية.
وأكد ضرورة الاحتفاء بكبارنا وحفظ إرثهم لتعريف الأجيال بهم، وترسيخ الذاكرة الوطنية عن طريق إدخالهم في المناهج المدرسية أو تسمية مراكز باسمهم وفاء وتكريما وحفظا للذاكرة من أجل الأجيال القادمة.
ويرى الفنان المكرم نشأت الزعبي في هذا التكريم، تكريما للفنانين جميعا من خلاله، ويدل على المحبة والوفاء والثقة بما يقدم عبر مسيرته، ويصف عمله الفني بأنه لا يحتفي بمظاهر الأشياء بل ينقب عن الحقائق الشعورية فيها، والحدث ليس عابرا بالنسبة له، بل يتفاعل معه ومن ثم يعبر عنه بصدق.
وتتوازن في لوحته العاطفة والهندسة، فهو صادق مع الآخرين ويحتكم لإحساسه دائما، ونقطة التحول في حياته وفاة والدته وصديقه في طفولته المبكرة، وبات خلاصه في متابعة الأشكال، والرسم هو نوع من أنواع الخلاص، يشجعه الوالد الذي كرس حياته لرعايته.
ونصيحته للجيل الجديد أن يخرج من خلال تجربته الشخصية وليس من تجارب الآخرين، وأكد في لقائه سعادته الكبيرة بالتكريم والمحبة التي أحيط بها من قبل زملائه ومحيطه.
وفي الندوة التي أقيمت بعد المعرض قدم السيد علي المبيض معاون وزير الثقافة شهادة تقدير باسم الوزارة للفنان نشأت الزعبي، وأجمعت المداخلات على القيمة الفنية التي استطاع الفنان أن يكرسها في أعماله التي كانت تشبهه في صدقها وما تبثه من الحب والدفء الإنساني في نفس المتلقي وروحه.