اعتادَ الفلاّحُ أن ينثرَ البذورَ في أرضِهِ ليَستنبتَ منها نباتاتٍ جميلةً ونافعة. كان يوزِّعُ في أماكنَ شتّى من أرضِهِ مصائِدَ ليصْطادَ بها الفئران التي تلتهمُ البذورَ وتخرِّبُ الأرض.
ذاتَ يومٍ أتى الفلاّحُ ، فوجدَ مصائدَهُ قد التقطَتْ عدداً من الفئرانَ وسنجاباً واحداً. أقعى الفلاّحُ قريباً من السّنجاب وقالَ لهُ:" حتّى أنت؟!". ابتسَمَ السّنجابُ بلُطفٍ وقال:" أرجوكَ يا سيّدي. دعْني أذهَبُ طليقاً. أنا لسْتُ فأراً، ولا أنتمي لفئَةِ الفئرانِ البشعَةِ السّيّئةِ والمكروهة. أنا من سلالَةِ عائلةٍ كريمةٍ ومتميّزةٍ وعريقَة".
عبسَ الفلاّحُ وقالَ لهُ:" حقّاً. إنّكَ لسْتَ فأراً. ولكنّني قبضْتُ عليكَ مع الفئرانِ التي تسْرُقُ وتعيثُ فساداً".
حوار
حطَّتْ فراشةٌ صغيرةٌ على صخرةٍ ناتئة قُرْبَ بحيْرة. كانت تبترِدُ من حرِّ الصّيْفِ اللاّهب. شاهدَها من بعيدً جُرَذٌ كبير. قالَ لنفسِه:" ستكونُ هذهِ الفراشَةُ وجبةً سريعَةً لي". اقتربَ منها وقالَ بحدَّة:" حانَ وقتُ معاقبَتِكِ على جرائمِكِ المتكرِّرة". قالتِ الفراشةُ:" وماذا فعلْتُ!!". أجابَ الجُرَذُ:" في كلِّ يومٍ تقلقينَ راحتي بطنينِ جناحيكِ". قالتِ الفراشَةُ متعجّبةً:" ولكنّ أجنحَتي لا تُصْدِرُ أصواتاً البتّةَ". تابَعَ الجرذُ:" ومنذُ أشهرٍ وأنتِ تسطينَ على طعامي". أجابتِ الفراشَةُ مندهشَةً:" لكنّني لا آكُلُ طعامَ الحيواناتِ الكبيرة!".
غضِبَ الجرَذُ وصاحَ بصوتِهِ الحادّ:" في العام الماضي شتمتِ أهلي وعائلَتي أمامَ الجميع". شهَقَتِ الفراشَةُ عجباً وقالتْ:" لكنّني في العامِ الماضي لم أكُنْ قد خُلِقْتُ بعد". صاحَ الجُرَذُ غاضباً:" قدْ يكونُ ذاك أخوكِ أو ابنُ عمِّكِ الذي يشبهُكِ". وانقضَّ الجُرَذُ على الفراشةِ الصّغيرةِ والتهمها.