وهو أكبر حشد منذ العام 2004, أي تاريخ المؤتمر السابق للجمهوريين. أما الإعصار غوستاف والذي هدد جنوب الولايات المتحدة وغربها, وفرار السكان من ولايتي لويزيانا وميسيسيبي, فقد تكفل هو الآخر في غياب الزخم الإعلامي والحضور الشعبي عن هذا المؤتمر, فقد ذكّر هذا الإعصار الأميركيين بمأساة إعصار )كاترينا( قبل ثلاث سنوات. وقد ركز الإعلام الأميركي جهوده على غوستاف ولم يتسن له أن يقوم بحملات وتغطيات كافية لهذا المؤتمر, كما ألغى الرئيس بوش وزوجته لورا خطابيهما أمام الجمهوريين في سانت بول.
ولكن عموماً, فإن الشهرين القادمين ستبقى فيهما حظوظ المرشحين, الديمقراطي باراك أوباما, والجمهوري جون ماكين تتأرجح صعوداً وهبوطاً, رغم أن استطلاعات الرأي الحالية تعطي الأرجحية لأوباما إلى الآن.
لقد اختار المرشحان نائبيهما, فماكين اختار سارة بالين من ولاية صغيرة مغمورة, وهي محدودة المعرفة بالشؤون الداخلية ولا تعرف شيئاً عن السياسة الخارجية, لكنها يمينية متشددة تؤيد حق الأميركيين في حمل السلاح وتعارض الإجهاض, وحسب ما يقال فإنها تجمع بين سياسة نائب الرئيس الحالي ديك تشيني وخبرة دان كويل.
هذه المرأة الشابة -أصغر من أوباما بثلاث سنوات- وهي أم لخمسة أولاد وملكة جمال سابقة وحاصلة على دبلوم في الاتصال الإعلامي سوف توازن مع ماكين الكهل والبالغ من العمر 72 عاماً -عمر بالين 44 عاماً- المرشح الديمقراطي -47 عاماً- ونائبه السيناتور المخضرم جو بايدن -وهو الذي زاد وقار الشيب من حضوره السياسي- وهوالعارف بالشؤون الخارجية.
إذاً نحن أمام لوحة إنتخابية متكافئة -كما يقال- مرشح شاب لا سياسي كهل من جهة, وفي الجهة المقابلة مرشح تجاوز الكهولة ومعه نائبة شابة.
ولو تجاوزنا قصة السن, فإن أوباما وإلى الآن, وحسب الأرقام, يبدو متفوقاً على ماكين, فقد استمع لخطابه 40 مليون متفرج أميركي -وهذا رقم قياسي- في الولايات المتحدة. وإذا علمنا أن المرشحين متفقان إلى حد بعيد في السياسات الداخلية, مثل موضوع )الاستقلال النفطي(, بمعنى الاعتماد على الإمكانات المحلية والبحث عن طاقة بديلة للنفط. 0فأوباما يؤيد استثمار مليارات الدولارات للبحث عن مصادر بديلة للطاقة الحالية, أما ماكين فيؤيد البحث عن النفط في البحر والمناطق المحمية مثل آلاسكا. وإذا لم نتحدث عن قضايا خلافية أخرى مثل الإجهاض وحمل السلاح والرعاية الصحية و...إلخ يبقى أمامنا قضايا السياسة الخارجية, وهي الأهم بالنسبة لنا. لكن يبدو المرشحان في تنافسهما لكسب ود إسرائيل وتأييد اللوبي الصهيوني, في مركب واحد.
أما بالنسبة للعراق فمواقفهما مختلفة, فأوباما يكرر مطالبة الانسحاب من العراق في غضون 16شهراً ويدعو لتعزيز القوات الأميركية وقوات الناتو في أفغانستان, كما أنه وفي مناسبات كثيرة ألمح إلى ضرورة التعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى, والتي تجاهلتها تماماً إدارة بوش, بل وتجاوزتها وانتهكت القانون الدولي والاتفاقات المعقودة.
ولا ننسى أن أوباما يؤيد حواراً مع إيران,رغم عدم استبعاده للخيار العسكري. بالمقابل فإن ماكين يؤيد زيادة القوات الأميركية في العراق و يعارض جدولة الانسحاب ويهدد إيران, وهكذا فإن المرشح الجمهوري يتبنى سيايات المحافظين الجدد, الذين يريدون فرض الهيمنة الأميركية على العالم, والحؤول دون ظهور منافسين محتملين للولايات المتحدة. فماكين بسياساته المعلنة يؤيد عودة الحرب الباردة, فقد دعا لطرد روسيا من مجموعة الثماني, ويطالب بعزل الصين عالمياً.
لكن من الواضح, وقبل شهرين من تاريخ الرابع من تشرين الثاني القادم وهو أول يوم ثلاثاء من الشهر الحادي عشر وحسب التقليد الانتخابي الأميركي, يبدو واضحاً أن حظوظ أوباما للفوز أكبر مما هي لماكين. لقد استطاع بوش وإدارته من المحافظين الجدد أن يكسبوا عداء العالم بسياساتهم الرعناء, كما أن الأوضاع الداخلية الأميركية ليست بأحسن حال, وبالتالي فإن أوباما يبقى خياراً أفضل بالمقارنة مع ماكين داخلياً وعالمياً. في وقت تسعى دول مثل روسيا والصين لمنافسة أميركا في الزمن المقبل أو ربما يلحق بهما الإتحاد الأوروبي والهند والبرازيل,... فهل تشهد الانتخابات الأميركية مفاجآت جديدة أم أن حظوظ أوباما بالفوز تبقى الأقوى?!.