إذا استمرت الولايات المتحدة الأميركية بعزمها على نشر الدروع الصاروخية في أوروبا الشرقية والسؤال الذي يواجهنا اليوم هو هل نحن على أبواب حرب باردة أم لا? إذ إن زيارة وزيرة الخارجية الأميركية غوندا ليزا رايس إلى جورجيا في منتصف تموز رسالة واضحة على تأييد أميركا لجورجيا ذات الميول الغربية والطامحة للانضمام إلى الناتو
لكن وعلى الرغم من كل الآمال التي عقدت على بداية جديدة لعهد جديد بعد تسلم الرئيس ديمتري ميدفيديف زمام السلطة تبين أن الرئيس الجديد يسلك ذات الطريق الذي سلكه سلفه فيما يتعلق بالسياسة الخارجية على وجه العموم ويبدو أن الرئيس الجديد عازم على المضي في تدمير الأهداف الأميركية وقد اتضح ذلك عندما سارعت روسيا إلى الموافقة والأمم المتحدة على فرض عقوبات على زمبابوي هذا بالإضافة إلى دعوة الرئيس الروسي قبل شهر واحد من انعقاد قمة الثماني إلى إعادة توجيه نظام الاقتصاد العالمي بعيداً عن السيطرة الأميركية زاعماً أن نظام العالم المالي لا يمكن أن يعتمد على عملة واحدة ودولة واحدة, إن ذلك يعني أن طائر العنقاء قد انبعث من الرماد وأن روسيا التي اعتمد بوتين في إعادة بنائها خلال السنوات الثماني المنصرمة على ثرواتها الهائلة وعلى تصدير الأسلحة للدول الأخرى قد استعادت ثقتها, فها هو الكرملين يعمل جاهداً على تقليص حجم التأثيرات الغربية على الدول المجاورة في الوقت الذي اختار فيه الرئيس الأميركي الحالي تجاهل التحريض الروسي ومواجهته دون إثارة أي ضجيج يذكر أما جون ماكين فقد أعلن بأنه ,سيعمل ما بوسعه على طرد روسيا في مجموعة الثماني بينما أعلن أوباما في أكثر من مناسبة أنه سيكون أكثر تشدداً فيما يخص قضايا السياسية الخارجية وحقوق الإنسان وبكل الأحوال نجد أن الهوة تتسع ما بين البلدين حتى باتت بحاجة إلى معالجة مختلفة وجديدة من قبل إدارة أميركية جديدة لكن قد يكون من الممكن أن نضع يدنا على نقطة التقاء في تصريحات المبعوث الروسي ديمتري روغوزين إلى الناتو فقد اعتاد الأخير على إلقاء اللوم على الحلفاء الذين يسعون إلى محاصرة روسيا وقد أعلن مؤخراً أن الرئيس الروسي سيقترح في شهر أيلول على خلق نطاق أمني مشترك يمتد من فان كوفر إلى فلاديفو ورغم أنه لم يدل بالكثير من التفاصيل إلا أن ذلك يشير إلى أن موسكو تسعى للحصول على صفقة كبيرة من الغرب كمشاركة وتعاون أمني عبر القارات مقابل إبقاء النفوذ الروسي على دول الاتحاد السوفييتي السابق وهذا يعني أن تتخلى الولايات المتحدة عن تأييدها لبعض الدول لتبقى تحت السيطرة الروسية وأن يتوقف الاتحاد الأوروبي والناتو عن التوسع لكن إذا كان هذا هو الهدف الروسي حقاً فهذا يعني أن الغرب لن يحصل على أكثر من فتات ومن الأجدى أن تسعى الولايات المتحدة الأميركية بالاتفاق مع الأوروبيين للبحث في الأمر من أجل الوصول إلى توقيع اتفاقية مع روسيا تخدم مصالح الطرفين وتكون فيها الحصص متساوية فهل تتمكنان من فعل ذلك?