الباحث منير كيال توقف عند بعض مظاهر استقبال شهر رمضان المبارك في دمشق ويمكن الإشارة إلى الخطوط العريضة حيث يستقبل القوم هذا الشهر بتقاليد موروثة تبدأ بتقاليد إثبات مولد هلال الشهر وهذه تلتزم بأسس محددة ففي ليلة الثلاثين من شهر شعبان يجلس القضاة والعلماء والوجهاء في المسجد الاموي خلال الساعات التي يتوقع فيها ظهور الهلال لإعلان الصيام.
وكان القاضي الشرعي ومجلسه في دمشق يبقى في المحكمة الشرعية حتى ساعة متأخرة من الليل بانتظار من يثبت مولد هلال الشهر فإن كان الاثبات فإن القاضي يتأكد من الشهود عن حقيقة مولد الهلال من حيث شكله وحجمه واتجاه ومكان المشاهدة ووقتها , فإن توافق ذلك مع الميقات والشكل الفلكي للهلال يجري التشاور في مجلس القاضي ويعمم ذلك وتنار المساجد ويخرج المسحرون للبشارة, وينفض الوجهاء كل إلى حيه ليبادر المنادون بقرع الطبول وإعلان الصوم.
وتنعكس روحانية رمضان على الحياة العامة فيترفع القوم عن ملاهي الحياة وينصرفون إلى الطاعات وارتياد المساجد وتسود المدينة خلال هذا الشهر صلات اجتماعية فريدة من نوعها, ففي مساء أيام الاسبوع الاول يتزاور أفراد العائلة الدمشقية للتهاني والتبريك ويكون أول لقاء لهم عند إعلان مولد الهلال لدى مجلس عميد العائلة ( كبيرها) ويقبلون يده مهنئين مباركين.
وإذا صدف ومر الاسبوع الاول من الشهر, ولم يقم أحدهم بهذا الواجب فإن عميد العائلة يشعر بعدم الرضا والارتياح لأن من حقه على أولاده وأحفاده هذه الزيارة ,يلي ذلك لبقية الأهل والجوار والصحب وتستمر هذه الحال عدة أيام.