تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تكريزة دمشق وشعبونية طرابلس ونابلس

رمضانيات
الخميس 4/9/2008
محمد قاسم الخليل

بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك يتحدث بعض متتبعي التقاليد والعادات عن تقليد شعبي أطلق عليه تكريزة رمضان وحدده بعضهم

بيوم أو يومين في آخر شعبان , ويذكرون أن أهل الشام يستبقون شهر رمضان بنزهات إلى خارج المدن يروحون بها عن أنفسهم , ويتناولون الأطعمة اللذيذة التي سيحرمون منها نهار رمضان .‏

ويتحدث الباحثون في التقاليد الدمشقية وكأن التكريزة تقليد اختص به أهل دمشق , ولكن المتتبع للعادات والتقاليد في بلادنا يلاحظ هذا التقليد موجود في كثير من المدن السورية وإن لم يأخذ هذا التقليد ذات الاسم الدمشقي , كما نجد هذا التقليد في كثير من المدن العربية , ويطلق عليها اسم شعبونية في نابلس فلسطين وطرابلس لبنان .‏

عند البحث عن معنى كلمة تكريزة في اللغة , يجب أن نضع في اعتبارنا أنها عامية , ومن الملاحظ أن الاخوة الأقباط في مصر يستخدمون لفظ تكريزة أيضا على السيران , وقد عثرت على هذه اللفظة في بعض المواقع الإلكترونية عند الحديث عن الزيارات والسياحة الدينية .‏

وأعتقد أن لفظ تكريزة من الألفاظ السورية والمصرية القديمة بدلالة استخدامها حتى الآن , وبالبحث في جذرها اللغوي نعيدها إلى لفظ ( كرز ) وربما استبدلت الزاي بالجيم فيكون أصلها ( كرج ) وهذه اللفظة مستخدمة عاميا في دفع مركبة تقوم على دواليب , ومنها اسم ( كريجة ) على عربة للأطفال , ويكون مصدر الكلمة تكريجة , وباستبدال الجيم بالزاي تكون تكريزة .‏

ويأخذ السيران في شهر شعبان اسما مختلفا عند أهل بعض المدن السورية , وقيل لي إنهم يطلقون على السيران الذي يسبق رمضان اسم شعبونية في شمال سورية , وتستخدم لفظة شعبونية أيضا في بعض المدن العربية عرفت منها طرابلس الشام ونابلس فلسطين , ولا تحتاج كلمة شعبونية إلى البحث عن جذرها اللغوي , فمن الواضح أنها منسوبة إلى شهر شعبان .‏

ولا يزال تقليد الشعبونية قائما حتى الآن في نابلس , ولكن بسبب الاحتلال الإسرائيلي لا يخرج أهالي نابلس خارج المدن , واستبدلوها بالزيارة العائلية , وغالبا يستقبل كبير العائلة كالجد أولاده وأحفاده مع زوجاتهم وأطفالهم , ويغلب أن تكون الشعبونية النابلسية يوم العطلة الأسبوعية الجمعة.‏

وكانت التكريزة في دمشق تحمل صفة عائلية أو على شكل جماعات من الأصدقاء الشباب , حيث كانوا يخرجون إلى مصايف الربوة ودمر والهامة الأقرب إلى دمشق وقد يبتعدون إلى عين الفيجة وأشرفية الوادي وبسيمة , ويفضل أكثرهم الجلوس على ضفاف الأنهار كنهر بردى وينابيع بقين والزبداني , ومن لا يستطع أن يبتعد عن دمشق مسافة طويلة يذهب إلى البساتين القريبة مثل المزة وكفرسوسة و الشاغور .‏

وكان الاستمتاع الأكبر في هذا السيران للرجال والأطفال ,لأن النساء ينشغلن بإعداد الطعام وربما يقضين النهار كاملا في إعداده بينما يقوم الشباب باللعب بورق الشدة و(طاولة الزهر) , وقرقعة الأركيلة وقد يساهم بعضهم بإعداد الطعام مع النسوة .‏

و تختلف نوعية الطعام في التكريزة عمّا يؤكل في رمضان, ويفضلون أطعمة تحتوي على زيت الزيتون كالمجدرة واللوبية والتبولة والفتوش , ومقالي البطاطا والباذنجان والكوسا , وبعضهم يتناول مشاوي كالكبد والطحال والكلاوي .‏

وغالبا ما تكون تكريزة الدمشقيين في أشهر الصيف , أي في مثل هذه الأيام , وقد تبدأ التكريزة في منتصف شعبان , و ما يزال هذا التقليد قائما وإن لم يأخذ نفس الاسم , بل ويصبح السيران يوميا عند بعض الشباب والعائلات الميسورة حتى في رمضان , حيث نلاحظ أن المطاعم القائمة في دمر والهامة وحتى الزبداني تغص بالزوار في فترة الإفطار .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية