قد اعتبر في كتابه الميديا والمجتمع أن القرن العشرين قد انتهى قبل نهايته الفعلية بعشر سنين ذلك إن سقوط جدار برلين أعلن نهاية الشيوعية وذلك ما أكدته استقالة غورباتشوف عام 1991 , بذلك دخل العالم عصرا جديدا غير فيه اتجاهه ومعه وسائل الاتصال الجماهيري , وإذا كان النظام العالمي الجديد قد وجد ترجمته عندنا في النظام الإقليمي الجديد فإن هذا العصر الإعلامي الجديد وجد ترجمته في الثورة الإعلامية العربية وخاصة الفضائيات لتأتي ولادة هذه الأخيرة على سرير حفر الباطن (الفضائية المصرية )ومن بعدها الفضائية السعودية .ومع التنافس السريع للمحطات كانت الفضائيات تتوالد كالفطريات على مدى الساحة العربية ,بل أن طوفان التفاهة والسطحية في كل شيء (من الفن إلى الثقافة إلى السياسة إلي البرامج الحوارية إلى الإعلان كان يهدف إلى تسويق الثقافة الاستهلاكية الأميركية ) ..
دور المثقف :
ربما يلخص دور المثقف في هذه المرحلة ب (حراسة الشعلة ) ذاك إننا في مرحلة صعبة من تاريخنا ,احتلالات ونهب ثروات , انتهاك السيادة العامة , تشظ داخلي وعلى أكثر الأسس تخلفا وتناقص الوزن الخارجي حتى الالغاء مع اقتراب صورتنا في هذا الخارج بملامح الأرهاب ,غير أن قوى الوعي والمقاومة لا تزال موجودة ولا تقتصر في خوض حربها المرة للخروج من النفق .
التقاطع والتحدي :
إذا كان التطور الذي وسم الأقليمي الجديد القائم هو ظهور الفضائيات العربية فإنه لم يكن صدفة تاريخية لا ولاهو تطور طبيعي لمجتمع صناعي ,ليبرالي وديمقراطي ,إنه نتيجة وترجمة التطورات التاريخية التي تسم نهاية قرن وبداية آخر غير أن دور العالم العربي لم يكن هذا الفضاء الواسع والغني بالثروات الطبيعية بموقعه الاستراتيجي والأرث الثقافي والتاريخي الألفي فاعلا حيا في الميكانيكية الدولية هذا في حين تشكل الديموغرافيا إحدى ميزاته وإحدى مشكلاته في آن معا .
لذلك فإن خصخصة وسائل الاعلام وليبراليتها وامتدادها الفضائي لم تعكس إلا خوض سياسة كما عكست الصراعات المحلية والإقليمية والدولية , ففي غياب دولة القانون تصبح الليبرالية من دون حرية ,في واقع يفرض فيه إرث الاستعمار العثماني ثم الاوروبي أمرين واقعين :
1- تجزئة الأمة إلى دول ودول مصغرة تتنافس كل منها مع الأخرى
2- إرساء أنظمة غير ديمقراطية ثيوقراطية .
مع النظام العالمي الجديد , الهيمنة الأميركية أصبح الحفاظ على البقاء عبر السيطرة على المال ووسائل الانتاج ,الخيار الأكثر فعالية .
وكانت وسائل الاعلام التلفزيونية الخاصة أداة ممتازة لتطبيق هذا المبدأ حيث تلتقي فيها مصالح القوى المهيمنة مع مصالح الأنظمة والنخبة المالية لذا فإن تعدد هذه الوسائل يلبي عدة أهداف :
- تشجيع استيراد التقنيات , المعدات في فضاء جغرافي يستورد كل شيء
- ربط الرأس المال العربي بالمتعددة الجنسيات .
- تشجيع النمط الاستهلاكي .
- إرساء ثقافة الرداءة وتعميمها .