وفي هذا الاطار قام ثلاثة من الكتاب والأساتذة الألمان بإصدار كتاب عنها وهم : د. أنطون ايشير , أستاذ الجغرافيا في جامعة مايندس , وكارميلا فافنباج أستاذة الجغرافيا في جامعة ميونيخ , والأستاذ فارنر أرنولد أستاذ جامعة اللغات السامية في جامعة هايدلبيرغ .
وعن الكتاب قال أرنولد : منذ بداية الثمانينات ونهاية التسعينات , أتردد الى بلدة معلولا , انها بلدة ساحرة , من ناحية العمارة , وأسلوب الناس في الحياة , وعندما اجتمعنا ثلاثتنا وجدنا أنها تستحق أن نكتب عنها بلغتنا.
وذكر د . ايشير : ان الكتاب لا يتحدث بلساننا وإنما بلسان أهل معلولا , ومن خلالهم سيتعرف الغرب على معلولا وليس من خلالنا , لا سيما أن كل الأدلة السياحية , الموجودة في ألمانيا كتبت بأسلوب واحد , بينما كتابنا حرص على سبر آراء الناس , بمختلف شرائحهم الاجتماعية ومكانتهم الدينية في بلدتهم , وحتى آراء أشخاص يعيشون خارجها سواء في دمشق أم بيروت أم في بعض الدول الأجنبية , وعلاقتهم بها حالياً ,
وأشار د. أرنولد إلى أن القرية الفلاحية لم تعد مجرد مركز ديني , وانما هي مركز سياحي مهم بالنسبة لكثير من الأوروبيين , فهي المكان الذي يعد هو المكان الوحيد في العالم الذي ما زال يتحدث اللغة السريانية , وهي لغة السيد المسيح , وهي قرية يصفها الغرب بالقرية الزرقاء , لكن معلوماتهم ليست دقيقة , لذلك أردنا رصد الحياة والواقع الحقيقي ,لاهل المنطقة فالتقينا حوالي 80 شخصاً تحدثوا عن العلاقات الاجتماعية , بالإضافة إلى الأطفال , أردنا رؤية معلولا بعيون الناس والمنظر الداخلي لها , وليس من الخارج .
ومن ملاحظات د. ايشير أن معلولا ينقصها الكثير, وهي بلد فقير جدا , ينقصها المياه , مما يضطر سكانها الى الهجرة للعمل خارج سورية , والعمل بالأفران ,
في باب توما , بيروت , فرنسا , وأمريكا وذلك منذ الخمسينات , وأكد ايشير أن أهلها قاموا بتلوين بيوتهم نتيجة خوفهم خلال مرحلة عدم الاستقرار السياسي في سورية في خمسينيات القرن الماضي بالأزرق , وقد ترسخ هذا اللون في أذهان السياح الأوروبيين عن معلولا , وتغييره سينعكس سلبا على السياحة , وللأسف هذا ما يلجأ إليه أغلب السكان الآن .
وأضاف ايشير : دمرت الحرب المانيا , وقضت على كل الأماكن القديمة , وحل محلها أبنية بيتونية حديثة , لذلك هناك شعور لدى الألمان بالحنين الى كل ما هو قديم وأثري , يرون في معلولا هاجسهم القديم.
أما د. أرنولد فيؤكد أن على اهل معلولا المحافظة على قريتهم , ورغم أنهم يذهبون للخارج , الا أنهم متعلقون بها وهناك سمة خاصة لدى المغتربين هي أنهم يعودون الى معلولا يبنوا بيوتاً صيفية , وكما قال أحد الأشخاص أن قلبه معلق بها , وان مات , فهو يأمل أن يموت في بلده.
ومن جهة أخرى أكد الكتاب الثلاثة على ضرورة منع البناء العشوائي في بلدة معلولا حتى تبقى معلولا قبلة للسياح . وعن السبب الذي دفع الكتاب الثلاثة إلى تأليف كتاب عن معلولا باللغة الألمانية أجاب د. ايشير : ) نحن عشنا فترة لابأس بها في معلولا , وعشقت هذه البلد , وأردنا أن نبين الوجه الحقيقي لأهل سورية , ونؤكد أنه شعب مضياف , وطيب , ومسالم , والأهم أردنا أن نبين أن معلولا هي نموذج للتعايش السلمي بين المسيحي والمسيحي , وبين المسيحي والمسلم , ويجب أن يحتذوا بها في الغرب , لا سيما ان لدى الأوروبيين أفكار مسبقة غير جيدة عنه , ويعرفوا ان السوري انسان حضاري , ولا يعيش في الظلمات , بل يعيش في نفس الزمن الذي يعيشونه , ويواكب الحداثة والتطور التكنولوجي , والأهم أن له هوية وخصوصية تميزه عن غيره .
يذكر أن معلولا قرية في جنوب سوريا تبعد 50 كم شمال دمشق. مبنية على سفوح هضاب تحيط بها من كل جانب. يعود تاريخها إلى القرن العاشر قبل الميلاد. سكان معلولا من المسيحيين الروم الكاثوليك الذين ما زالوا حتى اليوم يحتفظون بلغتهم, الآرامية لغة السيد المسيح. في القرية دير مار سركيس, كنيسة بيزنطية وأضرحة منحوتة في الصخر. فيها أيضاً دير مار تقلا للمسيحيين الأرثوذكس وكنيسة حديثة تابعة له. تعود تسميتها في المعجم السرياني إلى )معلا(, وتعني المكان المرتفع أو الهواء العليل.