|
تعيينات المهندسين...بين التزامات الدولة وإلزام المؤسسات مجتمع إلا أن شكاوى عديدة, وصلت إلى حد البكاء, وردت إلى جريدة الثورة,من قبل مهندسين ومهندسات لم يشملهم هذا الفرز, ويرغبون في التعيين باختصاصاتهم ضمن دوائر الدولة, إلا أن هذه الدوائر لم تعلن حاجتها إليهم ما يعني بشكل من الاشكال فك الالزامية عن تعيين المهندسين- ( ولو رغبوا) - الأمر الذي خلق مشكلة لهؤلاء عددهم غير قليل فأغلبهم راح يواجه البطالة السافرة أو المقنعة - لا فرق- إذ لم يجد فرصة عمل لافي القطاع العام الذي تخلى عنه, ولا المشترك الذي تنكر له وأخذ يفرض عليه شروطه التعجيزية ولا حتى الخاص الذي يشترط ( 5 سنوات) خبرة من أجل التعيين ( حسب قانون مزاولة المهنة) فماذا يفعلون?! بعضهم -وهو في حكم المضطر للعمل- قبل بأي عرض للعمل ما يعني فاقدا مهما في حاصلات التخرج بأرفع مستويات التعليم العالي كما شكل ذلك عقدة عند الكثيرين من الطلاب فأحجموا عن الإقبال على اختصاصات الهندسة, خوفا من بطش غول البطالة على نحو ما حصل مع الدفعات التي سبقتهم بالتخرج. في حين أخذ يتوجه البعض إلى السفارات المختلفة ( عربية أو أجنبية ) يستجدون أية بارقة أمل ولا أمل لأن الخبرة مطلوبة وخبرتهم معدومة ولأنهم لم يمارسوا أي عمل من قبل. فما العمل?! عادوا أدراجهم إلى المعنيين في رئاسة مجلس الوزراء, وفي وزارة التعليم ليناقشوهم في الحال الذي وجدوا أنفسهم فجأة فيه.. فماذا حصل معهم? لنتابع معا هذه الشكوى التي وصلت إلينا منهم - في بريد المجتمع- إذ كتبوا إلينا يقولون: تم صدور مرسوم تشريعي بفك الإلزامية عن المهندسين دون تحديد الدفعات المعنية بهذا المرسوم علما أن هذا المرسوم قد صدر بعد تخرج دورة الفصل الثاني (الدورة الأساسية) للعام الدراسي 2002-.2003 وفي الشهر الثاني من عام 2003 تم فرز المهندسين المتخرجين في الدورتين الفصليتين للعام الدراسي 2002 - .2003 حيث تم فرز المهندسين الذين معدلاتهم فوق 60% وتم تجاهل المهندسين الباقين. وبعد انتظار سنة كاملة من الفرز الأول كانت الصدمة والخيبة المريرة بصدور الفرز التالي الذي تم في 28/2/2005 والذي شمل الدورات التالية: - الدورة التكميلية للعام .2003 - الدورتان الفصليتان للعام الدراسي 2003- .2004 وقد تم بموجب هذا الفرز تعيين كافة المهندسين المتخرجين في هذه الدورات دون أخذ المعدل بعين الاعتبار, ودون أي أسس واضحة. وبالتالي تجاهلوا في قرار الفرز المذكور, المهندسين المتخرجين في الدورتين الفصليتين للعام الدراسي 2002-.2003 والذين معدلاتهم تحت 60% رغم أنهم الأولى ممن شملهم قرارالفرز من الناجحين في الدورة التكميلية للعام .2003 في رئاسة مجلس الوزراء ويتابع المهندسون ( أصحاب الرسالة) القول: عندما ذهبنا إلى رئاسة مجلس الوزراء, حيث تم الفرز للاستفسار عن مصيرنا لم يجيبونا بشيء يذكر وأرسلونا إلى وزارة التعليم العالي التي يفترض أن تقدم لنا - ولو اضاءات بسيطة- إن لم تقدم التفاسير المطلوبة... وفي وزارة التعليم العالي أحبطنا لأنه لا أحد يعرف شيئا لا وكيل شؤون الطلاب ولا معاوني الوزير وربما حتى الوزير وراح الجميع يوجهنا إلى مرمى رئاسة مجلس الوزراء مجددا. وقد حاولنا إفهامهم أنه سبق لنا أن ذهبنا وسألنا ولم نستفد ولكن عبثا نقول فعدنا - والعود أحمد- إلى رئاسة مجلس الوزراء فقدمنا طلبات اعتراض على هذا الفرز الجائر وتلقاها الموظفون بنظرات هازئة وابتسامات ساخرة وعلقوا: أننا لن نستفيد شيئا وأن هذه الاعتراضات لن ينظر بها أحد. فحاولنا بعدها أن نرى أحدا من المعنيين بهذا الفرز ولكنهم أخرجونا من غير مطرود فتوجهنا إلى الباب الثاني لرئاسة مجلس الوزراء وقالوا لنا : ممنوع التجمعات هنا فهذا الباب رسمي وذلك لايليق, قلنا لهم: (ياشباب نحن مابدنا نتجمع بس خلونا نشوف حدا) ولكن.. لا تعالج ولما رفضنا المغادرة استدعوا كبيرهم الذي هددنا بدوره باستدعاء من هو أكبر إذا لم نذهب بالذوق من غير مطرود فذهبنا والسؤال غصة في حلوقنا : لماذا تجاهلنا قرار الفرز على هذا النحو الجائر وتركنا نتخبط هنا وهناك لنضرب رؤوسنا في نهاية المطاف بعرض الحائط بعدما أخفقنا في التوصل لمن يملك الجواب. مع المعنيين سؤال موجع تركه بين أيدينا بيأس مطلق, المهندسون الذين لم يشملهم قرار الفرز رغم رغبتهم الملحة في التعاقد مع الدولة والعمل تحت جناحها في أي مكان أو محافظة كانت مهما نأت وبعدت!! وبدورنا حملنا مفصل هذه الشكوى وتوجهنا بها إلى في رئاسة مجلس الوزراء.. لنعلم أن هذه الشكوى فيها الكثير من المغالطات والتجني وتحتاج إلى مراجعة وتدقيق في المعلومات وتصحيح.. فالمرسوم رقم /6/ نظم هذه العملية بالتعيين وفق احتياجات الجهات العامة من المهندسين من مختلف الاختصاصات وقد تم إجراء عملية الفرز لتلبية هذه الاحتياجات وفق هذا المرسوم الناظم لآلية الفرز على النحو التالي: أولا- تم استيعاب جميع المهندسين الذين تقدموا بطلبات للتعيين من الاختصاصات التالية: 1- معلوماتية 143 مهندسا. 2- الهندسة الكهربائية بجميع اختصاصاتها: 823 مهندسا. 3- الهندسة البتروكيميائية بجميع اختصاصاتها : 247 مهندسا. ثانيا- تم استيعاب جميع المهندسين الذين تقدموا بطلبات للتعيين من مختلف الاختصاصات من أبناء المحافظات التالية: 1- الحسكة: 104 مهندسين. 2- دير الزور: 104 مهندسين. 3- الرقة: 51 مهندسا. على أن يتم تعيينهم ضمن المحافظات المذكورة. ثالثا: تم استيعاب جميع المهندسين الذين تقدموا بطلبات للتعيين من مختلف الاختصاصات: 1- المدني: 764 مهندسا. 2- الزراعة:705 مهندسين. 3-الميكانيك:388 مهندسا. 4-العمارة:194 مهندسا. رابعا: تم إعادة فرز عدد من المهندسين الذين كان قد تم فرزهم سابقا وأعيدوا لعدم استكمال الموافقات المطلوبة للتعيين وعددهم /8/ مهندسيين. خامسا: تم فرز عدد من المهندسين السوريين خريجي الجامعات الأجنبية بعد معادلة شهاداتهم أصولا وعددهم /4/ مهندسين. سادسا: بلغ عدد المهندسين الذين تم فرزهم إلى الجهات العامة /3263/ مهندسا. سابعا: من خلال المطابقة بين عدد المهندسين المفرزين وبين عدد المهندسين الذين تقدموا بطلبات للتعيين تبين لنا أنه تم استيعاب: 82% من الذين تقدموا بطلبات للتعيين. كما ورد في نتيجة استبيان تم اجراؤه أن 99% من الخريجين تم تعيينهم وفق رغباتهم وثمة اختصاصات ( كالمعلوماتية. والبترولية) عليها طلب كبير وقد تم أخذ جميع من تقدموا إلى تلك الاختصاصات من المهندسين الراغبين بينما هناك اختصاصات اخرى مثل: ( كلية الزراعة والميكانيك) يتراوح الطلب عليها ما بين المقبول والصفر, هذا مع ملاحظة أن الحاجة للمهندسين تختلف من منطقة إلى أخرى مع التأكيد على أن بعض الاختصاصات بقيت شاغرة رغم الحاجة لأن أصحابها لم يتقدموا بطلب إلى رئاسة مجلس الوزراء بشأنها. مرة بالسنة وحول سؤالنا عن الضوابط التي يتم بموجبها آلية هذا الفرز : علمنا أنه يتم الفرز لمرة واحدة بالسنة, وفق ضوابط محددة هي أولا وفق حاجة الجهات العامة من المهندسين بمختلف الاختصاصات وتوزيعها على المحافظات. ثانيا- رغبة الخريجين أنفسهم. ثالثا- المفاضلة بين هذه الرغبات.. المعدل بالمفاضلة وعن دور المعدل في آلية هذا الفرز : علمنا أنهم لم يتوقفوا كثيرا عند معدل التخرج في قرار الفرز وإن لعب دوره بداية في التمييز - بين المفاضلة - بدليل فرز خريجي البتروكيمياء- بمعدلات مختلفة- وكذلك الأمر بالنسبة للكهربائية, والمعلوماتية.. الفرز آلي وعن دور التدخلات الشخصية والواسطة في الفرز : علمنا أن هذا الكلام غير دقيق وقد حاول بعض الخريجين اتهام المعنيين به فالفرز كما أكدوا لنا تم على الحاسب الآلي ودون أي تدخل شخصي من أحد. فرز آخر دفعة وتجدر الإشارة إنه تم مؤخرا فرز آخر دفعة من مهندسي البتروكيمياء بموجب القرار رقم 1181 تاريخ 17/3/2005 وعددهم/ 68 مهندسا/ تم توزيعهم على وزارة النفط والثروة المعدنية في غالبيتهم إضافة إلى وزارة الصناعة و الإدارة المحلية والبيئة, وهيئة تخطيط الدولة ووزارة الزراعة ووزارة الاسكان والتعمير وبذلك يصبح عدد المهندسين المفرزين لهذا العام : 3263+ 68= 3331 مهندسا. على موقع الثورة .. تساؤلات مشروعة وإجابات مسؤولة وفي الختام حملنا معنا جملة من التساؤلات الواردة على موقع جريدة الثورة - عبر الانترنت- والتي زودنا بها الزميل المهندس وعد مهنا عندما علم برغبتنا في كتابة هذا التحقيق. ونبدأ من تعليقات زوار الموقع على المادة التي سبق نشرها في جريدة الثورة. حول تعيين 3263 مهندسا من مختلف الاختصاصات تحت عنوان عريض هو: فرصة عمل ام وظيفة للمهندسين.. > فأحدهم علق باللغة الاجنبية على هذه الزاوية بالقول : انها فكرة جيدة, لكنها عرض عمل للذين لا يجدون عملا.. فلماذا لا يقدمونها بنوعية ? في حين تساءلت المهندسة رزان الحسين: هل يشمل هذا القرار خريجي الدورة التكميلية للعام .2004 > كما طرحت المهندسة لوليتا وزميلتها مريم السؤال : أين يمكن الاطلاع على اسماء المهندسين واماكن فرزهم? > وتساءل المهندس محمد : هل يشمل هذا التعيين خريجي دورة 2004 التكميلية.. وفي حال عدم تعيين مهندس ما, ماذا يفعل? هل ينتظر قرارات تعيين اخرى ?! ان الفرز يتم لمرة واحدة فقط بالسنة.. وعلى المهندس الذي لم يعين بموجب القرار المذكور, الانتظار لسنة اخرى.. > وطرح المهندس سعيد الياس, السؤال: انا خريج دورة 2002 -2003 فصل ثاني, يعني من الدورة الاساسية لعام ,2003 ولم يصدر تعييننا لغاية الآن..لماذا? مع العلم ان خريجي الدورة التكميلية لعام 2003 مشمولون في هذا التعيين ?. > اما المهندس المعماري عبد الحميد طه محمد من الحسكة, فقد طرح السؤال: انا خريج دورة 2002- 2003 فصل ثاني, يعني من الدورة الاساسية لعام ,2003 ولم يصدر تعييننا لغاية الآن, لماذا?. واضاف القول: حتى في هذا التعيين نحن غير مشمولين, مع العلم ان خريجي الدورة التكميلية لعام 2003 قد شملوا فيه.. نرجو التوضيح, خاصة وانني احقق المعدل المطلوب للتوظيف, وليس لي مورد اعيش منه سوى شهادة الهندسة التي يفترض ان اعمل بها وسبق لي ان قدمت طلبا الى رئاسة مجلس الوزراء, ولم يقبلوا طلبي على الرغم من ان كل خريجي دورتي ممن كان معدلهم فوق 60% قد عينوا?. > المهندس عمار مرعي قال: بدون زعل مني وبدون حقد.. ليش بيخلونا نكتب رغباتنا بالتوظيف, اذا كان اكثر من 90% منا تم توظيفهم في وزارات لم يكتبوها ضمن رغباتهم ). وتساءل : كيف يتم فرز مهندسين الى وزارة التعليم العالي لاغراض تعليمية معدلهم اقل من مهندسين غيرهم, ادرجوا هذه الرغبة, ومع ذلك لم يفرزوا الى وزارة التعليم العالي?! > واخيرا.. تقدم المهندس عدي ابو عجيب برجاء الى اصحاب المسؤولية والقرار بما يتعلق بتعيين المهندسين. اذ قال: - اتمنى متابعة وضع المهندسين الذين تم تجاوز أسمائهم في الفرز الأخير, وخصوصاً أننا أصبحنا من أصحاب الأعصاب المتعبة من طول أمد الانتظار لمدة عامين تقريباً, ونرجو من الإعلام نقل هذه الصورة الحقيقية لمعاناتنا.. خاصة وأننا حديثو التخرج ويصعب علينا الحصول على عمل, إلا بعد انقضاء فترة خمس سنوات على الأقل (كفترة خبرة).. > ويتساءل المهندس عدي: لماذا لا يصار إلى الفرز للمناطق الشرقية, مع شرط عدم النقل في المستقبل كتعهد يوقعه المهندس على نفسه مع الدولة? > في حين علق المهندس حسان مجاهد ختاماً على كل ما ورد من شكوى ومعاناة بالقول: إنني أؤيد بكل قوة الاقتراح بتأجيل تطبيق قانون عدم التزام الدولة بتعيين المهندسين إلى عدة سنوات.. وأضيف القول أيضاً: كلنا نعرف أن وزارات الدولة امتلأت بمهندسين لا عمل لهم, لكنها امتلأت أيضاً -بل غصت- أضعافاً مضاعفة بموظفين من شهادات دنيا.. وهنا لابد من القول: إن المهندس الذي قضى خمس سنوات من عمره بالدراسة والتعب أولى وأجدر وأحق بالعمل من حملة الشهادات الدنيا. كما أن عمل المهندس أفضل للدولة وأكثر فعالية من عمل حملة الشهادات الدنيا الذين غالباً ما يعجزون عن استيعاب تطور بيئة العمل وأدواته وآلية التطور الذي يجري حالياً في قطاعاتنا الاقتصادية.. وفي عود على بدء إلى نفس السؤال المطروح بداية.. هل انحسار التزام الدولة بتعيينات المهندسين قرار صائب? > علق المهندس سامر الرحية: نحن لا ننكر أن هذا الموضوع لابد أن يتلازم ويتواكب مع مسيرة التطوير والتحديث التي نرغب أن تعم فوائدها على الوطن والمواطن معاً لكننا نسأل هذا السؤال من موقعنا الحيوي الذي لا ينكر أهمية أحد -كمهندسين- ونحن بالتأكيد نعلم أن البلاد كانت فيما مضى بحاجة إلى خريجي الجامعات عامة ومن بينهم (المهندسين) خاصة لدفع عجلة التنمية.. وأما الآن فنحن ندرك أنه قد اختلف الأمر عما كان عليه في السابق لأننا انتقلنا بخطوات متسارعة من (الوفرة إلى الندرة), وقد فاض عدد المهندسين المعينين أو المطلوب تعيينهم عن الحاجات الفعلية في مختلف قطاعات الدولة.. وهذا ليس ذنبنا كخريجين بقدر ما هو انعكاس سلبي لتأرجح السياسات الاقتصادية ما بين الندرة والوفرة, ولا حل يرتجى إلا بتوسيع الاستثمارات وإحداث الجديد والمستجد دائماً من المنشآت والمشاريع التي تمتص الوفرة في عدد الخريجين وتستقطبهم بفاعلية وبناء.. فالحاجة إلى الكفاءات حاجة مستمرة ومتجددة عندما ينمو الاقتصاد, وإذا كان البعض يرى أن تخفيف العبء عن الدولة يكون بسحب التزاماتها تجاه المهندسين, فيجب ألا يتم ذلك هكذا فجأة وبلا مقدمات ومن دون طرح البدائل في أمر مصيري يكاد يهم كل أسرة وكل بيت, فما ذنب المهندس الذي دخل الجامعة رغم بيئته الفقيرة واجتهد ودرس من أجل أن يحظى بوظيفة لائقة كسد دين والديه اللذين عانيا الأمرين في الإنفاق عليه -خلال فترة دراسته- حتى يصلا به إلى بر الأمان, فإذا به قد جار عليه الزمان فلا وظيفة تنتظره ولا حتى عروس, فلو كان هذا المهندس يعلم مسبقاً مصيره هل كان دخل الجامعة من أصله, وراح يبحث عن صنعة أو حرفة يختصر بها الطريق, ويرد بها المعروف لوالديه اللذين ما ورثاه غير شهادة الجامعة, هذه الشهادة التي كانت وما زالت حلم كل الفقراء, واليوم غدا الظفر بوظيفة مستحيلاً!!.. >واضاف المهندس محمد علي جواد القول أخيراً: إذا كان سحب الدولة التزامها بتعيينات المهندسين هدفه تخفيف نسبة تضخم المهندسين في قطاعاتها المختلفة, فهل من المعقول أن يعين /3331/ مهندساً ويبقى ما يزيد عن ألف مهندس يحلق خارج السرب بحجة أنهم يعرقلون مسيرة التطوير والتحديث.. لماذا لم يتم تعيين كل هؤلاء كمرحلة انتقالية, ثم يتم تعيين من يليهم بموجب مسابقات وفق الحاجة, هذا مع التحفظ الشديد على مشكلة المهندسين في مواجهة القطاع الخاص الذي استغل فرصة تخلي الدولة عن التزاماتها تجاه المهندسين فراح يفرض شروطه اللا منطقية على المهندسين الراغبين في التعيين لديه, سواء في محدودية الأجر, وزيادة ساعات الدوام, وأحياناً -استغلالهم- بما يحط من قيمتهم, تشغيلهم كعمال بدوام وأجر الفئة الرابعة وربما أقل.. فهل هذا هو المستقبل المرجو للمهندسين, أن يلهثوا وراء أي فرصة للعمل حتى يعيشوا, ولا يبدعوا فالإبداع يبقى من صفات المترفين أبناء النعم.. المشكلة مشكلة تنمية ولابد في ختام هذا التحقيق من القول: نحن في مأزق, ليس فيما يتعلق بالمهندسين وحسب, فحتى المعلمين باتوا يواجهون نفس المشكلة, وكذلك غيرهم من خريجي المعاهد المتوسطة, التي سحبت الدولة التزاماتها في تعيين خريجيها أيضاً, كالمعهد الرياضي ومعاهد الفنون النسوية والسكرتارية وأيضاً الجامعيون... والمشكلة ليست في سحب التزام الدولة بتعيين الخريجين جزئياً أو كلياً وإحراجها (بالدعوة عبر ما يكتب وينشر) إلى العودة لهذا الالتزام أو التأجيل في عدم الالتزام لسنين قصرت أو بعدت, فهذا سيساهم بشكل أو بآخر في نشر البطالة المقنعة بين دوائر ومؤسسات الدولة بمختلف قطاعاتها التي فاض عدد العاملين فيها عن حاجاتها الحقيقية بأرقام مرعبة.. إن المشكلة الحقيقية في تعيينات المهندسين وسواهم من خريجي التربية والتعليم العالي كما يراها الاقتصاديون هي مشكلة تنمية تراجعت فتعرقلت خطواتها, وكبت ولم تعد تتواكب مع البنية التحتية من كوادرنا العلمية, التي طرحتها إلى سوق العمل الجامعات ومعاهد التعليم المتوسط أو العالي.. الأمر الذي ضن على الخريجين للأسف بفرصة العمل التي كانوا قد هيئوا لها بالأصل, عندما دخلوا الجامعة أو المعهد.. لماذا.. وكيف.. وإلى متى?!.. أسئلة تبقى ما دمنا لم نتصد كما يجب لمشكلة التنمية المعرقلة, وندفعها إلى الأمام, بنسغ مشاريع استثمارية تواكب هذا الرقم المخيف والمتصاعد طرداً كلما طرحت الجامعات والمعاهد دفعة جديدة من الخريجين مع نهاية كل فصل دراسي, فمداخلات التعليم العالي خاصة مرتبطة ولاشك بمخرجات التنمية, وعندما لا تتواكب هذه المدخلات مع المخرجات يواجهنا هدر وفاقد كبير في محصلات هذا التعليم, فهل نسعى لإعادة التوازن ما بين هذين القطبين الهامين لينهض ثانية سوق العمل فيستوعب هذا النشئ من الخريجين وينقذهم من البطالة (سافرة أو مقنعة) لا فرق.. ما دام التضخم واحداً.. نأمل من كل من يعنيه الأمر مراجعة الذات وإعادة الحسابات بموضوعية ومنطقية, فنعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه في خططنا الخمسية القادمة.. فلا تجد نخبنا العلمية نفسها في مواجهة البطالة من جديد..
|