|
هل هناك ولادة ثالثة للمسرح ?! ثقافة ولا ننسى ان حاجة الفنان ا لى الاطراء والى عدد من المعجبين هي حق مشروع وقد قال برنارد شو يوماً :( ان صورتي بقيت في ذهن الناس لسنوات طويلة , كرجل ظريف متألق وذكي بشكل مميز, وان هذه الصورة اصبحت الآن جزءا من الرأي العام , وليست هناك قوة في العالم تستطيع ان تغير تلك الصورة). ماذا يحتاج الفنان السوري , ليصعد بمسرحه? احيانا سأعزو الامر للروتين المؤسساتي وفي الحين الآخر الى الفنان نفسه والى اخلاصه للمسرح كفن اول وسيد وقور . ولن اتجرأ وأقول بأن جمهور المسرح هو السبب في هبوط المسرح , لأن اي عرض مسرحي ناجح يلقى اقبالا جماهيريا كبيرا وهذا ما نراه جميعا نعانيه على ارض الواقع . اذا كان القباني والنقاش قد شكلا الولادة الاولى للمسرح السوري واذا كان المسرح القومي قد شكل الولادة الثانية - حسب رأي جان ألكسان - أفلا يجب ان تكون هناك ولادة ثالثة, ونحن نرى هبوط المسرح الآن? ربما سيكون هذا السؤال في نظر البعض حكما متجنيا وغير منطقي بسبب انهم لا يرون ان حالة المسرح اليوم تستدعي هذه الولادة وهم بنفس الوقت لا يريدون ان يعترفوا بأن جهودهم لم تثمر فنا مسرحيا ناجحا والاخطر ما يراه البعض الاخر , حيث يعتبرون مجرد طرح هذا السؤال هو محاولة لتهديم وانكار كل نجاح مسرحي يتم على الارض وعندها لن يكون امامهم سوى كيل الاتهامات لكل من تسول له نفسه ان يتبرم من أردأ عرض مسرحي انهم خاضعون على الدوام لفكرة المديح المرهقة والتي كانت احد الاسباب في توقف المسرح عن كونه حراكا للحوار وعن كونه كشفا مستمرا للا توقع . جاء تأسيس المسرح القومي بناء على الحاجة للمسرح في الحياة الثقافية والاجتماعية ووسيلة اتصال مع الجماهير الشعبية واستطاع هذا المسرح ان يخرج بمسرحيات محلية وعربية وقد كانت المسرحيات هادفة وجادة وتنهل من الواقع السياسي والاجتماعي العربي اما المسرحيات العالمية التي تمت ترجمتها وتقديمها فقد شكلت ثلثي عروض المسرح القومي وظلت هي المسيطرة على المسرح , وذلك بحكم اتكاء المخرجين على المسرح العالمي ولان شهرة بعض المسرحيات قد فرضت نفسها على المخرجين . ومن اجل اغناء الحركة المسرحية في سورية فقد انشأت وزارة الثقافة المسرح الجوال رغبة منها في تطوير الحركة المسرحية واغنائها حيث اعتمد هذا المسرح شكلا جديدا تميز عن الاشكال المسرحية السائدة اصبح المتفرج مشاركا في ا لعرض المسرحي ونشط المسرح الجوال بقوة وقدم حوالي الف عرض مسرحي في سبعمائة قرية واتصفت النصوص المقدمة بأنها محلية كلها, ومواضيعها استمدت من حياة الفلاحين ولكن رويدا رويدا خسر المسرح الجوال ممثليه ومخرجيه فاتجه بعضهم الى المسرح القومي والبعض الاخر الى التلفزيون . ألغى المسرح التجريبي خشبة المسرح في بعض عروضه وراح الممثلون يؤدون ادوارهم بين ممرات المتفرجين وحينها قال القائمون على المسرح التجريبي عن تجربتهم :( ان هندسة مسارحنا التي نسخناها عن نموذج واحد من نماذج المسرح الاوروبي , ونعني المسرح على الطريقة الايطالية شكل عائقا امام تكوين علاقة حارة وفعالة بين الفرجة والمتفرج بين العرض والجمهور..) ماذا كان يريد المسرح التجريبي ان يحقق ? اجاب الناقد نديم محمد عندها قائلا: ( يريد هذا المسرح ببساطة مخاطبة الجمهور والوصول اليه ولكن بأدوات جديدة بلغة مسرحية جديدة.. هذا يعني انه يبحث باستمرار وانه يرفض ان يتوقف عند المألوف والتقليدي .. يريد تحطيم العلبة واقامة علاقة هي اشبه بالحوار مع المتفرج مستفيدا من التراث المسرحي كله عبر توظيفات جديدة .. التجريب يعني البحث المستمر ). شكل سعد الله ونوس وفواز الساجر ثنائيا فريدا في المسرح التجريبي وقدما ثلاثة اعمال كانت ناجحة واهمها عرض( يوميات مجنون )الذي قام سعد الله باعداده واخرجه الساجر وقام بتمثيله الفنان اسعد فضة, ادهش العرض الجمهور من خلال اشغال فنان واحد للمنصة ومن خلال الحركات المسرحية الجديدة . جذب التلفزيون الكوادر المسرحية من مخرجين وممثلين وكتاب وخرج المسرح من دائرة اهتمام هؤلاء الاولى ليركن جانبا منتظرا عطف ابنائه بأن يمروا عليه حين يبقى لديهم بعض الوقت الفائض بعد عملهم في التلفزيون . وان حصل وعاد بعضهم الى المسرح فانه سيصر على انه يقدم الافضل والاجمل ويطالب بالمديح دون ان يكون عليه الاعتراف بأن ابتعاده عن المسرح له ضريبة عليه د فعها . المسرح السوري ليس بخير والعروض البطيئة والقليلة والمتواضعة - الا ما ندر- تشهد بذلك اذن ما هي الاسباب التي تجعل هذا البعض يدافع عن وجود المسرح بقوة في حياة الناس? واذن اين موقع الخلل ? لست ممن يستطيع الاجابة عن هذين السؤالين ولكنني ابقى من المتفائلين بعودة المسرح الى عرش الفنون وذلك حين يقتنع كل العاملين به بوجوب ولادة ثالثة للمسرح في سورية ولادة حقيقية تتمخض عن مولود جبار .
|