تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أين المشروع الإعلامي ...?

ثقافة
الأربعاء 30/3/2005م
ميساء نعامة

عندما نجتمع مع اعلاميين عرب معروفين بنشاطهم الاعلامي , ما يلبث هؤلاء ان يوجهوا نقدا لإعلامنا السوري الذي يوضع ضمن قوالب جامدة لاحياة فيها حسب ادعائهم , اما نحن الاعلاميين السوريين فغالبا ما ننتقد الاعلام السوري دونما الاشارة الى الايجابيات على اعتبار ان الايجابي واضح كعين الشمس , اما السلبي فهو مخفي ولا يسلط الضوء عليه ويكون من الواجب نقد القضايا السلبية.

وقبل الخوض في غمار الاعلام السوري والبحث فيما له وما عليه لا بد اولا من تبيان ان النقد لا يعني على الاطلاق الاشارة الى السلبي واستثناء الايجابي فهذا النوع من النقد يفقد الناقد مصداقيته في توضيح قضايا الاعلام , الذي هو مدار حديثنا , وكما اكد السيد الرئيس بشار الاسد في خطاب القسم على اهمية النقد البنّاء الي يجب ان يسلط الضوء على الايجابي والسلبي من الامور بشكل عام , على اعتبار ان العمل الايجابي بحاجة الى تشجيع لتعميمه وان السلبي بحاجة الى تسليط الضوء عليه لتلافيه , هذه قضية محسومة ويجب ان تكون محسوبة.‏

اما في عودة الى ما يقال حول الاعلام السوري والجمود الذي يحيط فيه , فهذا امر واقع وان بدأ يتخلل المشهد الاعلامي شيء من الحركية ولكنها قد تبدو غير مدروسة ولتوضيح ما اقول لابد من النظر الى قضايا عدة .‏

1- لا يوجد في الافق مشروع اعلامي سوري له معالمه الواضحة ففي مجال الاعلام المرئي , مثلا : لا توجد خطة اعلامية مدروسة من قبل مختصين من داخل هذه المؤسسة الاعلامية الهامة , والتي تلعب الدور الاساسي في صياغة الرأي العام , ومن جهات مسؤولة عن الاعلام عموما والواضح ان كل فريق يحلق في عالمه الخاص, وان وجدت بعض الاجتهادات الجادة فهي تبقى في اطار الاجتهادات الفردية , التي تلقى التشجيع من قبل المسؤولين لكن في غياب رؤية شاملة لعمل هذه المؤسسة الاعلامية الهامة , تبقى حتى هذه الاجتهادات ضبابية ومشوشة وما يسري على التلفزيون يسري على الاذاعة .‏

2-اما في مجال الصحف اليومية الثلاث فقد لاحظنا في الآونة الاخيرة حرية في التعبير عن الرأي لدرجة ان هذه الحرية اصبحت عبئا على ا لقائمين على الصحف انفسهم, ومن الحكمة بمكان ان وضع خطة اعلامية للاعلام المقروء, وتبيان معاني الحرية التي يجب ان تحدد بمعايير معينة لا يجب تجاوزها, وبهذا المعنى يصبح لحرية التعبير معنى ومبنى , وهذه الحرية تندرج تحت بند الحرية المسؤولة البعيدة كل البعد عن التشهير والسب والقذف, وتكون غايتها وضع الاصبع على الجرح, وتبيان المشكلة بجميع ابعادها وتشريحها ومن ثم اقتراح الحلول المناسبة لها ,من هنا يعاد الاعتبار الى صاحبة الجلالة وتنطلق الصحافة السورية باتجاه الحرية المسؤولة في التعبير عن الرأي المترفعة عن الغايات الصغيرة.‏

3- الرقابة مطلوبة والرقابة هنا مديرية في وزارة الإعلام مهمتها رقابة المطبوعات الداخلة إلى القطر و ليس رقابة الصحف على هذا الاساس تبدو الرقابة مطلوبة وامر ضروري وحتمي وهي موجودة في معظم دول العالم بشكل او بآخر لكن هذه الرقابة تعتبر من المديريات المهمشة في المؤسسات الاعلامية وهي دائما خارج الخطة الاعلامية وهناك من يستسهل امر الرقابة لدرجة ان هناك من طالب بالغاء وظيفتها وصفتها الاعتبارية.‏

ولا بد من الاشارة الى ان مديرية الرقابة تعتبر من المديريات الاساسية والمفصلية في أي عمل لا سيما الاعلامي ونقول مفصلية لأهميتها وضرورتها وحساسية ودقة العمل الذي تقوم به ولو سألنا من يقوم على هذه المديرية وما هي ثقافتهم ودرايتهم بما يصلح من المواد الاعلامية المقدمة وما هو غير صالح ?‏

لا اجابة واضحة وضبابية هذا الامر لا يتحمله فرد او شخص او مديرية انما يتحمل مسؤولية الرقابة الاعلامية من باستطاعتهم وضع استراتيجية اعلامية عامة.‏

4-غياب ما يمكن ان نسميه الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها.‏

الحقيقة ان غياب المشروع الاعلامي الذي يحمل الهوية الاعلامية السورية, ويقيها من الوقوع اما في براثن الجمود او براثن الهستيريا الاعلامية , هو السبب الاساسي في ضياع الجهود الاعلامية القادرة على صياغة او بلورة اعلام سوري قادر على مواجهة التحديات الاعلامية التي تأتينا من الغرب او من الشرق وتجعله غير قادر على محاكمة جميع القضايا المتعلقة بالاعلام سواء المتطلبات المهنية , او اعطاء الرأي او تقديم المعلومة او بين ما يتعطش اليه المتلقي او الجمهور واذا كان البعض يعيب علينا ان اعلامنا هو اعلام جامد او مقولب فنحن لا بد ان ندافع ونقول بأن ما يقدم عبر الاعلام العربي , لا سيما المرئي منه هو بعيد كل البعد عن العمق العربي , وهو يقدم الشكل على حساب المضمون اما نحن فلدينا المضمون الجيد, وما ينقصنا الشكل المبهر وما نشاهده على القنوات الفضائية العربية من اظهار والرأي والرأي الآخر هو مجرد لعبة اعلامية ليست غايتها تبيان الرأي والرأي الآخر, بل على العكس غايتها جذب المشاهد بالدرجة الاولى لمهاترات تسوق على انها تمثل ا لرأي والرأي الاخر , مع انها تفتقد الى اهم شروط الحوار الديمقراطي في تبيان الحقيقة وما نشاهده تداخل الآراء وتصادمها وكل طرف يأتي الى تلك البرامج ويكون متشبثا بفكره و رأيه ولا يسمع الى الرأي الآخر, بل انه بالفترة التي يتكلم فيها الاخر يكون هو يحضر في ذهنه امكانية الدفاع عن رأيه الذي يتعصب له لدرجة تثير الاعصاب وتثير المشاهد , وتأكيدا على ما اقول هل رأيت عزيزي القارئ ولو في حلقة واحدة من هذه البرامج من يقتنع بفكر الآخر? الاجابة ستكون حتما بالنفي ولو تنبهنا نحن في اعلامنا السوري الى هذه الناحية وعرضنا برامج نقدم الرأي ورأي الاخر بأسلوب حواري يحترم بنود الحوار الذي يندرج في مقدمته شرط عدم التعصب لفكرة ما او ..‏

اذا بامكاننا احياء الاعلام السوري وانعاشه والامر لا يحتمل الكثير من العناء الذي قد يتصوره البعض, انما يحتاج الى قليل من الهدوء , وكثير من الخطوات الاجرائية ووضع خريطة اعلامية سورية قريبة المدى تكون بمثابة عملية اسعافية لوضع الاعلام السوري الذي ما زال يعاني من الركود وخريطة او خطة اعلامية بعيدة المدى يسهم في رسمها كبار الاعلاميين السوريين لتطوير الاعلام السوري والخروج به من بعض قوالبه الجامدة.‏

تعليقات الزوار

shari |  mmmmm@yahoo.com | 30/03/2005 09:59

اقترح على السيدة كاتبة المقال ان تقرأ ما كتبه السيد حسن م يوسف في جريدة تشرين تحت عنوان من للصحفي المجتهد وبعد تعيد قراءة ما كتبته.

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية