وكان هذا القرار جزءاً من معايير كوبنهاغن التي تحدد شروط انضمام الدول إلى الاتحاد.
في الواقع, يبدو أن قدرة الاتحاد الأوروربي على قبول اعضاء جدد لم تؤخذ في الاعتبار خلال التوسع الأخير, والبرهان على ذلك أن التوسع جرى قبل أن تدخل الاصلاحات الدستورية حيز التنفيذ.
يتعين الآن احياء واعطاء دور لهذا المعيار, ومن المؤكد أن الوضع الراهن للرأي العام في أوروبا كان أحد الأسباب الرئيسة مؤخراً في إبراز هذا المعيار المنسي منذ زمن.
الرسالة تبدو واضحة إذ يود الساسة الأوروبيون طمأنة الرأي العام المناهض حول الحجم والأجندة وأخيراً التأثير لكل توسع جديد.
مع ذلك, لا ننسى أن لعبة التوسع تقوم بها أطراف عدة, فإذا تصدر الاتحاد الأوروبي مسرح السياسة تبقى البلدان المرشحة لاعبة لا يمكن تجنبها وضرورية أيضاً, إذاً من اللازم جداً الاستمرار في الاتجاهات الاصلاحية داخل البلدان المرشحة وتهدئة مخاوف الرأي العام الأوروبي تجاه التوسع.
ولعل صدور هذا المعيار للاستيعاب الذي يبقى غير معروف بشكل واضح يعرف بشكل كبير المعطيات على المستوى الوطني, حتى إذا توصل البلد المعني لإنهاء مفاوضات الانضمام وتطبيق صارم لجميع مكتسبات المجموعة الأوروبية تغدو امكانية الانضمام مشكوكاً فيها.
إنها تتعلق من الآن فصاعداً بتطور عوامل ليس للبلد المرشح أي تأثير عليها, يستشف من ذلك أن طبيعة اجراءات الانضمام تغيرت بشكل ملحوظ, إذ أمست أقل منهجية وأقل وزناً.
كما أدى هذا التغيير الجوهري في الديناميكية الخارجية للتوسع إلى التغيير ذاته في الديناميكية الداخلية له.
إذ يتعلق نجاح هذه السياسة في جزء كبير منها بالعلاقة القائمة بين الاصلاحات المحلية وإمكانية الانضمام.
فكلما كانت العلاقة قوية كان البلد أكثر مقدرة وإرادة على تخطي العقبات الداخلية للاصلاحات اللازمة, وكانت تتم تغطية التكاليف السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتلك الاصلاحات بوجود أكثرية وطنية تتوحد حول هدف الانضمام.
وبالمقابل فإن إدخال معيار الاستيعاب سيكون بالتأكيد ضاراً للعلاقة بين الاصلاحات المحلية وإمكانية الانضمام, وبالتالي تصبح تلك العلاقة أقل قوة وأكثر زوالاً.
وسيكون أكثر صعوبة للطبقة السياسية في البلدان المرشحة تشكيل ائتلاف وطني حول مشروع انضمام يصبح غير مؤكد.
علاوة على ذلك فإن تنفيذ مبدأ معيار الاستيعاب يعتبر اشكالية, ولا يرتبط حالياً بالمحادثات الفنية للانضمام.
نتيجة القول إنه يمكن متابعة المفاوضات وحتى انهائها دون أن يشكل معيار الاستيعاب مشكلة, نظرياً, لا تتعلق سرعة المفاوضات بقدرة البلد المرشح على تنفيذ مكسب ومطالب المجموعة.
والحالة هذه, لا يدخل معيار الاستيعاب حيز التنفيذ إلا بعد انهاء المفاوضات الفنية في مرحلة إبرام اتفاقية الانضمام.
وفي هذه المرحلة فقط يستطيع الاتحاد القول فيما إذا كان مستعداً لتوسع آخر أم لا, بينما كان البلد المرشح قد قام بالعمل اللازم للتقيد بالاتحاد الأوروبي في جميع المجالات, كيف لنا أن نقول لا لبلد قد استوفى جميع الشروط المتوجبة عليه في إجراءات الانضمام?.
ما الثمن السياسي للرفض المتأخر سواء للبلد المعني أم لأوروبا? ومن المناسب التساؤل فيما إذا كان الوقت لتطبيق هذا المعيار ليس دقيقاً تماماً, أليس أكثر سهولة وراحة وصواباً تطبيق ذلك المعيار قبل البدء بدلاً من نهاية المباحثات ومن المباشرة بها بعد التأكد من أن معيار الاستيعاب لا يسبب أي مشكلة?