وليس عيباً أن تغوي الروح الأبهات.. العيب أن يصير العيب سيّد الموقف، وأن تقتني الحياة اليومية ضمائر برسم التعب والآفات ولعنة العيوب...
حوار وتساؤلات وتأملات مسموعة بين الصديق الذي ربّى ضميره على العديد من الاهتمامات والالتزامات الثقافية والعائلية والوطنية محمد زين العابدين وصديقه الفقير والوطني يجب أن يكون جمالياً وإنسانياً وراقياً وإلا فله تسمية أخرى...
الضمائر بيوت مونة السلوك ويوميات البقاء والعلاقات...
ولا يمكن توحيد الضمائر كاللباس الجامعي أو المدرسي أو لباس الشرطة الفوسفوري أو غير الفوسفوري...
تتشابه الضمائر وتتلاقى عند مفارق عامة، لكنها ليست جميعها عابرة إلى ذات الساحة ونفس الجهات والأرصفة..
والمقتل القاسي أن تحيا الضمائر من غير دراية وخبرة وتربية، فتصير ضمائر ورقية، يمكن تعديلها وإتلافها، وحينذاك يمكن القول:مواطن من غير ضمير ، أو مواطن بضمير عن السلطة، أو مسؤول بضمير مع وقف التنفيذ، أو كاتب من غير قناعات، أو صحفي بضمير ارتجلته الواسطة، أو مهندس بربع ضمير، أو طبيب بضمير جائع ومسعور، فيعض المرضى ، ويودي به إلى التهلكة...
هيئات استشارية عامة للإشراف على الأخلاق وفحص الضمائر، لتكون بمستوى السلوك الإنساني والقناعات الإنسانية والنجاحات الإدارية أو الهندسية أو الطبية أو الصحفية أو الإبداعية..
الضمير الجيد مراقب دوام الأفكاروالآراء والكلام... من دونه يتسلى الناس بأنانياتهم ونرجسياتهم الحادة كسكاكين اللحامين...
وهذه أبشع التسليات، التي أفرزتها حكمة الجشع ورأسمالية الهمجية... صار البشر الذين بضمائر من ورق وغير المثقفين بهواء الصحة الأخلاقية العامة يحق لهم ما يحق لأحسن البشر الضمائريين، غدا الفرق غائباً ومعدوماً بين ضمير بائس وضمير جيد، وبين ضمير تجاري وضمير خاص، لايمكن تصنيعه وبيعه وشراؤه ، وإخضاعه لقانون الرشوة و( البخشيش)..
ضمير بالواسطة يعطي سلوكاً بالواسطة وينتج حياة بالواسطة ويدمر توازنات الناس الجيدين...
محتاجون لضمائر حنونة وبنت بيئة وتربية وسلامة نفسية وإدارية، ولا بأس أن تتعمم الهيئات الاستشارية والإشرافية والفاحصة للأخلاق والضمائر.. يمكن لكل بيت ضمير جيد فاحص،ولكل حارة هيئة أخلاقية مصغرة، ولكل بلدة مخبر فحص ضمائر ولكل مدينة هيئة وصائية وجهات إشرافية، ترى العيب في الضمير ، وتربي النفوس على حسن الهندام والنجاحات..
أزمة سقوط الرأسمالية وأزمة سقوط الضمائر...
ضمائر برسم المكافآت والإكراميات ...وأحياناً ضمائر المسؤولين غير المثقفة بهواء الشبع الراقي والصحة الوطنية والعافية الأخلاقية تصير برسم الإثارة والشهوات والرغبات المجنونة، مثل سيارات الشباب المشفطين .. واحة الحواس تسقيها أمطار الأماني الناجحةفي صفوف ودروس الوجدان الإنساني...
ومهما تفاصحت البشاعات لا تغدو محاسن وقيم حب..
الضمائر ليست موظفة من الفئة الخامسة أو الأولى، ولا تخضع لقوانين التقاعد والإجازات الساعية أو السنوية.. ومتى خضعت صارت برسم التلف والعفونة والخدمات الثابتة...
ضمائر لا تختزن حبة خير أو قمح وجد أو زيت صدق أو زبدة محبة ولا تجيد العثور على إخلاص الهواء غير الملوث، ولا تود التعامل مع حقائق البقاء الجميل.. الضمائر هذه تكون بيوت مونة مغشوشة وبيوت أسرار مخدوعة، وتؤمن على حياة مغشوشة وسلوكيات مغشوشة، وتكتب كتابات مغشوشة، وتهندس هندسات مغشوشة، وتقوم بعمليات جراحية مغشوشة... وتقول آراء مغشوشة... زمان الضمائر المغشوشة ، فكونوا أيها القراء على حذر... والعشاق فليكونوا على حذر كبير من جميع الكلمات والمواعيد والعهود المغشوشة...
نرى الكثيرين والكثيرات يعيثون فساداً بضمائرهم ومحمياتهم الروحية والنفسية، وبعد حين من التخريب المقصود أو غير المقصود لضمائرهم يدخلون في حالة هذيان وهلع من أنفسهم، إذ يخشون على وجودهم الحقيقي من وجودهم المغشوش، ويخشون على الباقي من ضمائرهم من تالفها،ويخشون على ضحكة أرواحهم من عضّة جوعهم المريض...
الجوع هذه الأيام مريض ويساعد النفوس المفلوشة جدا على الضياع والتدهور... فلا بأس أن نقرأ في كتاب الجوع لكن البأس أن نقرأ في كتاب الجوع المريض وأن نقتنيه، ونعتد بمحفوظاته...
اللغة التسلية والنرجسيات الدارجة وأنانيات الرغبات المنحدرة امرأة تتسلى بمحاسنها وفتنتها وجمع المال والهدايا، وتنسى أن تقول: مرحبا أيتها التأملات أو صباح الورد أيتها القناعات الجديرة بالحياة وتهمل ضمير جسدها وضمير روحها.. وفجأة تتعب المحاسن فتشعر بالضيق والفقر الروحي وفقدان الضمير...
والرجال الساقطون في شرك النرجسية أو شرك الجوع المريض والبحث المسور عن الأملاك فقراء...
يعيشون بلا ذواتهم.. وضمائرهم تظل برسم الحاجات والملكيات، يعيشون حاجات ويذهبون كالحاجات..
ويسلكون كالحاجات، إذ لايؤثرون خيراً في جار أو صديق أو قريب...
الضمير الجيد مرشد حنون مشرف عام على القناعات الجيدة... وأحسن الأعمار هي التي تحيا تحت رعاية الضمير المرشد و الحنون...
ضمائر ورق، نهايتها كبدايتها ورق، وسلوكها ورق، وكتابتها ورق، وآراؤها أبشع من ورق...