تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في البعض من بريق أضوائها..هل تدين هوليوود الرواية الأميركية.. ؟

ثقافة
الثلاثاء 29-10-2013
لميس علي

لدى نبش أوراق حياة العديد من الروائيين، لاسيما الأميركيين، تظهر بين يديك خطوط تواصل وتماس.. وربما خطوط تقاطع.. سرعان ما تُحيل بعضاً من شهرتهم إلى بوابة السينما الأبرز عالمياً «هوليوود».

عبر استرجاع مراحل حياتهم الإبداعية، نلحظ أنها في ذراها، غالباً، ما اتسمت بنوع من الالتصاق الحميم مع «هوليوود». بعض أضواء ملكة السينما العالمية يعود الفضل به إلى كتابات روائية.. إلى أقلام مهمة أجادت ولمعت فكان أن قدرت على انتزاع مكانٍ لها حتى في دنيا أهم الفنون البصرية.‏

من المؤكّد أن الفائدة متبادلة بين كلا الطرفين. فبينما يمتلك صنّاع السينما سيناريوهات قوية مأخوذة عن نصوص روائية.. أيضاً وبذات الوقت تمنح هوليوود لهؤلاء الكتّاب أصحاب النصوص، قيمة مضافة بإدخال أسمائهم بوابة الفن السابع.‏

غاية الذكاء ومنتهى الحيلة أن تعمل هوليوود على تلبيس «الكلمة» قشرة الصناعة المتقنة.. هكذا لا تُتهم بأنها مجرد صناعة جوفاء فارغة.. بل تبني و تزاوج ما بين جودة «الكلمة المأخوذة عن أصل روائي» وحرفة الصناعة التي تغدق عليها ملايين دولاراتها.‏

حالياً.. يبرز من أهم الروائيين، الذي أصبح على ما يبدو نجماً روائياً هوليوودي المقاييس.. الروائي نيكولاس سباركس.. الذي حوّلته السينما إلى كاتب سيناريو.. وكأنما دعّمت حقيقة كونه أكثر الكتّاب الأمريكيين مبيعاً.. إذ نُشر له ست عشرة رواية.. ست منها على أقل تقدير حوّلت لأفلام سينمائية.. من أشهرها: رسالة في زجاجة، نزهة إلى الذاكرة، دفتر الملاحظات، المحظوظ، العهد، الأغنية الأخيرة.‏

وبالطبع حقيقة أن كتابه (دفتر الملاحظات) أصبح من أكثر الكتب مبيعاً عام 1996، من أول أسبوع نُشر به.. حقيقة لم تغفلها هوليوود إذ سرعان ما اقتنصت ليس الرواية فحسب إنما مبدعها محولةً إياه إلى كاتب نصوص سينمائية.. أهم ما يميز أعماله بقاؤها وفية لحالة السيل العاطفي الذي تبثه.. إذ من المعروف عنه ميله لهذا النمط من الكتابات.‏

من آخر وأهم إنتاجات هوليوود كان في هذا العام فيلم (غاتسبي العظيم) بطولة ليونارد دي كابريو.. المأخوذ عن رواية بالعنوان نفسه للروائي الأميركي فرانسيس سكوت فيتزجيرالد.. وتُعتبر من أهم أعماله لكنها لم تنل نجاحاً حين صدورها. وقيل عن أسباب الاهتمام بها أن البطل فيها يتشارك الكثير من نقاط الشبه والكاتب.. فضلاً عن أن طريقة موت فيتزجيرالد لا تختلف كثيراً عن طريقة موت بطله.‏

ويُذكر أن الروائي امتهن فيما بعد كتابة السيناريوهات لهوليوود ابتداءً من عام 1937. يُعرف عن مواضيعه أنها كانت كثيرة الميل نحو الطبقة الاجتماعية التي عايشها الكاتب.. نقل أجواءها وانتقدها.. حكى عن الفراغ الأخلاقي الذي تتصف به طبقة الأغنياء في الولايات المتحدة.‏

بين كاتب معاصر «سباركس» وآخر «فيتزجيرالد» تنتمي كتاباته إلى النصف الأول من القرن العشرين.. بينهما وُجد من سال مداد قلمه إرواءً لعالم هوليوود أيضاً.. ترومان كابوتي الذي جمعت أعماله ما بين إنتاج سينمائي قديم هو فيلم «فطور في تيفاني» وآخر معاصر هو فيلم «بدم بارد».. ويبقى الرابط من العملين أنهما في الغالب صدرا عن تجربة عايشها الروائي.. في الأولى يرى كثيرون أن بطلتها ذات شبه بوالده كابوتي.. أما الثانية فكانت ثمرة تجربة شخصية عايشها هو ذاته.‏

معاصر كابوتي.. الروائي الذي توفي مؤخراً إلمور ليونارد اتخذ خطاً آخر عُرف واشتهر به.. حيث كانت نتاجاته تعتمد دوماً على حكايات «الويسترن».. عاد إلى حياة رعاة البقر ورجال العصابات في ثلاثينيات القرن الماضي.. جاعلاً من الحبكة عالماً يفيض بألغاز الجرائم بما فيها من عناصر الغموض والإثارة.. وهو ما أهله لصيد لغز السينما فكان أن طلبت منه هوليوود كتابة قصص أفلامها.‏

حسب التسلسل الزمني.. بعد كل من كابوتي وليونارد يأتي الروائي ستيف كينج.. والذي إن لم يُعرف إلا بفيلم «الميل الأخضر» فهو كفيل بضمان نوع من الشهرة لربما لحقت بكاتبه بفعل النجاح الذي حصده الفيلم الذي كان بطولة توم هانكس ومجموعة من نجوم هوليوود.‏

قبل هذا الفيلم.. كان ستيف كينج عرف نجاحاً باهراً على صعيد الكتابة الروائية فلاقت أعمال من مثل: الصمود، منطقة الموت، البريق، وأيضاً رواية «كاري» إقبالاً لافتاً.. نجاحه المتواصل دفع بالمخرج الشهير (برايان دي بالما) إلى تحويل رواية (كاري) إلى فيلم سينمائي، قامت ببطولته (سيسي سباسيك) و(جون ترافولتا).. نجح بطريقة ضمنت دخول مؤلفه عالم هوليوود بقوة.. فقام المخرج العبقري (ستانلي كوبريك) عام 1980 بتحويل روايته (البريق) إلى فيلم كابوسي مخيف، قام ببطولته (جاك نيكلسون). غالباً تطبع أعماله بأجواء غرائبية تقترب من أفلام الرعب.. الأمر الذي جعل المخرج (جون كاربنتر) الذي اشتهر بسلسلة أفلام (هالويين) بتحويل رواية (كريستين) إلى فيلم عام 1983 وحصل به على جائزة أوسكار أفضل مؤثرات بصرية.‏

بمختلف الأنواع السينمائية كان أن نجحت هوليوود باجتذاب كبار روائييها.. لتضمن أن بريق أضوائها ليس صناعة جوفاء مفبركة بدقة تقنية عالية وفقط.. بل وظّفت نجاحات كبار الروائيين اجتذاباً لكافة أدوات التلقي لدى عشاقها.. بهذه الحيل يمكن لهوليوود ضمان الانتقال من صناعة متعة محضة إلى صناعة ذائقة..‏

أليس هذا ما تصنعه عن طريقة التسلل.. ؟‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية