تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أيمن الحسن: الثقافة أساس أي حضارة..

ثقافة
الثلاثاء 29-10-2013
آنا عزيز الخضر

يخطر ببال المرء أن التغيرات والتحولات والاحباطات في واقعنا العربي،قد تبعد الناس عن الفكر القومي العروبي وتغًيبه،لكن المتابع للوقائع يدرك أن هذا الفكر يعيش ويحيا في وجدان أي عربي،

وعلى الرغم من كل ما يحصل، ولا عجب في ذلك فهناك ثقافة عريقة، تملك مقومات راسخة كالتاريخ،تصنع الهوية والانتماء والميول، وتؤسس لإرادة شعبية دائمة، يصعب اختراقها، مهما حاول أعداء الأمة،ومهما كثرت الاحباطات، والوقائع تثبت وجود هذه الروح على مر الزمن،والتي بقيت دوما فوق إرادة الطغاة.‏

فالفكر الذي يتعلق بأمة أو شعب أبعد وأعمق بكثير عما يتعلق بقوى فكرية أو سياسية، كما يؤكد الكثير من المفكرين، ويمتد في هذه الحالة،ليشمل مجمل القيم والمعتقدات والسلوك والخبرة الحضارية،وكلمة عروبة تتعلق بجوهر الهوية والانتماء الوطني،من هنا عندما يتم الحديث عن الفكر العروبي،المقصود هو الوعي الشعبي العام بالعروبة كهوية وانتماء وطني وقيم وسلوك ووجدان.‏

ورغم التجزئة والمحاولات المستمرة لأعداء الأمة العربية، ورغم أن الثقافة العربية تملك مقومات مناعتها وحصانتها،إلا أنه لابد من الحفاظ على الفكر القومي وتعزيزه، والعمل المستمر للدفاع عنه لدعمه في صموده الأبدي، خصوصاً أن أعداء العروبة دائما هم في المرصاد.‏

أما وجهات نظر في هذا السياق تحث على ضرورة العمل الدائم وبكل السبل للحفاظ على الفكر القومي،حيث هو الحامل الأهم للكرامة العربية،حول ذلك تحدث الأديب القاص (أيمن الحسن) فقال:‏

الفكر القومي كأي فكر آخر بحاجة إلى منظمين وقادة، يأخذونه على عاتقهم، لينتعش في كل قطر على حدة، و في أقطار الوطن العربي ككل، ومثلما لا اشتراكية دون اشتراكيين، كذلك تنحسر موجة الفكر القومي، ويخفت بريقه إذا لم يوجد من يتبناه، ويناضل في سبيله حاليا وسط هذه الهجمة الشرسة، التي يتعرض لها الوطن العربي، ويتبدى بجلاء أهمية الفكر القومي و ضرورته لتصليب المواقف، وجعلها صخرة الصد لمواجهة أي اعتداء على أي قطر عربي، من هنا اشدد على أهمية حضور المثقفين والأدباء والأكاديميين العراقيين، الذين زاروا دمشق مؤخرا للتضامن مع الشعب السوري في مواجهة العدوان، ثم وجهوا نداء إلى كل المثقفين العرب للوقوف مع سورية العربية، وكان قبله الكثير من وفود المثقفين الذين زاروا سورية بهذا الهدف كالأردنيين والموريتانيين واليمنيين والمصريين أيضا، و في رأيي أن هذه اللقاءات التفاعلية ما بين الإخوة، تلعب دورا هاما في تعزيز الفكر القومي، و تبقى إحدى الوسائل الفعالة لتمتين الصلات المشتركة والتلاحم فيما بينهم لتجذير الفكر القومي، و جعله يخرج من حيز التنظير إلى حيز الواقع المعيشي، كي يرسخ كممارسة يومية ترافق كل فرد.‏

وتأسيسا على ما قاله الشاعر العربي (لمت الآلام منا شملنا، ولمت بيننا من نسب)، أعتقد أن ما تواجهه بلداننا الان يدعو إلى مزيد من اللحمة الوطنية والتكاتف بين أبناء الوطن العربي، في كل قطر من أقطار الوطن العربي، و توحيد الجهود ليصبح العرب قوة فعالة لمواجهة أعدائهم، وتأكيد موقعهم المؤثر في عالم اليوم،الذي لا يقبل الضعفاء على خارطته.‏

طبعا الفكر القومي بحاجة إلى عملية إعادة نظر حتى في المسلمات البديهية التي قام عليها، لان مستجدات كثيرة برزت حديثا، و جعلتنا نضع أيدينا على قلوبنا خشية أن تتحول أقطارنا إلى أقطار عدة، وفيما يتعلق بالمجتمع السوري، فانه معروف بتاريخه العريق وتمسكه بالفكر القومي، وهو الشريك في قيام أول وحدة عربية بتاريخ الوطن العربي في 22\2\1958.‏

مع جمهورية مصر العربية مدعما بإرادة شعبية، وهو ما يطمئن إلى أن شعبنا السوري، لا يتقبل أي نزاعات ما قبل الوطنية، كالنزعات الطائفية التي تمزق الفكر العربي المتأصل في عروقه، وكذلك تطلعه المشروع إلى قيامة امة عربية واحدة.‏

والأدب بدوره يفعل هذا التوجه، و يعمقه من خلال الكلمة والقصة والرواية والمسرح، لأن الأدب والثقافة يساهم في خلق الوجدان العام، ودفعه إلى المبادئ النبيلة والقيم.‏

أخيرا لنا أن نلاحظ، أنه مع تمزيق الغرب وأمريكا للاتحاد السوفييتي، وشرذمة دول المعسكر الاشتراكي دولة، دولة، وتضاءل التيارات القومية في العالم وفي الوطن العربي، كما انحسرت المبادئ القومية والتقدمية، وانتشرت الأفكار التقسيمية والرجعية تحت زعم أن القومية أخفقت كما الاشتراكية، اذن فلنعد إلى الانفتاح على الاقتصاد الحر والأفكار القديمة، ما أدى إلى تنامي النزعات العرقية والطائفية وتفشي الفقر والبطالة في المجتمع.‏

بناء على ما سبق لابد من العودة إلى فكر تلازم القومية والاشتراكية، ذلك أن أصحاب المصلحة في دولة الوحدة، هم أنفسهم أصحاب المصلحة في القوانين الاشتراكية وإحلال مفاهيم العدالة الاجتماعية، إنهما الوحدة والاشتراكية جنب إلى جنب، في الارتقاء إلى عالم أفضل, وهما معنى التطلع لمستقبل زاهر لجميع أبناء الأمة العربية.‏

معطيات كثيرة تفرض نفسها في واقع يتطلع إلى الفكر القومي،وتعتبر الثقافة مقدمة هامة وأساسية للوحدة السياسية، و قد قال فيلسوف القومية العربية(ساطع الحصري): اضمنوا لي وحدة الثقافة، و انا اضمن لكم ما بقي من ضروب الوحدة،وهذا بدوره يفترض العمل في كل المجالات الثقافية والتربوية والإعلامية، وإن كان تعزيز هذا الفكر على ارض الواقع يتطلب هيئات وقوى تعمل متكاملة الأدوار لهذا الهدف، لتطويق ثقافة اللا جدوى من النضال القومي، فالأمر البديهي الذي يقره كل من آمن بالفكر العروبي والقومي من مثقفين ومفكرين هو ضرورة تطويق ثقافة اليأس وتعزيز ثقافة المقاومة والثقة بالنفس وبالقدرة على تحقيق الوحدة، والعمل في كل الاتجاهات لمواجهة النزعات الإقليمية في الوطن العربي،كما هو المواجهة،بكل الوسائل الثقافية لنشر الوعي لتجاوز الأمراض الاجتماعية من جهل وتخلف ومذهبية أو طائفية،حيث يحذر منها، بكونها تقف بالمرصاد للفكر القومي،وتمهد الطريق لأي فكر هدام من دون إدراك، وانتشارها في المجتمع، كفيل بانحسار أي فكر قومي ووطني، والعودة به إلى الوراء سنين وسنين.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية