تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سورية في طريقها إلى نظام عالمي جديد

شؤون سياسية
الثلاثاء 29-10-2013
ترجمة مها محفوض محمد

نعيش اليوم لحظات تاريخية تعادل في أهميتها دون شك تفكك الاتحاد السوفيتي الذي أدى الى انهيار الكتلة الشيوعية و من ثم الهيمنة الامريكية مع الحلفاء الغربيين و منذ ذلك الحين ومع أفول الاتحاد السوفييتي لم يحصد العالم سوى التعاسة و الظلم الذي بلغ أشده في باقي أنحاء العالم ,

لكن الحدث الذي خيم على قمة العشرين الأخيرة في بطرسبرغ - موضوع الأزمة السورية- الذي يشغل العالم اليوم أغلق هذه الصفحة الدرامية و أكد على عودة روسيا جديدة مع بروز كتلة البريكس بقيادة روسية صينية ما يشير الى إعادة ترتيب السلوك الدولي على اسس جديدة هي :‏

أن زمن أحادية القطب الأمريكي الذي رهن انتصاراته بالديمقراطيات المزعومة و باقتصاد السوق قد انتهى و هذا انذار بنهاية أكبر عملية احتيال سياسي في العصر الحديث - للمجموعة الدولية الفرانكو انغلوامريكية - التي بدأت تحتضر.‏

و نستطيع القول ان عملية الاتفاق الذي أبرم بين روسيا و أمريكا حول موضوع سورية هو الذي أسس لهذا التحول و كما بدا سابقا أن انهيار جدار برلين هو رمز لانتصار العالم الحر و ل “ نهاية التاريخ “ اليوم و في خريف 2013 ها هو جدار الغطرسة يتحطم و يبدو محور الخير مشرقا لا ينتهي بل و “ يستمر التاريخ «.‏

لقد كان درسا جميلا في الدبلوماسية ذاك الذي أغدقت به روسيا مدعومة من شركائها مجموعة البريكس و أيضا من جزء كبير من دول العالم حيث نجحوا في ترجيح الشرعية الدولية و المبادئ التي قامت عليها الأمم المتحدة ضد أنصار التدخل الأجنبي في سورية ولا نخطئ في هذا الصدد اذا قلنا انه خلال أيام كان العالم قاب قوسين من كارثة حرب عالمية لكن عملية التوافق الروسي - الأمريكي على مبدأ الحل السياسي أثلجت صدور الكثيرين ممن لديهم الارادة الحقيقية  و منذ شهور طويلة في انطلاقة مشروع التفاوض في سورية متمنين أن تنتقل عدوى السلام الى الاخرين .‏

علينا اليوم أن نحيي « سورية الحقيقية » أي جميع الذين راهنوا على الحوار لوضع حد للحرب الكونية التي يواجهها هذا البلد و ذلك في الواقع كله بفضل الثبات و الوعي الذي منحته اياه أم حضاراتنا ( سورية ) التي استطاعت أن تقاوم المحن الفظيعة التي نزلت عليها من « أشقائها االمزييفين» في الشرق و « أصدقائها المزيفيين «في الغرب فقد تجاوز عدد الضحايا المئة ألف و ملايين المهجرين و الخراب الذي لحق بهذا البلد خاصة مدينة حلب العاصمة الاقتصادية التي تم نهبها و تدمير البنى التحتية فيها و مناطق تخضع بأكملها لمقاتليت ينتمون الى عصور غابرة , أما المجموعة الدولية التي تمثل الجزء الأكبر من المعمورة فليس لديها أية نية لمحاسبة هؤلاء الذين قادوا مشروع المذابح و الدمار في هذا البلد .‏

لقد رأينا التجهم في وجوه الكثير من الذين علموا بأن الحل سيكون سلميا أما نحن الفرنسيين فلم نستطع اخفاء غضبنا و حزننا أن نرى فرنسا تهدم رصيدها الأخلاقي و تبخس مصالحها الوطنية لتؤكد بذلك أن سياساتها الحالية هي الأسوأ في تاريخها و في الوقت الذي يبتهج فيه الحميع برؤية الحق ينتصر و يكررون التزامهم و تأييدهم لمخرج سياسي تفاوضي في سورية لم تظهر فرنسا حماسا قويا في الوقت الذي ظهرت فيه الدبلوماسية الروسية رمزا للسلام و الحق.‏

بينما اختارت فرنسا التخندق في معسكر الحرب مع ممولي الارهابيين  متجاوزة مجلس الأمن كما ثابرت على الاستهزاء بمبادئ الأمم المتحدة التي تنتسب اليها انه أمر مؤسف و مخزي .‏

حكومتنا تستخف برأي الأغلبية من الشعب الفرنسي و سياساتها مجحفة بقدر ما هي لا أخلاقية أما الجرم الذي ترتكبه في مسألة المأساة السورية الفظيعة فمعادله المسؤولية الكبرى في انفرادنا و خزينا المريع في هذا الموضوع .‏

أقول كلماتي هذه كوزير سابق لا يستطيع السكوت عما يحدث و أتمنى كل النجاح لمؤتمر جنيف 2 .‏

لقد حان الوقت لأن يحل صوت الدبلوماسية محل قرقعة السلاح و أن يعود الأمن و السلام الى سورية و لا داعي أن نذكر بما هو بديهي بأن القرار يعود للسوريين وحدهم بتقرير مصيرهم في سيادة بلدهم و استقلالها .‏

أما القادة الأجانب في باريس و واشنطن كما في الرياض و أنقرة فلا يحق لأحد منهم أن يقرر عن غيره بل ما يلزم هؤلاء هو الجرأة الخارقة لتشكيل خارطة طريق تخص مستقبل و اعادة بناء بلد بذلوا كل جهودهم من أجل تدميره .‏

 بقلم ميشيل رامبو - سفير فرنسي سابق‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية