تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المتأمركون... التبعية لأميركا والترويج لسياستها

شؤون سياسية
الثلاثاء 29-10-2013
حسن حسن

يشير التقرير الذي عرضته وزارة الدفاع الأميركية على الكونغرس عن مبيعات الأسلحة في العالم خلال الفترة 2004 حتى 2011 والذي نشره موقع اتحاد العلماء الأميركيين الإلكتروني

إلى استيراد المملكة السعودية التي يبلغ عدد سكانها 29 مليوناً. أسلحة أميركية متنوعة بقيمة 110 مليارات دولار ، مقابل استيراد الهندالتي يبلغ عدد سكانها ملياراً وربع المليار لأسلحة أميركية بقيمة 40 مليار دولار. ومع ذلك يقدر الموقع الإلكتروني الأميركي أن السعودية كانت قد اشترت أسلحة أميركية في التسعينات بقيمة 120 مليار دولار ، وهذا يعني أن السعودية امتلكت أسلحة خلال عشرين عاماًبقيمة 230 مليار دولار ويجب أن تتحول من خلال هذه الأسلحة إلى أكبر قوة عسكرية تضاهي الهند ؟!‏

لكن كل هذه الأرقام المذهلة لا تحمل من مفاعيل ما يترتب عليها سوى أن قيمتها دخلت إلى جيوب الادارات الأميركية ، وبقيت السعودية على حالها، لأن أسلحة كهذه ستعني أن الجيش السعودي سيزيدعدد أفراد قواته ملايين عديدة ، وهو الذي لم يخض حرباً مباشرة مع أي دولة ، وكأن حكوماته تشتري هذه الأسلحة من أموالها لغرض تخزينها للقوات الأميركية ، أما العدو فلا قدرة للسعودية على تحديد هويته ، لأن واشنطن بالذات هي التي تحدد هويته وتفرضه على الشعب والحكومة السعودية ، ولذلك غالباً ما تفرض «اسرائيل» على واشنطن مواقفها المسبقة على هذه الصفقات ، لأنها تعرف أن واشنطن لن تسمح باستخدامها ضد اسرائيل أو تهريبها لقوى معادية لإسرائيل.‏

ولذلك يعترف عدد من الخبراء الأميركيين ومن بينهم إليوت ابرامز اليهودي الأميركي الذي كان المستشار المختص في مجلس الأمن القومي الأميركي بشؤون الشرق الأدنى سابقاً ، أن الولايات المتحدة ستجد صعوبة بالغة في تعزيز صناعاتها العسكرية وفي التغلب على أزماتها المالية لو لم تكن السعودية ودول النفط الخليجية الأخرى تشكل لها أكبر مخزون مالي لشراء السلاح ودفع فواتيره للبنوك الأميركية .‏

ففي عالمنا العربي ومنطقة الشرق الأوسط ترتبط كل خطوة واجراء وموقف أميركي بحماية «اسرائيل» وسياستها ضد الشعب الفلسطيني والمصالح العربية ، بل إن واشنطن تتواطأ أحياناً مع نيات «اسرائيل» العدوانية التوسعية ضد حلفائها العرب ، وهذا ما حدث حين اجتاحت «اسرائيل» لبنان بموافقة أميركية ، وتأكيداً لهذه الحقيقة ، كان الرئيس أوباما قد أعلن في أيار عام 2011 أن ادارته أعدت خططها للمحافظة على مصر وليبيا وتونس من أجل تعزيز المصالح فيها وربطها بعلاقات متينة مع «اسرائيل» ومنع التنافس الدولي بين القوى الكبرى على النفوذ فيها . وهذا يعني أن على حكام هذه الدول التجاوب مع دعوات التطبيع مع «اسرائيل» والتنسيق معها في شؤون المنطقة وكأنها القوة الإقليمية الرئيسة في تنفيذ خطط السياسة الأميركية و«اسرائيل» لا تخفي أنها مستعدة لتحويل المملكة الأردنية إلى دولة فلسطينية إذا وجدت أن ذلك يخدم هدفها التوسعي وتقسيم وتفتيت الدول المجاورة حتى لو كان بعضها حليفاً لواشنطن ، فلاشيء مقدساً لدى الحركة الصهيونية إلا المشروع الصهيوني واستكمال حلقاته النهائية‏

فكيف يستطيع أولئك المتأمركون أن يقنعوا أياً كان بأن الولايات المتحدة الأميركية يمكن أن تكون «صديقة» للعرب والأمة والقضية الفلسطينية المحقة ، وهي في تلازم وتطابق استراتيجيين، سياسياً وعسكرياً مع «اسرائيل» ؟ حتى مع ارتضاء أصحاب الحق التاريخي التقسيم المجحف لأرض فلسطين، تبعاً للإدارة الأميركية وبناء على اقتراحها هي نفسها لمبدأ «الدولتين» رأينا الادارات المتعاقبة كيف تخضع لإملاءات اللوبي الصهيوني وابتزازه وتهديده فتتلكأ كلها عن ايصال«الحل» المجحف إلى خواتيمه، وآخر المهازل في هذا السياق المحاولات الفاشلة لأوباما ومبعوثه إلى المنطقة وزير الخارجية جون كيري ، ما يؤكد استحالة حل الأزمة والصراع على أيدي خالقيها ومسببيها ،أي «اسرائيل» واللوبي الصهيوني الذي يسير السياسة الخارجية الأميركية ، ويدير مشاريعها التآمرية في العالم كله عامة ، وفي الشرق الأوسط خاصة ، وأحداثها المؤامرة القائمة ضد سورية ، وهي من صنع دوائر الظلام في الولايات المتحدة التي يحكمها ويديرها صهاينة يعملون لمصلحة «اسرائيل» قبل مصلحة «الأمة»الأميركية .‏

عرب أميركا النفطيون لا تستغرب تبعيتهم للولايات المتحدة ، لأن قرارهم ليس بيدهم ، ولا سيادة «دولهم» ولا اقتصادهم ولا نفطهم وبالتالي ،لا عجب في مواقفهم ولا ملامة عليهم إن ساروا في مشاريع التآمر وتخلوا عن «كرامتهم» العربية وعن القضية الأم في فلسطين والقدس والمسجد الأقصى ، ولو باعوا كل المقدسات وتنكروا لها بغية حماية رؤوسهم وعروشهم وكراسيهم وثرواتهم الفاحشة ... بل العجب كل العجب ، واللوم كل اللوم ، على اتباع (إن لم نقل عملاء) أميركا في لبنان وفلسطين وسورية، ممن يصدقونها و«يؤمنون »حقاً بها وبـ«ديموقراطيتها» و«حريتها»و«عدالتها»ودعمها للحقوق العربية والفلسطينية والسورية واللبنانية وغيرها ، في الأرض والكرامة والحرية والسيادة ، ويريدون اقناع الناس بأن الولايات المتحدة الأميركية تريد لأمتنا الخير والأمان والاستقرار ، في حين أن مؤامراتها علنية ومكشوفة ومصرح بها رسمياً!‏

إن أقل ما يقال في مواقف هؤلاء «المتأمركين» أنهم ينتظمون في مواقع الخيانة لأوطانهم وأمتهم ، وأنهم يدافعون عن سياسة خارجية تنفذ ضد أمتهم وقضاياها التاريخية المحقة،وأنهم يعرضون أنفسهم من خلال التبعية لأميركا والإعجاب بها والترويج لسياستها في المنطقة لوصمة العمالة ، وأنهم يغفلون عن شراكة أميركا و«اسرائيل»على طريقة النعامة التي تدفن رأسها في الرمل كي لا تبصر الحقيقة ، وأنهم يقفزون فوق المعادلة التي لا جدال في صحتها ومنطقها وسلامتها أن «صديق عدوي هو عدوي»‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية