تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


جسور التواصل مع الأبناء.. كيف نَمدها ونُدعم ركائزها؟

مجتمع
الثلاثاء 31-7-2018
فردوس دياب

يلاحظ في كثير من الأحيان وجود مسافات شاسعة بين الأهل وأبنائهم خصوصاً بين الام وأطفالها لجهة غياب التواصل بين الطرفين خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها الوطن

والتي تبدو صعبة على الجميع، ويعزى ذلك الى كثير من الأسباب، قد تتقاطع جلّها عند جهل الاهل بأساليب وطرق الاهتمام والرعاية والتربية بأطفالهم الذين يكتسبون كل سلوكهم من أبويهم وأهليهم،‏

فما يقوم به الأطفال ليس إلا ردة فعل عما اكتسبوه وتعلموه من آبائهم وآمهاتهم .. لتسليط الضوء أكثر على هذا الموضوع الهام التقينا الاختصاصي في مهارات التواصل والالقاء والخطابة ولغة الصوت الأستاذ محمد سليم الكسم.‏

الأستاذ الكسم بدأ حديثه بتعريف التواصل على أنه عمل مشترك بين عدة أشخاص أي المشاركة في المعنى بإرسال واستقبال الرموز، مضيفاً أن أهم الأمور التي تساعد على جسر الهوة بين الأهل والأبناء وتقريبهم من بعضهم البعض وإيجاد قواسم مشتركة بينهم بغية التواصل بشكل إيجابي بينهم، تكمن بالبحث في أسباب سلوك أبنائهم الذين يشيحون بأنظارهم ويصمون آذانهم عن سماع توجيهات ونصائح (وليس أوامر) أهليهم لان ذلك يساهم الى حد كبير في إيجاد الحلول المناسبة لكسر الحواجز بين الطرفين.‏

وأوضح الكسم أن من الأمور التي تؤدي الى اتساع الهوة بين الاهل والابناء هي حالة الطفل النفسية السيئة التي يجب على الوالدين مراعاتها جيدا والبحث في أسبابها والعمل على علاجها فورا والتي غالبا ماتكون ناتجة عن الحروب والأزمات والظروف الاسرية السيئة وهذا ما يوجب على الاهل تحسين علاقاتهما والتخفيف من الصراعات والخلافات والصدامات داخل المنزل.‏

حالة الطفل في الأزمات‏

وعن حالة الطفل خلال الازمات بغض النظر عن ماهيتها بيّن الكسم أن معظم الأطفال يبدون خلال الازمات وكأنهم اصغر سناً، حيث يبدو عليهم الخوف واضحاً وبدرجة كبيرة ومن أي صوت مرتفعاً كان أم مفاجئاً، كما تلاحظ عليهم العصبية التي تعكسها حركات اجسامهم وتصرفاتهم حيث يلفهم الشعور بالحزن والاكتئاب والصعوبة في النوم وفقدان الشهية للطعام ورفضهم التواجد مع أي شخص اخر باستثناء الوالدين ورفضهم الذهاب الى أي مكان وكذلك مواجهة صعوبات في التركيز والانتباه والتعلم مع صعوبة بالغة في التحدث عن الظرف الذي حدث وممارسة لعب غير ملائم او خطر جدا من الناحية الاجتماعية وفقدان السيطرة على العواطف والانفعالات والتمرد على الروتين والنظام اليومي وتقلب المزاج والبكاء والصراخ بشكل متكرر والتصرف وكأنهم لا يأبهون لأي شيء .‏

ونوه الكسم ان استجابة الأطفال للآخرين تختلف بحسب العمر والوعي الاجتماعي وطبيعة وشدة الحدث الذي اختبروه وتجاربهم السابقة مع احداث مشابهة والدعم الذي يتلقون من الاخرين وصحتهم النفسية وخلفياتهم الثقافية والاجتماعية.‏

خلق الثقة ..‏

وبين الأستاذ الكسم أن بعض الاهل لا يعيرون أبناءهم أي اهتمام نتيجة استخدامهم وسائل وأساليب تربوية خاطئة تفتقر الى أبسط القواعد السلوكية و التربوية السليمة، وهذا يشمل جميع سلوكيات وتصرفات الاهل بما فيها التفاصيل الصغيرة التي يتوجب الالتفات إليها و الاهتمام إليها جيدا كونها تترك آثارها الايجابية أو السلبية عند الأطفال حاضرا ومستقبلا .‏

وأوضح الكسم أن من أهم الأمور التي يجب أن يعلمها الوالدان خلال تعاملهم مع أبنائهم خاصة إذا كانوا اطفالاً والتي من شأنها ان تخلق مساحات واسعة من التواصل بين الطرفين هي أن الطفل يتمتع بقدر عال من الذكاء وهو الامر الذي يوجب عليهما الانتباه جيدا الى السلوكيات والأفكار التي تطرح أمامه مع الحرص الى أن تكون تلك الأفكار والتصرفات ايجابية وبناءة.‏

ويضيف الكسم أنه يتوجب على الأم تحديداً ألا تظهر أمام أطفالها أنها تعرف كل شيء بل أن تترك لهم المجال حتى يفكروا لوحدهم من أجل أن يتطور مدى تفكيرهم ويصبح أكثر عمقا شيئا فشيئا، مع إضافة روح النكتة والفكاهة والمرح أثناء الحديث معهم فالطفل بطبعه يحب المرح واللعب ،هذا بالإضافة الى تجنب السخرية عند مناقشتهم بأفكارهم وآرائهم لان ذلك من شأنه أن يؤدي بالطفل وخاصة الأطفال فوق سن الأربع سنوات الى الإحباط ، وكذلك الانتباه الى تجديد الأفكار لهم بشكل دائم وطرح أخرى بديلة في حال لم تصلهم الفكرة من الوهلة الأولى ولا مانع إذا قامت الأم حتى تساعد أطفالها على الإجابة عن سؤال ما أن تقوم بذكر الأحرف الأولى للجواب لتكون كلمة مفتاحية لمعرفة أفكارهم.‏

الدفء والحب..‏

ومن الأمور الهامة جدا خلال حديث الوالدين مع الأبناء أن يجعل الاب أو الام من نفسيهما صديقين مع أبنائهما وأن يحاولا مشاركتهما بكل ما يفكرون به، كما الانصات لهم جيدا والانحناء خلال الحديث معهم بما يوازي قامتهم والتركيز في اعينهم والتحدث معهم بصيغة المخاطب وليس بصيغة الغائب مع الحضور الدائم للدفء والعاطفة والصراحة، كما ان الاستماع لهم باهتمام وتركيز يؤدي الى خلق الثقة والايجابية في نفوسهم ووجدانهم مع التركيز على ايجابياتهم وتجاهل أخطائهم، وهذا كله يجب ان يحصل في جو أسري زاخر بالحب والحنان والدفء.‏

ودعا الكسم الاب أو الام الى تخصيص بعض الوقت لمحاورة أطفالهم ومعرفة ما يدور في خاطرهم من مشاعر وأحاسيس وأفكار، وإذا كان الطفل من النوع اللحوح والعنيد، فيجب على الاهل ألا يتعاملوا معه بنفس الأسلوب بل أن يحاولوا إقناعه بعبارات بسيطة وايجابية لأنه كلما تم الضغط على الطفل أكثر أصبح أكثر عنادا، كما أنه لا ينصح أن يقارن الأهل طفلهم بطفل آخر بل أن يقارنوه بنفسه، مع تذكير الاهل أن سلوكيات الأطفال تتبدل وتتغير وليس ثابتة.‏

ومن الأمور التي تساعد على التواصل بين الاهل والطفل يقول الكسم :إن إشراك الطفل في بعض أمور المنزل البسيطة من شأنه أن يعزز ثقته بنفسه، كما يجب الانتباه الى عدم استخدام الأصوات العالية والتوجيهات الحادة والأوامر الصارمة كلغة متبادلة مع الطفل لان من شأن هذا الأسلوب في التعامل أن يترك أثراً سلبياً وسيئاً في نفسه بالمستقبل.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية