مشكلاً منعطفا نوعيا في طريقة واسلوب التعاطي الدولي مع سورية فارداً اوراق قوة صمود وثبات سورية على طاولات الحوار بعد رهانات عبثية ومقامرات غبية على استنزافها بسنوات ثماني من حرب شرسة شُنت عليها، و وحدها خطوات الجيش العربي السوري المظفرة بالنصر اينما حلت من ترسم ملامح المراحل القادمة وتصوغ اي سيناريوهات لحلول سياسية نهائية.
تعددت ملتقيات الحوار والمفاوضات بشأن انهاء الازمة في سورية، وأكثرها لم يكن يبحث عن اجتراح حلول تخمد نار الحرب التي استهدفت سورية بكل مقومات وجودها، بل حمل في اجنداته سموم التقسيم والتفتيت وتكريس واقع الاقتتال برؤية تآمرية تنفيذاً للمصلحة الاستعمارية الكبرى التي أُعلنت لأجلها الحرب على سورية على مدار ثمانية اعوام وبتواطؤ دولي اقليمي مفضوح.
والمؤتمرات السياسية تغيرت في أزمنتها وأمكنتها وأجندات رعاتها وضامنيها من جنيف الى آستنة وسوتشي ,وثوابت الدولة السورية لا تتغير، وخطوطها الحمراء في وحدة الاراضي السورية ورفض التقسيم والسيادة المطلقة هي نفسها في كل مؤتمر او لقاء دولي يناقش الشأن السوري وبأن لا ارتهان لأجندات خارجية, ولامساومة على الحقوق ومشروعية محاربة الارهاب كأولويات اساسية في أي حلول يجري تعويمها على سطح الدبلوماسية الدولية والتسويق لها عبر المنابر الأممية أو في كواليس الدول الراعية للإرهاب، في مقابل حالة من التشرذم والارتهان الاحمق وتعدد الولاءات ملازمة لما تسمى «قوى المعارضة» جلية بتبعيتها وانصياعها الكامل لقوى اقليمية ودولية مازالت تتوهم انها قادرة على حدوث معجزة، لن تحصل ابداً مهما أججوا من نيران عدوانهم ، مترقبين حدوث معجزة مستحيلة تقلب المعطيات التي انجزت سورياً بتفوق نوعي على الارض.
سورية لم تقاطع يوماً اي مؤتمرات او لقاءات تناقش الازمة في سورية، حتى تلك التي ترعاها الدول الداعمة للإرهاب ،انطلاقاً من ثقتها المطلقة بأن محرقة كل الاوراق التي تفرد على الطاولة الدولية ورقة حق الدولة السورية في صون وحدة وسيادة سورية ومحاربة الارهاب واياً كانت النتائج التي سيفضي اليها سوتشي المنعقد ،فإن الدولة السورية ترسم رؤاها وتحدد ملامح مشهدها السياسي بقوة انتصاراتها على الصعيدين الميداني والتصالحي على امتداد الجغرافيا السورية، وسواء انتجت هذه اللقاءات حلولاً ناجعة أولها محاربة ما تبقى من تنظيمات ارهابية في ادلب وغيرها أم لا، فهي ماضية في توسيع انتصاراتها وتحرير اراضيها.
«داعش» يحتضر في حوض اليرموك.. وإدلب على خط النار
بعد ان فشلت مساعي أميركا وربيبها الكيان الإسرائيلي الخبيثة وبعض الانظمة العميلة لهما في المنطقة لاستهداف الدولة السورية وتحطمت اوهامهم على صخرة الصمود السوري، يواصل الجيش العربي السوري اليوم تطهير ما تبقى من الأرض السورية المدنسة بوجود الارهابيين الدخلاء على سورية وشعبها.
بين يوم وآخر يعطي المشهد القادم من الميادين السورية، نتائج جديدة لانتصارات كبيرة يحققها الجيش العربي السوري من خلال العمل العسكري الذي يقوده ضد الارهاب، ففي الوقت الذي تؤكد فيه الشواهد ان فلول داعش الارهابية تعيش لحظات الاحتضار جنوباً، وتلفظ أنفاسها الأخيرة في سورية، يستعد الجيش العربي السوري لتطهير مدينة إدلب من براثن الإرهاب وطرد التكفيريين منها، وفق المعطيات المبينة على جدول العمل العسكري الذي وضعه الجيش العربي السوري.
فإدلب الان تعيش حضوراً مميزاً من خلال التعزيزات التي يستحضرها الجيش العربي السوري الى الجنوب الشرقي لريف ادلب وتحديداً الى بلدة ابو الظهور، إضافة لما يفرغه لها الحوار في سوتشي من مساحات واسعة داخل أروقتها.
سوتشي اليوم ليس كالسابق فهو حصيلة تطورات العمل الميداني والانتصارات التي يفرضها الجيش العربي السوري في كل يوم، على الرغم من بعض الصعوبات التي ستواجه المؤتمر بحسب ماهو متوقع.. ومن الطبيعي ان مثل هذا الاجتماع قد يواجه بعض الصعوبات ولن يحسم الاجتماع على المدى القريب، الأمر الذي سيضع الجيش العربي السوري أمام أمر واقع، للبدء بمهمة تطهير إدلب والمناطق الشمالية للبلاد، حيث سيكون النظام التركي اول معارض لها، شأنها شأن معارضاتها لعمليات تطهير المناطق الأخرى من قِبل الجيش العربي السوري.
ولأن الشواهد الحالية تؤكد ان الاتفاق السوري الروسي الايراني يستثني جماعة «جبهة النصرة» الارهابية من حوارات المصالحة ، ولا يمنحها حق البقاء في المناطق التي تشملها سياسة «خفض حدة التوتر»، ما زاد الطين بلة بالنسبة للنظام الاخواني في تركيا ما دفع به للجوء الى تغيير اسم الجماعة، عل «الجماعة» تحظى بالبقاء لفترة أطول في ادلب وتواصل تقديم المعلومات لداعميها الأتراك، ويرى المراقبون ان إطلاق تسمية «حماة الدين» على هذه الجماعة من قبل تركيا، يأتي في هذا الاطار.
فتركيا كانت قد توهمت خطأ بأنها لو دعمت هذه الجماعات ستتخلص من معارضتها الكردية المتمثلة بحزب العمال الكردستاني، عبر كذبة امنها القومي، إضافة الى حلمها العثماني في التوسع، ومن أجل ذلك دخلت قواتها المناطق الشمالية لسورية حتى وصلت الى ادلب، رافعة شعار دعم ما يسمى الجماعات السورية المعارضة.
وكان مؤتمر سوتشي قد بدأ اعماله في روسيا بعد وصول الوفود المشاركة الى المدينة في إطار اللقاء الـ10 بصيغة آستنة بشأن التسوية في سورية، حيث انطلق المؤتمر لبحث التطورات على الأرض وعودة المهجرين.
وجرت الجولة الـ9 من المفاوضات حول سورية في العاصمة الكازاخستانية آستنة خلال يومي 14 و15 ايار الماضي، وأسفرت تلك الجولة عن إصدار الدول الضامنة بيانا مشتركا، يشير، على وجه الخصوص، إلى أن الجولة المقبلة للمفاوضات حول سورية في إطار آستنة ستجري في تموز، إلا أنها خلافا لسابقاتها ستعقد في سوتشي وليس في العاصمة الكازاخستانية.
وفي العودة الى تطورات الميدان فقد بينت المعطيات التقدم الكبير للجيش العربي السوري في حوض اليرموك على حساب فلول «داعش» وذلك بعد استمرار المعارك التي ينفذها الجيش هناك بشكل قوي.. فزخم العمليات وشدة القصف على مواقع التنظيم هناك، يؤكدان أن خيار الحسم العسكري هو القائم حتى الآن، لا سيما أن التنظيم خسر غالبية البلدات والمراكز المهمة له والتي كان يتحصن بها مع اقتراب الجيش من فرض سيطرته على بلدة الشجرة.
وفي انتظار حسم ملف وادي اليرموك، نشط الجيش العربي السوري أيضاً الغارات الجوية على مواقع التنظيم شرق السويداء، وفي داخل منطقة اللجاة، واستكمل تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق التسوية في آخر بلدات ريف القنيطرة التي تضم وجوداً مسلحاً، فيما رفع علم الجمهورية العربية السورية في بلدة المسيفرة بريف درعا الشرقي.
في غضون ذلك يواصل آلاف المدنيين مغادرة محافظة إدلب السورية، عبر ممر إنساني تنظمه القوات الروسية في قرية أبو الظهور، فيما يبدو أنه تحضير لعملية عسكرية في هذه المحافظة ضد إرهابيي «النصرة».
إذاً فالسفن لا تسير وفق ما يهواه حلف الشيطان.. فأحلام سماسرة الحرب في سورية لطالما كانت تؤكد على ضرورة توفير الامن للكيان الصهيوني الغاصب، وعمد البعض منهم الى محاولات نقل ازماتهم الداخلية الى الخارج وتصديرها نحو سورية، وبالتالي تعمدوا الغوص عميقا في اوهامهم التوسعية كما هو حال اوهام التركي شمالاً والإسرائيلي جنوباً لتأتيهم صفعات الانجاز السوري كصفعات متتالية ليصحو من غيبوبة اوهامهم ويستفيقوا من شطحات خيالاتهم فوحدة الاراضي السورية خط احمر قرؤوه بوضوح بملء عيون خيباتهم .