لكن اللافت للأمر التصريحات التي اطلقها عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي وهي ايضاً تشير الى استخدام قوات النظام التركي الفوسفور الأبيض المحرم دولياً خلال عدوانها على الأراضي السورية مؤكدة بأنه يشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.
وكانت تقارير إعلامية وحقوقية أكدت في تشرين الأول الماضي وجود أدلة متزايدة على استخدام قوات النظام التركي مادة الفوسفور الأبيض خلال عدوانها على الأراضي السورية مشددة على وجوب التحقيق في هذه الجريمة (إذا كان للقانون الدولي أي معنى).
ووفق رسالة موجهة إلى جيمس جيفري المسمى الممثل الخاص للولايات المتحدة إلى سورية نشرت على موقع عضو الكونغرس إلهان عمر ووقع عليها كل من الأعضاء كارين باس وخوان فارغاس وشيلا جاكسون لي، فإن التقارير الصادرة عن منظمات وشخصيات دولية تؤكد أن القوات التركية استخدمت مادة الفوسفور الأبيض في سورية كسلاح حارق ضد مدنيين، الأمر الذي يرقى إلى جريمة حرب.
وانتقدت الرسالة موقف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي رفضت التحقيق في الموضوع واكتفت بالإعلان أنها (تتابع الوضع) مطالبة جيفري بعقد إحاطة مفصلة لإبلاغ الكونغرس بما يتوافر لدى الولايات المتحدة من معلومات عن استخدام قوات الاحتلال التركي لمادة الفوسفور الأبيض ضد المدنيين.
كما دعت الرسالة إلى إجراء تحقيق شامل ونزيه ومتعدد الأطراف في هذه الجريمة منبهة إلى أن العينات التي تم جمعها من بعض المدنيين الذين تعرضوا لهجمات بالفوسفور الأبيض لا تزال موجودة غير أنها تتأثر بعامل الوقت ومن المهم فحصها على وجه السرعة لتوثيق الأدلة على هذه الجريمة والمطالبة بملاحقة المسؤولين عن الجريمة عبر مجلس الأمن الدولي ورفع دعوى إلى محكمة الجنايات الدولية.
الامر مؤكد فقد استخدمت أنقرة وإرهابيوها التابعون لها عشرات المرات الأسلحة المحرمة دولياً، ففي، 17 تشرين الثاني، و6 تشرين الثاني استخدمت قوات الاحتلال التركي الأسلحة المحرمة دولياً، ضد مدنيين في مدينة رأس العين، وفي منطقة (صوامع عالية) على طريق (ام فور)، بحسب شهود عيان ومصادر ميدانية، لكن المجتمع الدولي تعامى عن الحقائق وأغفل البراهين التي توثق الإجرام التركي.
فالمدنيون دفعوا فاتورة باهظة التكلفة بأرواحهم ومنازلهم وأرزاقهم، وكله تحت عناوين محاربة تنظيم (داعش) الإرهابي والذي حولته واشنطن وتحالفها ومعهم المحتل التركي بستار من منظمة حظر الأسلحة إلى مسرح يطغى عليه لون الدم والقتل المنظم والمتعمد، وسخرت كل ما هو ممكن لتسييس المشاهد والتقارير.
وكانت منظمة العفو الدولية قد اتهمت مراراً قوات النظام التركي والفصائل الإرهابية الموالية لها بارتكاب جرائم حرب خلال عدوانها على شمال شرق سورية.
أما أميركا التي توجه الاتهام لتركيا فهي تسعى ومن معها على ما يبدو للحصول على أكبر ثمن سياسي على الحساب التركي، لأنها هي أيضاً قامت باستخدام الأسلحة الكيماوية مثل الفوسفور الأبيض والنابالم ودمرت بهما عدداً من القرى والمدن، وكانت توجه الاتهام للدولة السورية عبر طرح سلسلة أكاذيب ومزاعم، وذلك بهدف تعطيل عجلة النجاحات العسكرية التي يقودها الجيش العربي السوري على الأرض إضافة للنجاحات السياسية.
و قبل الإقرار الرسمى بهذا الانتصار، أيضاً عملت واشنطن بالتعاون مع الدول الغربية الكبرى على استخدام شماعة الأسلحة الكمياوية لتأجيل حسم المعارك والتي آخرها إدلب، حتى لا يتم القضاء على تنظيمي (داعش والنصرة) الإرهابيين، وهي تدرك أن نهاية هؤلاء الإرهابيين سينهي مبرر وجودها فى سورية.
فأميركا قامت بقصف الرقة السورية بأسلحة الفوسفور المحرمة دولياً في حزيران 2017 وقد اعترفت بنفسها بتلك الأعمال حيث اعترف ما يسمى التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن بقصف مدينة الرقة بذخائر تحتوي على الفوسفور الأبيض المحرم دولياً، وقد استشهد على إثرها أكثر من 45 مدنياً في حي الرميلة وحارة البدو بالجهة الشرقية لمدينة الرقة، وتحدثت المصادر عن سقوط صواريخ على أحياء متفرقة في مدينة الرقة، مصدرها قاعدة الجليبة الأميركية بريف الرقة الشمالي، كما أن مدينة هجين والشفعة هم أكثر الشواهد الحية التي تحكي عن إجرام ووحشية أميركا وتحالفها.
المضحك بين تلك الإزدواجيات التي تظهر، هي مسرحيات الكيماوي والتي دعمها مجلس الأمن عبر صمته وتغاضيه عن إظهار الحقيقة والتي تعطي الضوء الأخضر أمام ذات الجوقات لارتكاب نفس المجازر المخالفة للقوانين الدولية، وبين ما تقوم به أنقرة من جرائم حقيقية ضد الإنسانية عبر استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، ليبقى الموقف الخائب الذي قدمته ما تسمى منظمة الحظر الكيماوي والذي لم يحرك قيد أنملة لتسليط الضوء على تلك الكوارث الإنسانية المرتكبة، ومحاسبة المجرمين سواء من قبل النظام التركي أم حتى الأميركي، لا سيما بعد عشرات الرسائل السورية الموجهة الى مجلس الأمن وإلى منظمة حظر السلاح الكيميائي، والإثبابات الروسية للوقوف على تلك الحالات وإيقاف تمادي الإرهابيين وداعميهم العثمانيين الجدد والأميركان، إلا أنها كانت تقابل تلك المطالب السورية بعدم الإكتراث.