تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عندما يُطلُّ الوطن.. من «شرفات الياسمين»..

فضائيات
الأربعاء 23-10-2013
هفاف ميهوب

في حضرة الوطن, تتحوَّل اللغة إلى ناطقٍ أخلاقي, وبكلِّ ما من شأنه أن يرتقي بوجودنا ويجعلنا نحلِّق في الفضاءات التي ننتمي إليها بعشقنا وأفكارنا وأحلامنا وكذلك محرضاتِ إلهامنا..

‏‏

اللغة التي لا يمكن أن ينطق بها إلا من شبَّ على أبجديةٍ مرفوعة بشموخ الكرامة والإنسانية.. إلا من تشبَّع حباً لأرضٍ, وحدها من يتوجب علينا عناقها أدباً وفكراً وفناً وسوى ذلك مما نستحق به أن نكون أبناء سورية.‏‏

‏‏

نعم, هذا ما يتوجب علينا فعله تجاه أرض وطننا. الأرض التي تابعنا ليالٍ من عناقها, ومن قِبلِ من أدمعت أعيننا منذ لحظة إطلالتهم مع الإعلامية «هنادي كحيلة» وعبر «شرفات الياسمين».‏‏

إنه البرنامج الذي تفوق على الكثير من سهرات العيد التي تفنَّنت في عرضها فضائياتنا السورية. تفوق لأسبابٍ كان أولها وأهمها, أنه كان الناطق الفني, بحناجرٍ وفيَّة المعنى والمغنى.. حناجر لم تكلِّف نفسها عناء الاتكاء على ادعاءٍ يُسقطها سهواً أو قصداً أو جهلاً, في تلك الإشكاليات التي سقط فيها كُثر ممن أطلّوا عبر برامجٍ عديدة ليعبِّروا عن موقفهم من الأحداث التي تجري في وطنهم, ودون أن يزيد رأيهم إلا من تجريمنا لهم ومن ثم بالإشاحة عما نطقوا به وأدانهم..‏‏

أما عن الحناجر التي استضافها البرنامج, فقد صدحت بما لم يعد يحتاج إلى الكلام المباح, وبعد أن تمكَّن «إيهاب بلان» وريث «مطرب الجبل», «ودريد عواضه» صوت زمنِ الحبِّ والأمل.. أيضاً «أذينة العلي» صرخة الوطن الندية, في جعلِ أحاسيسنا تقشعر خوفاً وحباً ولهفة على سورية الأبية.‏‏

هكذا أطلَّ الوطن عبر «شرفات الياسمين» وبما أعادنا إلى ذكريات الفن الجميل.. زمن الأصوات التي تلهمها الأزمات بأن تشحن ذاكرتنا بما شحنته بها حناجر أمسها. الأمس الذي غناه العملاق «فهد بلان» والذي أحياه ابنهُ عبرَ رسائلِ حبٍّ لم يكن أولها: «من يوم ولدنا يا بلدنا لترابك مندورين» لطالما, لم تزلْ أرض الجولان إحدى مقاصد الفن الذي أحياه وجدَّده بما يتطلبه هذا الزمن الذي نشتاق فيه لسماعِ أغنيةٍ مثل: «جولان وإنتَ عزِّنا, كيد العِدا ما هزِّنا, لعيون عينك يا وطن, للموت نبقى بأرضنا»..‏‏

أغنية, ما أكثر ما سمعناها وعلى مدار ما يتعرض له وطننا وصولاً إلى جولاننا.. ما أكثر ما تمكنت من جعلنا نستنشقُ هواءَ وطنٍ هو فعلاً عزِّنا وأرضنا.. وطنٌ, استنشقهُ أيضاً «إيهاب بلان» الذي آل على إرثه ألا يتوقف عن تجديد الولاء لشعبه وأرضه وحماه كرامتهِ وعرضه, ومن خلال أغانٍ جديدة وعنيدة في تأكيدها على عزة وإباء سورية. الأرض والأم والتضحية.‏‏

أيضاً, وعبر «شرفات الياسمين» أعادنا من لم ننساه ولا يمكن أن ننسى صوت هواه. أعادنا الفنان «دريد عواضه» إلى تلك الأيام التي كان من الصعبِ فيها, وعلى كلِّ من يعشق الطرب الأصيل, أن ينسى تراثه وعشقه وفنه.. أعادنا بصوته وحيويته إلى ما أكدَّ شعوره بأننا : «لا نزال.. وسنبقى أبناء هذي الأرض. فسورية باقية وزوالها محال».‏‏

حتماً لم يكن هذان الضيفان, وحدهما من استشعرنا الوطن يطلُّ عبر حنجرتيهما, فهاهو «أذينة العلي» الذي استضافه البرنامج في حلقة أخرى ضمت أيضاً المخرج «المهند كلثوم». هاهو يؤجج فينا معاني أغنيته التي أشعلت ولم تزل, صباحاتنا ومساءاتنا بصرختها: «يا أمي يا سورية».. الأغنية التي لابدَّ وكلَّما سمعناها من أن نشعر بأن لاشيء بإمكانه انتزاع سوريتنا من وجداننا والمقل.‏‏

أخيراً, وامتناناً لهذا البرنامج الذي وإن لم يكن وحده من أطلَّ علينا من خلاله الوطن, وعبر «شرفات الياسمين». علينا التذكير بأن أكثر ما جذبنا إليه, تميز ضيوفه في انتمائهم إلى زمنٍ أبدي الوجود.. ما ميَّزه, عدم إسرافه في ضوضاءِ كلامٍ لم يعد يعني المشاهدين منه إلا المعنى في المغنى, المعنى الذي أكَّد بأنَّ لا فنّ يُطربنا أو يعني أعيادنا, إن لم يصدح بالوطن كمعشوقٍ معبود.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية