تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حروب أميركا لإنقاذ اقتصادها

شؤون سياسية
الأربعاء 23-10-2013
منير الموسى

الدولار الأميركي قتل مليون عراقي مدني كي تحافظ أميركا عليه، فما حدث في العراق وليبيا وسورية ثلاثة خروقات للقانون الدولي ربما ستظل دون عقاب، وإذا تغيرت سياسة الغرب تجاه سورية فلأن آلية المخطط لم تعمل كما رُسم لها بل قد تسببت بمخاطر أكبر هي اليوم أكثر أهمية في نظر الغرب من تدمير سورية.

هذه الأوقات عصيبة على الولايات المتحدة وحتى مباحثاتها مع إيران كلها محرجة لأصدقائها في الخليج وستضطر ترك الساحة في المنطقة للاعبين الدوليين الجدد، لأنه في الوقت الحالي لم تعد تستطع القوة العسكرية وحدها قادرة على كسب المصالح، فحروب أميركا التي توالت الواحدة تلو الأخرى، ولا سيما في الشرق الأوسط الغني بالطاقة، لم تستطع أن تضعف منافسيها الآسيويين، ولم تمنع من انحطاطها التاريخي، وكل إعادة الهيكلة للقوات الاميركية وتطويرها في حوض المحيطين الهندي والهادي واستفزازاتها الدبلوماسية، لم يمنحها ميزة القدرة على شن أي حرب هناك، ولم تمنع الصين من الوصول إلى الطاقة والمواد الأولية في العالم. وحتى المباحثات الأخيرة التي جرت قبل أسبوعين بين وزير الدفاع الأميركي هاغل ووزير الخارجية كيري مع كوريا الجنوبية واليابان، يرى فيها بعض المحللين أن هدفها الرئيسي ولا سيما بعد نشر أسلحة متطورة شن حرب وقائية في شمال شرق آسيا، إنما تستهدف الصين بالدرجة الأولى وليس فقط كوريا الشمالية. هذا هو توجه الامبريالية الاميركية الآن لإنقاذ دولارها وخاصة بعد فشلها في الشرق الأوسط، ففي آسيا سوف تضاعف استفزازاتها وتهديداتها بتدخلات عسكرية جديدة كي تخضع منافسيها الآسيويين. ففي غرب آسيا كانت سورية مسرحاً لحرب اقتصادية عالمية، ستترك وراءها مخاطر كبرى على كل الاقتصاد العالي، وكل القوى الاقتصادية الكبرى في العالم تحاربت مع أميركا وحلفائها الذين أرادوا فرض هيمنتهم على الطاقة والموارد الطبيعية، وقاومتهم الصين وروسيا والقوى الصاعدة من إيران إلى الهند والبرازيل وإفريقية الجنوبية وهي الدول التي رفضت التدخل العسكري في سورية.‏

ومن خلال الفيتوات في مجلس الأمن أرسلت روسيا والصين لأميركا رسالة قوية مفادها أنه ممنوع عليها بعد غزوها أفغانستان والعراق أن تغزو دولاً أخرى مثل سورية وإيران اللتين تشكلان آخر الأسوار لروسيا والصين وخاصة أن سورية تربط المتوسط بآسيا وتشكل ممراً لخطوط النفط من افريقية إلى أوروبا، ولهذا كانت تلك الحرب الاقتصادية وكان الربيع العربي المزعوم وقد قدمت قطر والسعودية لا يقل عن 20 مليار دولار لمرتزقة أميركا ليس لمساعدة الشعب السوري بل لتدميره، لأن أميركا لم تعد قادرة منذ أكثر من 20 عاماً على استخدام مواردها الخاصة في تطوير ذاتها واتجهت إلى خطة الامبريالية الشاملة ونحو سباق للتسلح من طرف واحد لتواجهه منافسيها القادمين، وخاصة بعد فشل نظرية فولفوفيتز المفكر الصهيوني الذي تحدث عن القرن الأميركي الجديد الذي اتضح أنه يستند إلى سفك دماء الشعوب وعلى الجريمة الاميركية الإسرائيلية التي خطط لها في 11 أيلول 2001 لبناء المستقبل الأميركي على المجازر والمقابر وعلى الإعلام الهوليودي والوهابية وتنظيم القاعدة.‏

وتلك هي خديعة عندما تضع الولايات المتحدة الجولاني والبغدادي على قائمة أميركا لأخطر إرهابيي العالم الذين مولتهم السعودية وقطر اللتان تشكلان الطريق نحو العولمة التي كانت يجب أن تساعد واشنطن على أن تسدد ديونها التي قد لا تستطيع سدادها ما دامت تحرك آلة الحرب. وإن سقط الدولار فإن العائلتين الحاكمتين فيهما ستسقطان ، والدولار قيمته الحقيقة – لا الافتراضية- لا تكاد تساوي صفراً لأنه بلا تغطية، والآن بسبب الأزمة المالية والديون الاميركية غدت قيمته تحت الصفر بسبب ديون الولايات المتحدة التي بلغت 16700مليار دولار، ومن الدائنين الخارجيين الصين ولها 1267 مليار دولار، ولليابان 1108 مليار دولار. ولعل نهاية الدولار ستفرضها دول بريكس على الرغم من القيمة الافتراضية التي مازال الدولار متداولا من خلالها في الأسواق العالمية ومازالت معظم الدول لا تريد أن تتكبد خسائر باهظة بإعطاء الدولار قيمته الحقيقية. وثمة ملاحظة صغيرة أن أميركا لا تتمنى أن يعود إليها أي دولار يخرج من إقليمها، هي تريد موارد تسرقها، والعقوبات الاقتصادية التي تفرضها على بعض الدول سببها الأساسي أن الدولار بلا قيمة، وثمة أسباب أخرى تدخل في إطار فن النهب الحضاري وتقويض سيادات الدول للهيمنة عليها وسرقة كنوزها. وصورة أميركا في العالم الآن كاريكاتورية تريد واشنطن أن ترسم وتستمد منها كاريكاتوراً جديداً بتفكيرها بنقل حروبها خارج المنطقة العربية أي إلى شمال شرق آسيا.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية