تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الاستحقاق الوطني والتوازن المطلوب

شؤون سياسية
الأربعاء 23-10-2013
بقلم الدكتور فايز عز الدين

ربما أصبحنا أمام معادلات في المسألة السورية لم يعُد أيُّ عقلٍ يستبعدها من مجال النظر السياسي ،

أو من النظر المعرفي الاستراتيجي عموماً، ذلك أن حقائق الأرض هي ثوابت في السياسة والتفكير.‏

وحقائق الأرض أصبحت تشير إلى استنفاد عدد مهم من الأهداف المقررة من الخارج لضروراتها ، وانتهاء العمل بها في الحالة الشعبية في بلدنا الغالي.‏

ولعله يكون في طليعة هذه الأهداف هدف الربيع حيث لم تصمد أحابيل هذا الهدف أمام الوعي الجمعي السوري شهوراً حتى كشف المواطن اللعبة عليه باسم الربيع. والهدف الثاني هو الزعم بالانتقال من النظام الاستبدادي إلى نظام الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وكذلك تأكد المواطن - بالملموس- أن القادمين من خارج الحدود من غير السوريين، وبفكرٍ مختلفٍ عما تجانسَ به السوريون في عيشٍ مشترك منذ آلاف السنين ليس في إرادتهم أو بواردهم بناء نظام أو تشكيل دولة جديدة بالسيادة الشعبية، وإنما لهم هدف واحد هو تدمير الدولة وتعميم الفوضى السياسية والاجتماعية والمذهبية ويُنظر بالأمر لاحقاً كيف ستؤول إليه الأمور على غرار ما حدث في مصر وتونس وليبيا واليمن. وقد استوثق المواطن السوري - من المناطق السورية التي تحققت فيها للمسلحين القادمين من بلدان العالم سيطرة- أن هؤلاء لا يملكون مشروع بناء بمقدار ما يملكون مشروع تهديم وتدمير وتقتيل ونهب ثروات الوطن والمواطن. والهدف الثالث هو العزف على وَتَرِ الطائفية حتى يتمَّ للخارج المعادي والعربي المرتبط به إشعال نار الحرب الأهلية في سورية وبالعامل المذهبي بالذات لكي تتطاير شرارتها إلى المحيط العربي والإسلامي حتى ولو وصلت إلى حلفاء أميركا وإسرائيل من العرب والمسلمين ، فذلك ليس مهماً عند راعي البقر الأميركي وشايلوك ، وأيضاً حِرْصُ المواطنِ السوري كان كبيراً على عدم تمرير هذا الهدف الخبيث الذي مارسه العثمانيون من قبل والفرنسيون من بعد، والصيغة السورية للعيش المشترك ظهرت أقوى مما خططوا له. والهدف الرابع هو الدفع باتجاه تغيير صورة العدو الرئيس للسوريين خصوصاً، وللعرب عموماً حيث تصبح إيران هي مركز العداوة للعرب والنفخ في قربة الخطورة الشيعية والتشيّع حتى تظهر إسرائيل على أنها ليست عدواً بل هي كيانٌ لأهل كتاب يمكن أن تُستكشف طرقٌ كثيرة للتفاعل معه ولو هوّد القدس وهدم الأقصى، فالذي قتل الليندي في تشيلي وهو الناجح بالانتخابات الشعبية تحت ذريعة الديكتاتورية، ثم أعطى بينوشيت جنرال العمالة للـ سي أي أيه الحق في قتل الليندي ووصف هذا العمل بالديمقراطية يقوم اليوم بالدور ذاته في بلدنا لتصبح إسرائيل صديقتنا - كما أعلن عن ذلك نظام مرسي في مصر - وإيران عدوّنا الوحيد. والهدف الخامس حيث تمّ التركيز عليه، ووظفوا له كامل قدرات الميديا الإعلامية الدولية فزادت وسائل الإعلام التي تضخ السموم ضد سورية عن ألف وسيلة من أكثر من /80/ دولة عضو في الأمم المتحدة.‏

وهذا الهدف هو أن الدولة السورية هشّةٌ من الداخل ومحمية بجيش محدود كذلك، وبأجهزة حينما تُفرضُ عليها معركة مسلّحة تنقسم طائفياً، واجتماعياً وتنهار المؤسسة الوطنية بسرعة ليصبح التدخل الخارجي سهلاً وميسوراً، وباللحظة التي بدأ فيها المسلحون إطلاق النارعلى المدنيين واتهام الدولة ، بدأت عين المواطن المراقبة تتفهّم الغطرسة ولم تسمح للمخطط الأجنبي من الحلف الأمرو صهيو أوروبي عربي بالتنفيذ ، فلا الجيش انقسم ولا المؤسسة الأمنية والوطنية انقسمت، ولا المجتمع السوري تفجّر من الداخل، ولا بدت سورية الدولة أو الشعب هشةً من الداخل فسقط الهدف، واتضح للعالم المتدخّل في سورية أن سورية دولةٌ تواجه وتصمد ولديها مقومات مواجهة وصمود تتزايد ولا تتناقص ، وهنا خاف الحلفُ المذكور أن يُفشل صمودُ سورية اللعبةَ الأممية برمتها باعتبار أن أصل اللعبة تدمير المنظومة العربية الإقليمية في الكيانية الدولتية، وحتى السلطوية لخدمة إسرائيل والمشروع الصهيوني بتفتيت العرب وإعادتهم إلى قبائل وكانتونات تسهل عليها السيطرة والإكراه الخارجي ، وضبط نمو القوة لتبقى إسرائيل هي الأقوى في هذا العصر وعلى مدى العصور. وعلى الرغم من أنه توجد أهدافٌ قد سقطت ولا سيما هدف الجيش الحر ثم المثقفين الأحرار والمواطنين الأحرار إلى ما هنالك من أحرار واتضح أن مثل هذه الصيغ قد مهدت لدخول القاعدة وحين دخلت القاعدة انقضّت على مَنْ أدخلها من محيط سورية العربي والإسلامي، أو من داخل سورية الموهومين بها. وبناء عليه فإن بنك الأهداف للعامل الخارجي المرتبط بالحلف الأمرو صهيو أورو عربي قد فشل بقاعدته البيانية.‏

ومحتواه الرقمي ولم يعطِ إلّا نتيجة واحدة تشير إلى عدم دراية الذين عملوا عليه في الحياة السورية في الدولة، والمجتمع ومؤسستيهما. ولكم تحدث مَنْ تحدث باسم هذا البنك بأن التوازن داخل سورية صار لمصلحتهم وبأن السيطرة قد صارت على 70% من الأرض السورية والمدن، وأن الحسم العسكري سيكون قريباً ، ومعارك المدن آتية وستسفر عن احتلالها إلى ما هنالك، والمتابع الدولي لم يجد شيئاً من هذا طالما أن الدولة حيثما تحركت تستعيد المنطقة المُسيطر عليها والأمثلة كثيرة. وبعد سنتين وسبعة أشهر والعالم يشهد القوة السورية تتنامى ، والاقتصاد السوري يصمد والمواطن السوري يحسم خياراته والتوازن لم يكن إلّا لصالح الدولة وجيشها وشعبها، وقد تغيّرت موازين القوى العالمية لمصلحة فرض القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة، ودول البريكس وعلى رأسها روسيا والصين هما الآن من يتصدر القرار الدولي في مجلس الأمن حتى يكون عادلاً وتنتهي حقبة التدخل الخارجي لتغيير الأنظمة بالقوة ويعود الحق لكل شعب باختيار نظامه بإرادة وطنية حرّة خالصة. وفي مثل هذا التوازن فالاستحقاق الأكبر على السوريين في التوازن المتواصل لصالح الدولة والشعب والجيش أن تبدأ المؤتمرات الوطنية على أرض الجمهورية حتى نتوافق على استراتيجيات العمل الوطني من أجل سورية الناهضة بإرادة الكل الوطني.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية