تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


دوستويفسكي وأبوليناريا.. قصة حب وخيبات ..

عن لومانيتيه
ثقافة
الأربعاء 23-10-2013
ترجمة: مها محفوض محمد

لم تجد الروائية الفرنسية «كابوسين موت» قصة حب أكثر إثارة من تلك التي عاشتها أبوليناريا سوسلوفا مع الروائي الكبير دوستويفسكي لتجعل منها موضوع روايتها الأخيرة وعنوانها «أبوليناريا» التي صدرت عن دار لايتس الباريسية منذ أشهر قليلة.

والأديب الكبير فيودور دوستويفسكي / 1821-1881/ كما هو معروف من أهم وأبرز الأدباء الروس بل من أفضل الكتاب العالميين في القرن التاسع عشر قدم في أعماله صورة حية للوضع الاجتماعي والسياسي في روسيا، أما أبوليناريا حبيبته فكانت الابنة الثانية لخادم عند إقطاعي روسي كبير جنى ثروة طائلة بعد أن أطلق سيده سراحه عشية الثورة البولشيفية في روسيا، وكان الشابان فيودور السجين السابق وأبوليناريا ابنة الرفيق السابقة بحاجة كل منهما للآخر ليؤكدا على وجودهما اجتماعياً أولاً وفكرياً ثانياً بلقائهما كحبيبين.. لكن الطريق كانت شاقة أكثر مما يتوقع كل منهما.‏

هذا ما تسرده الروائية الفرنسية كابوسين موت في مقدمة روايتها«أبوليناريا» تقول: لقد شكل هذا الحب الصعب مادة خصبة لكتابات دوستويفسكي صاحب «الأبله» والجريمة والعقاب» و«الأخوة كارامازوف» و«يوميات كاتب» و«ليال بيضاء» و«اللاعب» وغيرها من أعماله.. أيضاً تتحدث موت في الرواية كيف تركت مشاعر فيودور وعشقه لعروس إلهامه انعكاساتها على الكثير من روائعه.. حيث بدأت قصة الفتاة التي لم تتجاوز سن العشرين من حلمها وتوقها إلى لقاء هذا الأديب الذي خرج لتوه من السجن تدفعها مشاعرها الرومانسية تجاهه أيضاً إحساس أبوليناريا بأنها وحيدة في هذا العالم في الوقت الذي كان يسطع نجم شقيقتها الشديدة الحيوية ناديا أيضاً ما شجع بولينا- كما كانت تدلعها أسرتها- على ذلك هو طموح أسرتها في أن تصبح شاعرة وكاتبة فأرادت بذلك أن تعيش قصة حب حقيقية وكان لها ماأرادت عندما التقت بالقلم الموهوب دوستويفسكي رغم أن المجتمع الروسي الطبقي يومذاك لم يكن ليسمح لابنة رقيق الخروج عن تقاليده إنما كانت أختها ناديا تشق طريقها هي الأخرى في صفوف الشبيبة الثورية وطليعة الحركة الاشتراكية الناهضة آنذاك وتحاول بولينا فعل المستحيل للتقرب من فيودور الرجل الناضج المبدع القبيح الشكل والفقير الحزين لإصابته بالصرع لكنها تجد فيه مرآتها الجميلة التي تعكس توقها للمجد والشهرة.‏

ويعاني العاشقان من آلام لها جذور في نفس كل منهما فيودور لأنه مريض وبولينا لأنها من طبقة مسحوقة وتسعى لتسلق السلم الاجتماعي بصعوبة وبعدها تصبح بولينا عرافة دوستويفسكي وكاتمة أسراره رغم أن حبها لهذه الموهبة يعذبها كثيراً كما يعذب فيودور ويتألم من عشفه لتلك الحسناء التي لا يملك المال الكافي لتأمين حياة سعيدة لها ثم تكتشف بولينا أنها عقيمة لا تستطيع الإنجاب نتيجة علاقتها الحميمة مع فيودور المريض غير أن حبها له يجعلها مستعدة للتضحية بزهوة شبابها للبقاء معه والمحافظة عليه وهي تدرك الثمن الباهظ الذي تدفعه.‏

وتروي موت في «أبوليناريا» كيف تهرب بولينا في أحد الأيام إلى باريس فيلحق بها دوستويفسكي وقد اشتدت به الأحزان لأن بولينا حاولت خيانته في باريس ونجحت في ذلك غير أن فيودور يغفر لها ويعيدها معه إلى روسيا وفي طريق العودة يزوران عدة مدن أوروبية ويخسر العاشقان مدخراتهما في تلك الرحلة الطويلة في الكازينوهات التي جرفتهما أضواؤها ليعودا إلى روسيا التي كان يحكمها القيصر الكسندر الثاني وهو الذي وضع نهاية لعبودية الرقيق وكانت الشبيبة الفقيرة تحضر لثورة قادمة، وتخضع الحسناء السلافية بولينا لقدرها المحتوم بالبقاء مع رفيقها دوستويفسكي العاشق الولهان لها.‏

هذا وقد حصلت رواية«أبوليناريا» هذا الصيف على جائزة «روجيه نيمييه الفرنسية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية