يبدأ المترجم بداية بتقديم نبذة عن حياة الشاعرة فنقرأ بأنّها قد ولدت في 8 تشرين الأول أكتوبر 1892م في عائلة إيفان تستفيتاييف البروفيسور في جامعة موسكو ومؤسس متحف الفنون الجميلة في العاصمة الروسية، وتنقلت الشاعرة في طفولتها بسبب مرض والدتها البولونية الألمانية الأصل بين إيطاليا وسويسرا وألمانيا، وكانت مارينا تتحدث اللغتين الفرنسية والألمانية بطلاقة، واستمعت في العام 1909م إلى سلسلة محاضرات عن الأدب الفرنسي في جامعة السوربون.
بدأت نشاطها الأدبي في موسكو من خلال حلقة الشعراء الرمزيين، وتعرفت إلى بريوسوف مؤسس الحركة الشعرية الرمزية، الذي كان له دور كبير في بلورة شاعريتها المبكرة، ولم يكن أقلّ تأثيراً على تشكّل الشاعرة الإبداعي ذلك الوسط الفني والشعري لبيت الشاعر الكسندر فولوشين في القرم، حيث كانت الشاعرة تنزل ضيفة فيه بصورة دورية على مدى عدّة أعوام.
وحول منجزها الإبداعي فقد صدر لمارينا أول ديوان شعري لها بعنوان الألبوم المسائي عام 1910م، ثم صدر لها العام 1917م ديوانها معسكر البجع ، وقد ضمّ قصائدها التي تتغنى فيها بالحرس الأبيض, بينما كان النضج الفني عند الشاعرة فظهر بشكل واضح في المجموعتين الشعريتين «الفراسخ» 1921-1922 و»الحرفة»1923 كما تجلت شخصية الشاعرة الفريدة من خلال سلسلة القصائد المُكرسة لبعض الشعراء المُعاصرين بلوك، باسترناك، أخماتوفا وغيرهم أو المكرسة لشخصيات تاريخية وأدبية كشخصية دون جوان مثلاً, تلك الشخصية الرومانسية التي كان معاصرو تسفيتاييفا يواجهون صعوبة في استيعابها, إذ راحت تُماثِل الشاعرة من خلالها بين شخصيتها هي ذاتها وبين أبطال قصائدها, وحيث يتم تعويض تراجيديا حياتهم الأرضية من خلال الانتماء إلى عالم الروح, عالم الحب والشعر.
يطغى على أشعار تسفيتاييفا الطابع الرومانسي الممزوج بالقهر، من التشرد، والنفي، وبالتعاطف مع المنبوذين، كتعبير عن حياتها الحقيقية.
يضم الديوان 110 قصائد, ويقع ب195 صفحة من القطع المتوسط ...
ومن القصائد نقتطف عنوان «إلى التالية» وهو أول القصائد المختارة في الديوان حيث تقول فيها :
سواء كنتِ قديسة أم أشدّ الناس إثماً،
مُقبلة كنتِ على الحياة
أم خلفّتِها وراءكِ
أحبّيه فحسب بحنان أكثر،
هدهديه لينام كما الطفل
على صدركِ،
لا تنسي أنّ النوم أكثر ضرورة
مِن الغَزَلِ، فلا توقظيهِ فجأة
من النوم مُحتضنة إيّاه.
كوني معه إلى الأبد
ومن قصيدة (من سلسلة دون جوان) :
عند الفجر القارس,
تحت شجرة البتولا السادسة,
في الزاوية, قرب الكنيسة,
انتظرني, يادون جوان!
لكن أُقسم لك بالعريس وبالحياة,
إنه ما مِن مكان في بلدي
لتبادل القبلات
إنه ليست لدينا فسقيات,
إن بئر الماء تجلّدات,
وإن العينين صارمتان عند مريم
على جميع الأيقونات .
وفي قصيدة تحت عنوان إلى ب. إي تقول :
الأوراق تناثرت فوق قبرك,
ورائحة الشتاء تفوح
اسمع, أيها الحبيب
أنت, مع ذلك, لي.
اتضحك! وأنت في رداء ناعم
فضفاض للسفر
يقف القمر عالياً
أنت لي - هذا لا ريب فيه
ومؤكد,
كما هذه يدي .
ومسك ختام القصائد المختارة من أشعار مارينا تسفيتاييفا هي قصيدة شهر آب فتقول:
آب عنا صيف
آب نجوم،
آب عناقيد
عنب وحبّات غبيراء،
صدأ آب.
كما الطفلُ، تلعب يا آب،
كما الكفُ، تمسح القلب
باسمك الإمبراطور
آب إنّه القلب!
شهر القبلات المتأخرة, شهر الورود والبروق المتأخرة!
تساقط النجوم بكثافة
أب! شهر
السقوط الغزيرة للنجوم .