ذلك أنّ تلويح أوباما بالفيتو لمنع محاكمة مسؤولين سعوديين بتهمة التورط بهجمات 11 أيلول قبيل توجهه إلى الرياض يحمل رسائل متعددة، وبطبيعة الحال فإنّ وصول مشروع قانون بهذا الصدد إلى الكونغرس يُوجه رسائل أخرى لا تُلغيها رسائل التلويح بالفيتو، غير أنّ هذه الرسائل وتلك لا يُعتقد أنها تأتي رداً على تهديد السعودية ببيع أصولها المالية التي لا تملك منها شيئاً.
وفي جنيف التي تبقى مسرحاً مُتخصصاً بتكسير الإرادات والعظام السياسية لمُشغلي المُرتزقة والحثالات التكفيرية لم تُدرك واشنطن ولا أدواتها بعد أنّ عناوين المحادثات هناك لا يُحددها ديميستورا وحده، ولم تُدرك واشنطن وأدواتها بعد أنّ مآلاتها لن تكون على مقاسات من مارس الإرهاب ودعمه، كما لم تُدرك بعد أيضاً أنّ المشاركة بالمحادثات أو تعليقها أو إعلان الانسحاب منها لن يُغيّر في قرار سورية بمواصلة الحرب على الإرهاب ولن يزيدها إلا إصراراً على رفض كل ما يمس بسيادتها.
الولايات المتحدة التي اختارت اللعب على الحبال المتعددة، عليها اليوم أن تتأكد من أنّها مشدودة ومتينة بما يكفي كي لا تتعرض لسقوط يؤذيها أو يُحرجها أو يُخرجها من الحلبة، فخروقات أدواتها لاتفاق وقف الأعمال القتالية لا يجوز أن تستمر، ومحاولتها التغطية على الإرهابيين في حلب وغيرها هي محاولة يائسة ومفضوحة، وبالتوازي فإنّ سعي تركيا وقطر والسعودية لإفشال جنيف يلتقي مع ما سبق وهو ما يؤكد أنه أمر عمل جديد لها صدر مجدداً، لكنه لن يبقى بلا رد يردعها في السياسة والميدان.
قد يكون من المعلوم أنه لا يمكن لأميركا أن تعترف بضعفها، ولا يمكن لها أن تُسلّم كل الخيوط لخصمها، ولا يمكن لها أن تُقرّ بالهزيمة، لكن يجب أن يكون معلوماً لها أنّ الطرف الآخر لا يمكن له أن يدعها تعبث بأمنه واستقراره من دون أن يجعلها تدفع التكاليف الباهظة ربما، وقد كان حري بها وبجو بايدن - مثلاً - لو كانت إدارته صادقة أن تُسمع نتنياهو كلمة بعد الجنون الذي مارسه في الجولان المحتل، لا أن تسأل بغباء: كيف تكون اسرائيل يهودية وديمقراطية في الوقت نفسه، وكأنها اكتشفت البارود للتو؟!.
الذراع الصهيونية القذرة حمد بن جاسم سيئ السمعة والذكر حكى بالأمس عن مقعد خلفي جعلته السعودية ينتقل إليه عنوة، ليرمى لاحقاً به وبأميره خارجاً، فأيّ مقعد ينتظر ملك الزهايمر وسلطان الوهم إذا وجدت أميركا التصالح مع الواقع ممراً إلزامياً لحفظ ماء الوجه، وأين سيُرمى بالوهابيين وبالعثمانيين الجدد في هذه الحالة، ربما على مسؤولي القارة العجوز أن يفكروا بالإجابة.. هم على اللائحة؟!.