تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أي خلافات تعصف بالانتخابات الرئاسية الأميركية

 بقلم: جوناثن شايت
الفايننشال تايمز
ترجمـــــــــــة
الاثنين 19-3-2012
ترجمة: خديجة القصاب

ليست تلك هي المرة الأولى التي يخوض فيها «ميت روميني» مرشح الجمهوريين المفضل لدى هذا الحزب انتخابات الرئاسة الاميركية. ففي العام 2005 اتخذ هذا المرشح قرار خوض الانتخابات الماضية وراح يعمل جاهداً لتحسين صورته

و أدائه في صفوف الجمهوريين بحيث تأييده القاعدة العريضة لهذا الحزب الأميركي المحافظ ثم عمد الى استبدال خياراته ومواقفه السابقة فتخلى عن دعمه للأوساط المعرفية و المصرفية والتجارية الى حين بعد أن اكتشف انذاك العنف المتخفي وراء تحركات السياسة الخارجية الاميركية ليسهم عندها انتقاله من جناح اليمين الوسط الى اقصى اليمين داخل حزبه الجمهوري في تدمير مستقبله الانتخابي انذاك لكنه لم يتردد في القيام بتلك الخطوة ليتساءل المراقبون لماذا أعلن روميني انسحابه عن سباق الرئاسة الاميركية عام 2008 قبل تشكيل لجنة العمل السياسي المحافظ كما يدعونها؟‏

انتسب هذا المرشح يومئذ لجناح اليمين المحافظ المتشدد مؤيداً سياسات هذا الاخير بالمطلق لكن سرعان ما انغمس الجمهوريون أكثر فأكثر في سياسة التطرف والتشدد منذ عام 2008 ليجد «روميني» نفسه يتجه ثانية بشكل مريب الى التيار الوسطي في هذا الحزب.‏

ويكمن جزء من المشكة التي يعاني منها روميني في برنامج الرعاية الصحية كما أعلن على الملأ خلال حملته الانتخابية في ولاية ماشوسيت و هو البرنامج الذي اهتم به اوباما فيما بعد وسلط عليه الاضواء ليحظى باستقطاب شرائح الشعب الاميركي الواسعة.‏

ومن ابرز التحديات التي يواجها اليوم «روميني» فشله في تحريض ذاته لابعاد شبح العنف الذي يخيم على حملته الانتخابية وذلك عندما اتهم إدارة البيت الأبيض الحالية أنها تقف وراء اشتباك المرشحين الجمهوريين فيما بينهم الذين يتنافسون على رئاسة البلاد مع انسحاب بعض منهم من سباق شغل منصب اوباما و عجزهم عن شحذ هممهم الى نهائيات تلك الانتخابات وعمد «روميني» الى استثمار ثروته الطائلة مؤخراً من خلال توظيفها في حملة إعلامية واسعة لدحر منافسيه في كلا الحزبين لذلك انضم روميني الى صفوف جناح اليمين المتطرف لحزبه موجها اللوم للمرشح «نويت غينفريش» وهو من الحزب الجمهوري كذلك لمعارضة هذا الاخير الطروح التي تطالب بالتغيير على المستويات كافة.‏

كذلك الامر بالنسبة لمنافسة المرشح «ريكساتورم» وينتمي لحزب العمل الاميركي لكنه لسوء الحظ يهوى الانفاق الذي لا مبرر له خاصة اذا كان الامر يتعلق بالميزانية العامة للدولة.‏

أدت تلك العوامل إلى كشف مدى التناحر بين ادارة الحزب الجمهوري وغالبية مرشحيه المدعوين لخوض انتخابات الرئاسة الاميركية لهذا العام وعلى امتداد العقود الماضية انتهجت إدارة الحزب الجمهوري سياسات تميل باتجاه اليمين وهي عملية تشكل موتاً بطيئاً للاعضاء المحافظين كما ظهر خلال السبعينات من القرن الماضي و من أبرز أعضاء هذا الحزب انذاك كان «بوب دول» الذي عمد إلى سحق منافسيه من جناح الوسط في التسعينيات من القرن الماضي عند ترشيحه لخوض الانتخابات الرئاسية الامريكية و مع تولي باراك اوباما زمام السلطة أدت المتغيرات المرافقة لولايته إلى تسريع وتيرة السباق إلى البيت الابيض.‏

ويرى أعضاء الحزب الجمهوري أن انتخاب اوباما مرتبط بالدعم الذي قدمته الفئات الشابة من المجتمع الامريكي للمرشح اوباما و اصحاب البشرة السمراء منه مما اجج مخاوف الجمهوريين من الغد فكان ان رد أعضاء الحزب الجمهوري على صفعةفوز اوباما بالانتخابات الرئاسية الماضية بانتقالهم إلى مرحلة المواجهة الحاسمة مع الحزب الديمقراطي منافسهم من خلال الانتقاص من المعارضة الراديكالية على صعيد انفاق الدولة وتقليص ميزانية البرامج الاجتماعية في البلاد.‏

وقد عرض « روميني» معايير جديدة على صعيد المتغيرات الطارئة على الحزب الجمهوري خلال حملة الانتخابات الرئاسية الامريكية.‏

وكان الجمهوريون يميلون لليمين المتطرف عام 2008 ليتحولوا حالياً الى صفوف اليسار خلال الانتخابات التي ستجرى هذا العام دون تبني سياسات الحزب الجمهوري المواقف اليسارية المعهودة ولو بروية ويتساءل الكاتب «جوناثن شايت» هل هذه الآلية التي يتبعها الحزب الجمهوري ستكون فاعلة على أرض الواقع ؟‏

هناك اعتقاد سائد اليوم أن تحول هذا الحزب نحو اليمين المتشدد سيؤدي إلى الحاق هزيمة قاسية و متتالية بالجمهوريين.‏

ومن جهة اخرى كان الحزب الديمقراطي المنافس قد استحوذ على الساحة الانتخابية الامريكية قبل ان ينهار الاقتصاد العالمي بشكل عنيف ومفاجىء اثر تراكم الديون على الولايات المتحدة و خوضها حربين خاسرتين في افغانستان و العراق.‏

وتقول إحدى النظريات حول هذا الموضوع إن الناخبين الامريكيين سيعاقبون مرشحي الحزب الجمهوري على سياساته المتطرفة.‏

وهناك نظرية أخرى تفيد بأن هؤلاء الناخبين لابد أن يشاركوا في عملية معاقبة الحزب الديمقراطي كذلك نتيجة تدهور الاقتصاد الامريكي فاذا استمر الاقتصاد الامريكي السير بهذا الاتجاه نحو طريق مسدود حتى يحين موعد اجراء الانتخابات السياسية في تشرين الثاني القادم فان التجربة السياسية الماضية ستمنى بهزيمة مدوية.‏

وقد وجد عدد من المتخصصين بعلم الاقتصاد في العصر الحديث ان أي سياسة يتبناها الحزب الجمهوري لا تتمكن من الاستمرار وتطبيق اجندتها سيتم التخلي عنها و تصبح غير مرغوب بها.‏

واستناداً لتلك التحليلات أدى اندفاع جناح اليمين الجمهوري باتجاه تطبيق سياسات خارجية شرسة إلى تباطؤ عمله حزبياً لذلك لابد لهذا الحزب من إعادة بناء ذاته مع ظهوره كمنظمة شبه عسكرية تتحرك داخل قلعة حصينة من المشاكل.‏

ومما يثير مخاوف المراقبين أنه من الصعوبة بمكان رؤية كيف يتسنى لتلك العملية الانتخابية أن تحقق تقدماً عما قريب. فاحتمال تسمية روميني مرشحاً للحزب الجمهوري ستعتمد على توصل الحزب إلى نتيجة أن أعضاءه اضطروا للموافقة على ترشيحه بحيث يشغل «روميني» منصب زعيم ورئيس للحزب معاً رغم ان هذا الأخير لا يتفاعل مع سياسات الجمهوريين بشكل عام وهذا ما يفسر كذلك أسباب فشل جورج بوش الابن في نهاية المطاف و لماذا خسر «جون ماكين» مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية عام 2008 أمام باراك اوباما يومئذ.‏

ففي حال استمر روميني في تحقيق النصر تلو الآخر في الولايات الامريكية على منافسيه وحتى لو كان هذا النجاح منقوصاً وبشكل أساس على صعيد مواجهة المرشح الديمقراطي اوباما فانه سيصبح المرشح الأقوى لدحر الرئيس الاميركي الحالي و التربع على عرش البيت الابيض.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية