تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حوار الحضارات ...حط في رودس والنتائج مراوحة بالمكان !

شؤون سياسية
الاثنين 19-3-2012
هيثم عدرة

يعقد في كل عام من الخريف كما جرى مؤخرا في جزيرة رودس اليونانية المنتدى الاجتماعي العالمي (حوار الحضارات ) , وهذا يطرح جملة تساؤلات حول واقع حوار الحضارات ,

وما هي طبيعة الدور المأمول من ذلك , وما تأثير ماجرى ويجري على نطاق الوطن العربي وتنامي ظاهرة كره الأجانب في أوروبا ويبدو أن الاستراتيجيات التي تمت مناقشتها في هذا المنتدى سيكون تطبيقها في هذا الزمن الصعب في غاية الصعوبة في ظل مايشهده العالم من معطيات اقتصادية وسياسية واجتماعية لها طابع تنافري.‏

لابد من القول أن شمول عملية العولمة في ميادين شتى على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي وتنامي ذلك ,وهذا يعتبر حالة طبيعية لإيجاد قواسم وتفاهمات مشتركة بين أبناء مختلف الثقافات والحضارات , إضافة إلى البحث المتواصل عن السبل البديلة للتطور السلمي الذي ينبغي أن يتمحور حول القيم الإنسانية , ومن هذا المنطلق يرى منتدى رودس أن توجهاته الرئيسية تتركز حول توحيد جهود الجميع للمحافظة على المنجزات الثقافية والروحية للبشرية وتنظيم الحوار البناء بين اكبر حضارات العالم المعاصر.‏

ويحظى نشاط المنتدى بتقويم رفيع من جانب رجال الدين ورجالات الدولة والشخصيات الاجتماعية في كل مكان ,بما في ذلك البلدان العربية , ويشار إلى أن الجهود المبذولة لتنظيم حوار الحضارات ضرورية وملحة الآن أكثر مما في أي وقت مضى , فالتوتر قائم بين الغرب والعالم الإسلامي وفي البلدان الأوروبية نشهد تصاعدا في الميول المعادية للمسلمين , وفي مظاهر العنصرية والعداء للأجانب , وفي هذا الزمن الصعب الذي تتكاثر فيه النزاعات المسلحة وتقوم في عدد من البلدان محاولات لزرع النزاعات الطائفية والقومية .‏

تفجيرات أوسلو الإرهابية التي هزت النرويج (وتتوخى حسب فكرة مدبرها اندريه برويك , تنبيه أوروبا إلى التخلص من مقولة التكافؤ العنصري والتحذير من خطر انتشار الإسلام في هذه القارة ) , جعلت الكثيرين يتحدثون عن تصاعد الميول اليمينية المتطرفة في الدول الأوروبية , وعن التخوف من ازدياد نسبة المسلمين بين سكان الاتحاد الأوروبي , وقد انعكس انتشار معاداة الأجانب ورفض نمط الحياة والتقاليد غير الأوروبية‏

في السنوات الأخيرة على أمزجة السكان في الدول الأوروبية حتى أن(مابين ثلث إلى نصف عدد المشاركين في استطلاع الرأي هناك يعتبرون الوافدين من البلاد الإسلامية خطرا على الحضارة الأوروبية )‏

ويبدو أن المخاوف من الإسلام في أوروبا تتصاعد ليس فقط بسبب المتطرفين اليمينيين الأوروبيين , بل وكذلك بسبب نشاط المتطرفين الإسلاميين بين مسلمي أوروبا , والى ذلك ينتشر أكثر فأكثر الرأي القائل إن المشكلة تكمن أساسا ليس في المسلمين الوافدين على أوروبا ,بل في الأوروبيين أنفسهم , فهم يضعون الحواجز والعراقيل أمام التأقلم أو الانخراط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي في المجتمعات الأوروبية ويعيقون التعايش والوئام بين مختلف الطوائف الدينية والاثنية , ولذلك يضطر الوافدون والمهاجرون على الانطواء في إطار جالياتهم وطوائفهم ويمارسون بالتالي حياتهم المألوفة وعلاقاتهم التي تعودوا عليها مع العالم الخارجي , ومهما يكن من أمر يتعين على أوروبا أن تحل بأسرع مايمكن مشكلة التعددية الثقافية تفاديا لما قد يحصل من تفاقم وتأزم في العلاقات بين الأقليات المسلمة وبين المتطرفين من أنصار الأفكار اليمينية.‏

يظل مندوبو منتدى رودس على يقين بأن توفير الوئام في العلاقات المتبادلة بين الحضارات والثقافات أمر ممكن وقابل للتحقيق طالما أنه يشكل الضمانة الكفيلة لتأمين الاستقرار وتوطيده على النطاق العالمي .‏

يبقى مانتحدث عنه هو محاولة لإيجاد صيغ وقواسم مشتركة بين الثقافات والحضارات والأديان للتعايش المشترك واستمرارية ذلك بعيدا عن السياسات التي ترسم في الغرف المظلمة , والتي تسخر في بعض الأحيان قضايا كثيرة لخدمة مصالحها ومنها الدين على سبيل المثال , وهذا يجعلنا نفرق بين هذه المنتديات والسياسات المتبعة في الولايات المتحدة وأوروبا وكيف تسخر كل شيء لخدمة مصالحها , وباعتبار أن الدوائر الأمنية لهذه الدول أو لنقل هذا التحالف تمتلك ترسانة كاملة من الوسائل والأساليب الخاصة وكذلك الأخصائيين القادرين على تحويل هذه المدينة أو المحافظة أو المقاطعة إلى (بقعة ساخنة ) يحرضون على العنف بين الجماعات العرقية والدينية ويشعلون فتيل النزاعات أينما ارادو لخدمة مصالحهم تحت حجج الديمقراطية والحرية والعدالة و...الخ ,علما أن من يدبر لهذه النزاعات أو لنقل الاحتجاجات هم يقفون في الظل ويتسترون تحت شعار حماية المدنيين وحقوق الإنسان وغني عن القول معرفة إلى أي مدى ستصل تصرفاتهم وحماقاتهم , وهذا يتوقف لدرجة كبيرة على القدرة الاحتجاجية للمعارضة من جهة , وما يريدون من البلد المعني من جهة ثانية .‏

هذا يجعلنا ندرك ماهي الطبيعة التي تحملها الولايات المتحدة وأوروبا تجاه العرب أولا والمسلمين والعالم ثانيا , أي بمعنى آخر كيف ترى الشرق الأوسط من وجهة نظرها وماذا تريد منه وكيف نظرتها إلى العالم واستغلالها تباين القوميات والنزعات العنصرية والدينية وتسخير كل ذلك وفق استراتيجيات أعدت لهذا الغرض ,وهذا يجعلنا نشكك في النوايا الأميركية تجاه أي موضوع , فهي دائما تأخذ دور الراعي والموجه للقوى في المسائل العالمية بشكل عام , وهذا يجعل جميع المؤتمرات والمنتديات تسخر في أكثر الأحيان لخدمة مصالح واستراتيجيات الولايات المتحدة وأوروبا بشكل عام .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية