هل تضطر في بعض الأحيان للتظاهر بصفة هي غير موجودة فيك أصلاً ولكن الموقف يفرض عليك ذلك؟
هل تعتقد أن الآخر ينتظرك على (هفوة) ليقلل من أهميتكَ في نظره أو ليسجّل عليك (واحدة) قد يحتاجها في موقف تكون فيه أنتَ الأقوى؟
هل تثق كل الثقة بصديق أو أكثر أم تترك لـ (الحيطة) مكاناً وأن تعبّر عن ارتياحك لهذا الشخص أو ذاك؟
هل يفضحكَ وجهكَ ويبدي ما تحاول إخفاءه أم أنك تنجح بالتحكّم بتعابير وجهك وبردّات فعلك وانفعالاتك فلا يستطيع أحد أن يمسكك من اليد التي توجعك كما يقولون؟
لستُ باحثاً اجتماعياً أو نفسياً لكني أحاول التقاط أسئلة الشباب في أي مكان أصادفهم فيه أو أتعمّد لقاءهم به وأبحث لهم عن الأجوبة من أكثر من مصدر لنقيم هذا الحوار الدائم مع عدة مستقبلنا وفلذات أكبادنا..
كيف تمتلك شخصيةً قوية بين أقرانك، وكيف تفرض هذه الشخصية دون أن تنفي من يخالفك الرأي من حساباتك، وهل هناك قاعدة ثابتة في هذا الشأن أم إن المسألة تختلف باختلاف جميع الأطراف في المشهد الواحد؟
قد لا يكون لدى كلّ شبابنا الوقت الكافي للبحث عن دراسات تخصّهم وقراءة هذه الدراسات والوقوف عند نتائجها لهذا نحرص بين الحين والآخر أن نقدّم لهم بعض خلاصات هذه الدراسات بطريقتنا المبسّطة لتكون أكثر استساغةً وسهولة على الهضم ونضيف إليها بعضاً من تراكم خبرتنا في هذا المجال..
اطلعتُ على أكثر من دراسة في هذا الشأن فاقتبستُ ونقلتُ وأضفتُ والهدف هو تجميع القاسم المشترك من هذه الدراسات والآراء وبعضها لأشخاص بأسماء مستعارة وبعضها منقول عدة مرات وذلك من باب الأمانة المهنية والتي لا تجيز لنا أن ننسب لأنفسنا ما ليس لنا..
الهدوء سلاحك الأمضى
لتحافظ على شخصيتك القوية بنظر الآخرين فأهمّ ما يتوجب عليك فعله هو أن تحافظ على هدوئك عندما يحاول الآخر النيل من هذه الشخصية..
الكثير من الدراسات تذهب إلى أن الهدوء يمنح صاحبه هيبة كبيرة على الآخرين ويجعله محط أنظار الآخرين لكن الدراسات نفسها تستدرك فتقول عن هذا الهدوء إن اقترب من البلادة انقلب إلى ضده من حيث التأثير والقيمة.
وهنا، فالهدوء يعني الحديث بثقة وبلاغة ووضوح، والدفاع عن الموقف ووجهة النظر بالحجة المنطقية القادرة على الإقناع.
اضبط انفعالاتك!
لستَ وحدكَ في أي مكان، وحتى عندما تكون بمفردك فإن الشخص الآخر الذي يشاركك الجسد يدخل معك في صراع معيّن، لذلك توصيك الدراسات الاجتماعية بأن تضبط انفعالاتك جيداً لأن القدرة على استفزازك تؤكد ضعف ثقتك بنفسك وتوحي باهتزاز شخصيتك...
عندما تضع انفعالاتك على صفيح ساخن فإن الكثير من تركيزك سيضيع مع هذا الانفعال فتفقد القدرة على المحاججة والإقناع وتسقط فيما تحاول الهروب منه.
قد تتعرض لسخرية ما من شخص آخر، فكن رابط الجأش وحافظ على ملامحك القوية فتصيب الآخر بالإرباك وتقترب من تحقيق ما تحاول تجسيده.
إياك والثـرثرة
عندما تتكلم كثيراً وتقول ما لك وما عليك بمناسبة ومن دون مناسبة فلا يبقى لك ما تتمترس خلفه..
إن هوجمتَ بالحديث فاحرص على الردّ بهدوء وأدب، وبالوقت ذاته لا تسمح لأحد أن يخطئ بحقّك لأنك إن فعلتَ هذا مرة قد لا تستطيع منعه من التمادي في هذا الأمر..
إن شعرتَ أنك حوصرتَ في زاوية الحديث فخذ ما يكفي من الوقت قبل أن تردّ، واحرص أن تعبّر عن النضج والثقة في حديثكَ ولو مالت الكفّة لصالح غيرك.
تعرّف على من يحادثكَ
غالباً ما تدور مثل هذه الصراعات غير المعلنة بين أصدقاء يعرفون بعضهم البعض إلى حدّ كبير، ولكن قد يحضر شخص تتعرّف عليه حديثاً وهنا لا بدّ من قراءته جيداً قبل الخوض معه بأي نقاش جاد، امزح معه قليلاً، واستفزّه بعض الشيء فقد يكشف بعضاً من جوانب شخصيته تكون مدخلاً لك لمنازلته فكرياً..
العين رسول الكلام ولذلك فإن نظرة مصوّبة بشكل جيد إلى هذا الصديق الجديد قد توفّر عليك الكثير من البحث والعناء.
كن القائد
حاول قدر المستطاع أن تحدد النقاط التي تريد الخوض فيها، أما إن دخلتَ في موضوع أثاره غيرك فمن الطبيعي أن تكون أقلّ إجادةً فيه لأن غيرك اختاره عن إلمام به، وإذا لم تستطع ردّ الموضوع فأخّر رأيك به قدر الإمكان إلى أن يكون الآخر قد أعطاك الخطوط العريضة لهذا الموضوع فادخل حينها بهدوء واتزان فسيعجب الآخر ببراعتك في تجاوز مرحلة (جسّ النبض) وانتقالك السريع إلى مواقع الهجوم.
في كل خطوة وكل موقف اعرف ماذا تريد وإلى أين تريد أن تصل بدل أن يقودك الآخرون إلى ما يريدون.
لا تنتظر من الآخرين دائماً ما يروق لك، وقد يتعمّد الآخرون إثارتك أو إغاظتك فاذهب بحديثك إلى تفهّم ما يقولون دون أن تسمح لهم بفرض وجهات نظرهم، واعترافك بصوابية آرائهم عندما تستند هذه الآراء إلى حقائق ومسلمات يزيد من حضورك لديهم ويجعلهم أكثر تقبّلاً لما تقوله.
مصارحة الذات
والأهم من كل ما تقدّم من وجهة نظرنا هو أن يكون الإنسان متصالحاً مع نفسه فلا يدافع عن فكرة وهو غير مؤمن بها لأن ذلك سيظهر من خلال تردده في طرحها أو تناقض أدوات طرحه لها..
ليس شرطاً أن يكون كل ما هو صحيح مقنعاً لنا جميعاً ولكن هذا لا يجوز أن يمنعنا من الاعتراف بصحّته، وهذا أرقى أشكال التصالح مع الذات وهذه الخصلة مهمة جداً وإن تخلّينا عنها سنخالف قوانين الطبيعة فالريح قد تحمل معها ثلجاً وقد تحمل معها غباراً...
ليس عيباً أن نقول لمن يخالفنا الرأي إن رأيك صائب ولكننا غير مقتنعين بالأخذ به أو لا يناسبنا الأخذ به، بل العيب أن نعتقد جازمين أننا المصدر الوحيد للأمور الصحيحة وأن على الدنيا كلها أن تدور في فلكنا..
نعود للتأكيد في آخر المطاف على أننا اتكلنا في طرحنا للنقاط السابقة على أكثر من رأي مجهول الصاحب وعلى بعض الدراسات المنقولة وغير المنسوبة لأصحابها إضافة إلى رؤيتنا للأمر ولو كانت المصادر واضحة تماماً لذكرناها توخياً لأمانة مهنية نلتزم بها.