بسبب ما يراه من سلبيات في المجتمع الذي أصبح مجتمعاً عملياً ومن هنا فطموحات كثير من الشباب انخفضت كثيراً حتى باتت تحت العتبات أحياناً، الشاب لم يعد مكافحاً ولا مثابراً، وبالتالي أصبح شاباً مستهلكاً.
كما أصبح معظم الشباب عالة على المجتمع لأنه لا يطور ذاته ولا يطور محيطه بل لا يبحث عن التميز إلا بأمور بسيطة جداً، كالتشجيع في مباريات كرة قدم وحضور عروض السينما ومتابعة أخر صرعات الموضة بالإضافة إلى إقامة العلاقات الغرامية والحب، أي البقاء دون عمل وعدم بذل الجهد اللازم لتطوير ذاته أو على الأقل تدبير حياته اليومية.
ملحق شباب التقى عدداً من الشباب والشابات للحديث عن هذا الموضوع.
رائد النسور طالب جامعي يرى أن الكسل لدى الشباب ينبع من الاهتمام الزائد لدى الأهل في توفير كل شيء لأبنائهم بالإضافة إلى انشغال الأب في الأعمال وتدبير لقمة العيش وعدم اهتمام الأم يجعل الأولاد عرضة لتقبل جميع الأفكار السلبية التي تكون سبب تراخي الشباب وكسلهم.
بينما تجد غادة مصطفى (موظفة) أن مشكلة الكسل من المشاكل الكبيرة التي تواجه مجتمعاتنا العربية ومن الصعب تغييرها لأنها تنشأ منذ الطفولة يعني بأسلوب تربية الأهل للأبناء فهم من يزرعون فيهم أسس التربية الشخصية والأسرية، ولكن يجب على الإنسان أن يغير هذا السلوك قدر المستطاع لكي يستطيع الاستمرار والتطور في حياته العملية والعلمية بدون أي عقبات ويجب عليه أن يستحدث طاقاته وقدراته بما يفيده ويحسن من شخصيته وشخصية مجتمعه.
مالك شهوان الباحث عن عمل يقول إن واقع الشباب هذه الأيام يوجد فيه كسل بشكل ملحوظ ولا مبالاة خصوصاً عدم القدرة على تحمل المسؤولية، ويرجع السبب الرئيسي للأهل بشكل كبير وخصوصاً في حالة التباهي والتعالي بالأولاد أمام الأصدقاء ومحاولة إخفاء جميع الأخطاء التي قد تؤثر على سمعة الأولاد.
أحمد حيدر طالب جامعي يقول إن الثقافة الاستهلاكية الجديدة السائدة في مجتمعنا أفرزت العديد من الثقافات والمسلكيات السلبية، كثقافة الكسل واللامبالاة، هذا السلوك الذي تفشى بشكل كبير بين فئة الشباب، وانعكس بشكل سلبي وملحوظ على قدرتهم على تحديد أولوياتهم في حياتهم الخاصة من حيث التعليم والعمل، وعلى الحياة العامة بشكل أو بآخر، حيث تلاشت دافعية الشباب نحو المشاركة في الحياة العامة والانخراط في الأعمال التطوعية، ويضيف أحمد أن انتشار هذه الثقافة السلبية مردها تربوي تعليمي منذ النشأة الأولى للشباب، فالاعتماد على الذات وامتلاك مهارة صنع القرار وتحمل المسؤولية الذاتية والاجتماعية هي مجموعة قيم لابد أن تغرس في شبابنا منذ نعومة الأظفار، حتى تعكس سلوكاً نافعاً على حياتهم ومجتمعهم.
ومن جهته قالت الدكتورة زهرية عبد الحق الأخصائية النفسية إن الشباب هم ثروة الأوطان وعمادها، وصلاح أي أمة مرتبط ومتوقف على صلاح شبابها، لأنهم مشروع وطن، فهم للوطن مثل القلب للجسد، إذا صلح صلح الجسد.
والأسرة هي الحاضنة التي يبنى فيها الشباب ويترعرع في كنفها، وتأثيرها واضح في صقل شخصية الشباب، حيث إن الوالدين هم القدوة الفعالة في نفوس الشباب، فكما يعودانه يعتاد.
وتضيف عبد الحق أن الفراغ عند الشباب هو من أكبر أسباب الانحراف، كما أن الإفراط في الحماية الأبوية يؤدي إلى اعتماد الشباب على الوالدين في قضاء حوائجهم وعدم بذل أي مجهود وتدني طموحهم، كما يؤدي إلى الإحساس بالكسل والفشل والاكتئاب، وعدم قدرتهم على تطوير مهارات التواصل الاجتماعية.
وترى الدكتورة زهرية أن الكسل أسرع وأضمن طريقة للفشل، ويؤدي إلى عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع، مثل التسرب الدراسي والبطالة، وكثرة النوم والشرب والأكل، وإهمال أداء الواجبات والابتعاد عن تحمل المسؤوليات، واتباع الشهوات، وغياب الأهداف والطموح.
فالشباب يرغب عادة في الاستقلال من أجل توكيد الذات وتكوين شخصية مستقلة، فيجب على الأهل التركيز على بناء شخصية مستقلة لأبنائهم، تتحمل مسؤولية وعواقب أفعالها، وتجتهد لبناء مستقبلها وبناء الوطن، بعد تسليحهم منذ الصغر بالقيم والعادات الحميدة المرغوبة في المجتمع.