تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هل تنجح القوى الاقليمية والدولية في تخليص الصومال من إرهاب «الشباب المجاهدين»

شؤون سياسية
الثلاثاء 20-3-2012
توفيق المديني 

بدأت قوات الحكومة الصومالية الانتقالية التي تدعمها قوة الاتحاد الإفريقي في الصومال يوم 2آذار/ مارس الجاري بشن هجوم على جيوب لحركة الشباب الإسلامية المتمردة في العاصمة مقديشو،

حيث تقدمت نحو المواقع الأخيرة للشباب في سوكاهولاها وسيطرت على أحياء رئيسية”. وتعتبر منطقة سوكاهولاها آخر معقل للشباب في العاصمة التي تعمها الفوضى، ويأتي الهجوم بعد أسبوعين من شن قوات الاتحاد الإفريقي هجوما مماثلا في جنوب مقديشو. وفي أغسطس، أرغم عناصر حركة الشباب على الانسحاب من مواقعهم الأساسية في داخل العاصمة بضغط من قوات الحكومة الصومالية الانتقالية وقوات الاتحاد الإفريقي.‏

وجاء في بيان لبعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال أن تلك القوات «ستوسع دفاعاتها في المدينة وتحرم الإرهابيين المدعومين من القاعدة من مواقع مهمة يقومون من خلالها باستهداف المدنيين في المدينة». وقال قائد قوات الاتحاد الافريقي في الصومال إن قرابة 300 من عناصر «حركة الشباب المجاهدين» بدؤوا في الأيام الماضية الفرار من الصومال في اتجاه اليمن، الأمر الذي يشير إلى أن هذه الحركة التي انضمت إلى تنظيم «القاعدة» تعاني ضغوطاً متزايدة.‏

وقال الميجور جنرال فرد ميغيشا في نهاية شهر شباط 2012، إن الإعلان الأخير عن انضمام «حركة الشباب» إلى «القاعدة» كان محاولة لرفع المعنويات للحركة الصومالية التي تُمنى بخسائر على الأرض. وأوضح أن المقاتلين الـ 300 -ومعظمهم من المقاتلين الأجانب- بدؤوا مغادرة الصومال بعد أيام فقط من إعلان الاندماج. وتُقاتل وحدات من أوغندا وبوروندي وإثيوبيا وكينيا قوات «الشباب» على ثلاث جبهات.‏

و بما أن حركة الشباب الصومالية مرتبطة بتنظيم« القاعدة » الإرهابي، فقد أصبحت هدفاً للقوى الإقليمية الإفريقية التي تضررت كثيراً من حالة عدم الاستقرار المستمرة في الصومال ، مثل كينيا و أثيوبيا،و القوى الدولية ، مثل الولايات المتحدة ، و بريطانيا ، التي تقوم ، بتنفيذ هجمات جوية على مراكز الإمداد والتموين ومعسكرات التدريب لهؤلاء المتشددين من تنظيم القاعدة.‏

و كانت كينيا تعرضت لهجمات من قبل حركة شباب الصومالية ، لا سيما أن الحركة دأبت على ضرب القطاع السياحي الكيني ، الذي يعد بمنزلة الركيزة الأساسية للاقتصاد الكيني .وهذا ما جعل كينيا تقوم بتدخل عسكري واسع النطاق في الأراضي الصومالية ، لا يستهدف القضاء على حركة الشباب الصومالية فحسب، و منعها من القيام بعمليات عسكرية داخل الأراضي الكينية، و إنما يستهدف هذا التدخل تحقيق الأمور التالية:‏

1-إقامة منطقة عازلة بطول 100 كيلو متر داخل الأراضي الصومالية المتاخمة للحدود الكينية، لمنع هجمات حركة الشباب الصومالية .‏

2-السيطرة الكاملة على مدينة كيسمايو الاستراتيجية ، التي تشكل المعقل الرئيس لحركة الشباب الصومالية ، و المصدر الساسي لتمويلها ، حيث تسيطر عليها الحركة تماما منذ آب 2008، و تستفيد منها من خلال رسوم الصادرات و عائدات تصدير الفحم.و يعتبرميناء كيسمايو شرايين الحياة لحركة الشباب الصومالية، و الذي يمكن أن يتحول إلى ممر بحري لكينيا من أجل القيام بعملياتها العسكرية في جنوب الصومال.‏

3-ضم اجزاء من إقليم جوبا السفلي للأراضي الكينية، تماماً كما احتلت نيروبي منطقة أنقدي الصومالية و ضمها إلى أراضيها، مما يساعد كينيا على الاستفادة من خيرات الإقليم وخدمة مصالحها الاقتصادية.‏

رغم هذا التوافق الموضوعي بين الحكومة الصومالية و الحكومة الكينية، ومن ورائها القوى الدولية الغربية على محاربة حركة الشباب الصومالية بوصفهامنظمة إرهابية تشكل عدواً مشتركاً يجب التخلص منه، فإنه مع ذلك أثار التدخل العسكري الكيني ردود أفعال قوية داخل الصومال ..فقد أكد الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ احمد، إدانته للعملية العسكرية التي تنفذها كينيا في جنوب البلاد، وحذر من تداعياتها الخطيرة على الوضاع في الصومال ،و على مقدار الثقة التي بنيت بين الصومال و كينيا عبر العقود الماضية. و قد اشار الرئيس الصومالي ان الحملة الكينية قد تمت من دون موافقته، و أن الحكومة و الشعب الصوماليين لا يسمحان لأي قوات بدخول أراضيهما من دون موافقتهما المسبقة، مؤكداً أن الاتفاق الذي وقع مع كينيا في أكتوبر 2011 كان يقتصر على مجرد تقديم التدريب و الدعم اللوجيستي للقوات الصومالية في مواجهة المعارضة المسلحة.‏

و لما كان موضوع الصومال يهم القوى الإقليمية و الدولية المتنفذة في منطقة القرن الإفريقي، ، فقد عقد في نهاية شهر شباط 2012، مؤتمر دولي في لندن حول الصومال ، بمشاركة أكثر من 50 دولة ومنظمة عالمية تهتم بالقضية الصومالية من بينها الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الإفريقي.. بالإضافة إلى المؤسسات التي تهتم بالأزمات الدولية، حيث ناقش المؤتمر التحديات المتمثلة بالإرهاب - وهو تهديد يواجهه الشعب الصومالي والمنطقة والعالم ككل على نطاق أوسع - حيث اعتبر أن من الأولوية عرقلة تنقل الإرهابيين من وإلى الصومال وكذلك عرقلة سبل تمويلهم. كما سنقدم الدعم لنظام العدل الجنائي في الصومال.‏

وقد بلور المؤتمر خريطة طريق ترتكز على ثلاثة محاور، ألا وهي :‏

1- العمل على تحقيق مصالحة سياسية تمهد لحل باقي المشاكل.‏

2-إعداد برنامج تنمية قابل للتنفيذ على مدى زمني يستمر من 5 إلى 10 سنوات، وفي هذا الصدد نرى أن تكون التبرعات بمبالغ معقولة بحيث يتم الوفاء بها بكل يسر، مع ضرورة أن تنبثق من المؤتمر لجنة تنمية تضطلع بمسؤوليات تنفيذ المشاريع مع إعطاء الأولوية لمشاريع الخدمات الضرورية كالمستشفيات والمدارس والمياه وإقامة مركز للتدريب.‏

-3 تضافر الجهود الدولية للقضاء على القرصنة البحرية أمام السواحل الصومالية استناداً على قرارات مجلس الأمن والمؤتمرات والاجتماعات الدولية حيث إننا نرى أن معالجة جذور المشكلة الصومالية المتمثلة في إعادة السلام وبناء الدولة الصومالية وتحقيق الأمن والاستقرار فيها هو السبيل الأمثل للقضاء على ظاهرة القرصنة البحرية والتي تستمد قوتها من الفراغ الأمني الذي يعاني منه الصومال.‏

وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي استضاف مؤتمر الصومال،أعلن عن تأسيس صندوق استقرار محلي صومالي للمساعدة على التنمية الريفية.. وقال إن بريطانيا ستقدم 51 مليون جنيه إسترليني (80 مليون دولار) لمساعدة لاجئي الصومال في كينيا وإثيوبيا.وأعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن حكومة الولايات المتحدة مستعدة لتكثيف انخراطها في الصومال، بما في ذلك إنشاء وجود دبلوماسي دائم في الدولة التي مزقتها الحرب.وأعلنت كلينتون أن الولايات المتحدة ستقدم مساهمة إضافية قدرها 64 مليون دولار في شكل مساعدات إنسانية للقرن الإفريقي، ليرتفع إجمالي قيمة الوعود الأمريكية إلى 934 مليون دولار.و قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في لندن أن الصومال أمامها فرصة للخروج من حلقة العنف والفقر التي أحاطت بالدولة وكشف أكمل الدين إحسان أوغلو، الأمين لعام لمنظمة التعاون الإسلامي، عن اتصالات أجراها مع المعارضة الصومالية، من أجل استكشاف سبل الوصول إلى حل سلمي في البلاد.‏

و على الصعيد السياسي وافق المجتمع الدولي على مساعدة بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (أميسوم) على توسيع جهودها خارج مقديشو لزيادة مواجهتها للتحديات المتمثلة بحركة الشباب. وقد تمت الموافقة على قرار دولي جديد بزيادة عدد القوات المشاركة بالبعثة من 12.000 إلى 17.731 إلى جانب توفير معدات جديدة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية