تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رؤية مكررة لحماية المستهلك .. أم بعيدة لم تر النور بعد؟

أسواق
الثلاثاء 20-3-2012
كيف ترى وزارة الاقتصاد والتجارة واقع عمل حماية المستهلك الراهن.. وماذا عن خطتها لهذا العام والأعوام القادمة لهذا الجانب المهم الذي بات حديثا للناس في كل مكان؟

أو بكلام آخر.. هل لدى مديرية حماية المستهلك رؤية مستقبلية محددة ومكتوبة لها آلياتها ومكوناتها المادية والفنية وبرنامجها الزمني.. أم أنها مجرد أقوال وأمنيات قديمة ومتجددة لكونها تركة ثقيلة يصعب تصحيحها وتطويرها بين ليلة وضحاها؟‏‏

يجيب عن هذه الأسئلة وغيرها المهندس عادل سلمو مدير حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد من خلال ورقة عمل قدمها مؤخرا لندوة التجارب الناجحة في مجال حماية المستهلك وإمكانية الاستفادة منها.. فماذا يقول؟‏‏

أعباء ثقيلة جداً‏‏

ينطلق مدير حماية المستهلك في إجابته من قصة التحول من وزارة مركزية أحدثت أيام الوحدة مع مصر عام 1960 باسم وزارة التموين ثم إلحاق التجارة الداخلية بها بعد عشر سنوات ورافق ذلك صدور قرارات مهمة لضبط الأسواق عبر قوانين جيدة عن التسعير ومنع الغش والتدليس وإحداث مديرية مركزية هي مديرية الرقابة التموينية وحددت لها مهام عديدة تنصب جميعها في خدمة المواطن وإيصال المواد والسلع التي تطرح في الأسواق للمواطنين وبالمواصفات المطلوبة من خلال تنفيذ وتطبيق القوانين والتعليمات الناظمة لعملها وكان كل شيء على مايرام في ظل سوق محدودة وتسعير مركزي.‏‏

أما الانعطاف الذي جاء معه وجع الرأس فهو في العام 2003 عندما صدر المرسوم التشريعي رقم 69 الذي أحدث وزارة الاقتصاد والتجارة لتحل محل وزارتي الاقتصاد والتجارة الخارجية والتموين والتجارة الداخلية وتتولى هذه الوزارة جميع مهام واختصاص الوزارتين وتبعه استبدال اسم الرقابة التموينية (القوية) بعبارة حماية المستهلك (العقلانية الحديثة) من خلال مديرية مركزية في الوزارة ودوائر في مديريات الاقتصاد والتجارة بالمحافظات وخلال عشر سنوات من التجربة.. ماذا كانت النتيجة؟‏‏

ثلاثية متشابكة‏‏

ويوضح المهندس عادل سلمو مدير حماية المستهلك أن هناك ثلاثة أمور عقدت عملية الرقابة التموينية بمفهومها التقليدي وأصبح لزاماً ثقافة وآليات جديدة لحماية المستهلك.. والأمر الأول والأصعب هو ذلك الانفتاح الاقتصادي المفاجئ وتشجيع الاستثمار والاستيراد والتصدير ما أدى إلى اكتظاظ الأسواق الداخلية بآلاف المواد الاستهلاكية المنتجة محلياً والمستوردة ومن عشرات الأصناف لكل مادة إضافة إلى التوسع الجغرافي للنشاطات التجارية والصناعية وهذا يتطلب جهوداً مضاعفة لضبط حركة هذه المواد وتأمين عرضها بطرق سليمة وحماية المستهلك من عمليات الغش والتدليس الذي يرافق هذا التوسع ويدفع بضعاف النفوس لارتكاب عمليات الغش والتقليد.‏‏

والمسألة الثانية أن عملية الدمج الحاصلة وتبديل اسم دوائر الرقابة التموينية لتصبح دوائر حماية فهمها البعض من أصحاب الفعاليات التجارية إنهاء لعملية الرقابة أو تقليصاً لدورها وبالتالي اعتقادهم بأنهم قد أفلتوا بعيداً عن أعين الرقابة ما سمح لهم بالتمادي في عمليات غش المواصفات لمنتجاتهم.‏‏

والجانب الثالث هو الاعتقاد الخاطئ من المواطن أنه لا يوجد سوى وزارة الاقتصاد والتجارة في ميدان الرقابة وكل مشكلة تحدث في الأسواق يعيدها المواطن لهذه الوزارة مهما كانت نوعيتها ولا يعلم أن هناك أدواراً لوزارات وجهات متعددة في الدولة لها وظائف رقابية أساسية وعددها 22 جهة ومنها مثلا وزارة الإسكان فيما يتعلق بالرقابة على المياه والسكن ووزارة الصحة فيما يتعلق بتحاليل المواد الغذائية وأغذية الأطفال ووزارة السياحة فيما يتعلق بالرقابة على الفنادق والمطاعم وغيرها الكثير من صناعة وكهرباء وتربية وتعليم وإعلام ونقل ومواصلات والقائمة لا تنتهي.‏‏

إنذار مبكر جداً؟‏‏

وبطبيعة الحال كنا نتمنى في الإعلام أن يتم إعطاء دفع قوي لحماية المستهلك بدءاً من تبني اقتصاد السوق الاجتماعي نهجاً رسمياً للبلاد عام 2005 غير أن القرارات التي صدرت لم تستكمل بعد ولم تفعل.. وتفاءلنا مع صعود مدير حماية المستهلك السابق إلى موقع معاون وزير الاقتصاد ومع قدوم وزير جديد لكن شيئاً لم يتغير بسرعة على الأرض.. بل زاد الأمر تعقيداً الظروف القاهرة التي تمر بها البلاد والجميع للأسف - ونحن منهم - نجد المبرر الكافي لنتنصل من مسؤولياتنا لنربط همومنا بتطور الأحداث وبوقف تذبذب سعر العملة المحلية أمام العملات الصعبة.‏‏

ومع ذلك وبالعودة إلى كلام مدير حماية المستهلك نجد أن الاقتراحات تنصب نحو ثلاثين بنداً.. وأولها مراجعة دورية للقوانين والأنظمة للاستمرار بتطوير الإطار التشريعي والقانوني المتعلق بعمل أجهزة حماية المستهلك لضبط الأسواق والرقابة عليها ومثال على ذلك تم إعداد مشروع تعديل قانوني التموين والتسعير ومنع الغش والتدليس وتعديلاتهما إضافة إلى إعداد مشروع تعديل قانون حماية المستهلك رقم 2 لعام 2008 وتعديل بعض القرارات بما يتوافق وحالة الاقتصاد والسوق للتخلص من الثغرات والسلبيات ووافقت رئاسة مجلس الوزراء على هذا التعديل.‏‏

والأمر الثاني من الرؤية للمقترحات الجديدة هو القيام بأعمال الإنذار المبكر من خلال مراقبة حركة الأسعار في الأسواق ومعالجة الحالات التي تمر بها بشكل مسبق من خلال التقارير اليومية والأسبوعية والشهرية الواردة من مديريات الاقتصاد والتجارة والجهات الوصائية الأخرى لمعالجة السلبيات وتعزيز الإيجابيات من جهة، وعبر معالجة جميع الشكاوى الواردة لحماية المستهلك وكذلك معالجة كل ما يكتب في الصحف من جهة ثانية إضافة لدراسة الضبوط والاعتراضات المتعلقة بها وحالات الإغلاق بما يتوافق والنصوص القانونية النافذة.‏‏

وهيئة لمنع تشتت الرقابة‏‏

ومن الجوانب الأخرى للرؤية وضع خطة عمل الرقابة السنوية والعينات والمعايرة والمتابعة وسحب العينات وتطبيق المواصفات القياسية السورية على السلع والمواد والخدمات كافة.‏‏

والنقطة الرابعة تحديث وتطوير جهاز الرقابة من حيث العناصر والأدوات المستخدمة وفق أسلوب حضاري متطور يخدم جميع أبناء الوطن (المستهلك والمنتج والمصدر والمستورد)، ورفد أجهزة حماية المستهلك بالعناصر ذات السمعة الحسنة من الفئة الأولى وتأهيلهم من خلال دورات مركزية وتبادل الخبرات من خلال الدورات الخارجية.‏‏

والنقطة الخامسة القيام بجولات مفاجئة على مديريات الاقتصاد والتجارة للاطلاع على واقع الأسواق وإعطاء التوجيهات بالملاحظات المشاهدة وتذليل الصعوبات وتعزيز الإيجابيات.‏‏

وفي مجال النهج التشاركي تؤكد المديرية مجدداً على التنسيق مع جميع الفعاليات التجارية كغرف التجارة والصناعة والحرفيين والزراعة والسياحة والجمعيات الأهلية مثل جمعيات حماية المستهلك في صياغة التشريعات المتعلقة بضبط الأسواق والتنسيق في الأمور ذات العلاقة ونشر ثقافة حماية المستهلك وتفعيل دور الرقابة الشعبية في متابعة حالة الأسواق والأسعار.‏‏

ولم تنس التوجهات الجديدة التأكيد على الاستمرار بالتدخل الإيجابي من قبل المؤسسات والشركات التابعة للوزارة للحفاظ على توازن الأسواق الداخلية إضافة لتطبيق نظام الفوترة بين حلقات الوساطة التجارية بالتنسيق مع وزارة المالية ما يساهم في ضبط الأسعار المعلنة وفق قيمتها الحقيقية.‏‏

وأخيراً.. لفتت مديرية حماية المستهلك بشكل خجول إلى دراسة إمكانية إحداث هيئة عامة لحماية المستهلك تضم جميع الجهات المختصة بالرقابة في كل المجالات لتوحيد مرجعية المعالجة والقضاء على حالة التشتت واختصار الوقت في اتخاذ الإجراءات المناسبة للمخالفات المرتكبة على اختلافها.‏‏

وخلص المهندس عادل سلمو للقول: سنستمر بالعمل بدأب لإنجاز ما لم يتم إنجازه وصولاً إلى أسواق نظيفة خالية من الغش التجاري والتضليل السلعي وحماية المستهلك من الأخطار التي تهدد صحته وسلامته وتلحق الضرر بمصالحه المادية وذلك من خلال حسن تطبيق القوانين والأنظمة النافذة ولضمان توافق المنتجات مع الشروط المحددة لها في التشريعات الخاصة بها.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية