من طه حسين إلى أدونيس إلى الطيب صالح وتوفيق الحكيم وغيرهم كثر... كل هؤلاء أغرتهم الصدمة الحضارية العربية وقدموا في كتاباتهم صورة الانسان القادم من العالم الثالث إلى الأول، بحسب التصنيف من العالم الأول...
فالطيب صالح انغمس في الغرب كانغماسه في أعماق المجتمع السوداني، وقدمت روايته (موسم الهجرة إلى الشمال ) للقارئ العربي والعالمي على السواء صورة المواجهة بين حضارتين لأنها ترجمت إلى ثلاثين لغة وفيها نبل الطهرانية والخلاص وانتقام عبر الورق من تاريخ الاستعمار البريطاني، أو من الاستعلاء والتعصب الأبيض أمام الأسود.... و(عصفور الشرق) عند توفيق الحكيم صدام إنساني عريق بين الخير والشر في النفس الإنسانية شرقها وغربها... وطه حسين الذي امتلأت كتبه ومؤلفاته بالفوارق بين الحضارتين العربية والغربية، حتى أن عمق الدراسات عند هيكل في ذات الفوارق وصلت إلى تفصيل المكانة العلمية والفكرية والأدبية والأخلاقية والنقد والتاريخ ودراسات تعنى بالفلسفة وعلوم اللغة وتطبيقاتها على أدبنا العربي والآداب العالمية...
أدونيس بدوره أذكى معارك النقد في الثقافة العربية وأوجد جدلا واسعا يمكن أن يُكتب حوله مجلدات ومجلدات، والعدمية التي وصف بها الثقافة العربية ليست سوى باب من الأبواب التي يريد فتحها على مصراعيها لإذكاء روح الثقافة العربية الملتهبة تحت الرماد... وبكل أسف الارتهان لرضا الغرب عن ثقافتنا يقودنا إلى ترهل وإحساس بالموت البطيء.... كل هؤلاء أعطوا الثقافة العربية حقها وقدموا فكرا وفنا وأدبا يمكن أن نعود إليه في الشرق والغرب وأثبتوا حيوية الثقافة وبرغم ذلك وجدوا أنفسهم مقصرين ورأوا الثقافة العربية في حالة انقراض، هؤلاء عاشوا في زمن قام فيه الشاعر السوري محمد الفراتي مع زملائه طه حسين وحافظ ابراهيم بإقامة أمسية شعرية في دار الأوبرا المصرية ودعوة أهل مصر لإغاثة الطلاب السوريين حين قطعت الحرب العالمية الأولى صلتهم بأهلهم في سورية.... هذا الوصل من ذاك الزمان ما يمكنه إعادة الألق والحيوية لثقافتنا..