وخاصة بعد إعلان الصين عن توقعات بنمو الدخل القومي الإجمالي بنسبة 9.5٪ على مدى العام الجديد.
أزمة؟؟ عن أي أزمة يتحدثون؟! لقد ابتعد شبح اليأس الكبير، ومع ذلك ربما تكون هناك أزمة تخفي خلفها أزمة أخرى مغايرة. فالنجدة المالية العالمية الكبرى التي تبرعت بها الصين والتي أضفت شرعية ومصداقية البلد الذي خرجت منه، أي الولايات المتحدة ولدت أزمة حكم عالمي، وأفرزت التساؤل التالي هل ستنزل الصين أميركا من رأس الهرم؟ ما من شك أن السؤال يخص بكين وواشنطن، كما يخص طوكيو أو بروكسل بقدر ما كان عام 2008 و2009 مدمرين ومحبطين بهذا الخصوص، وإذا كانت قمة كوبنهاغن االمناخية قد شكلت إشارة لهذا الأمر، فإن إعادة بناء أسس النظام العالمي لن تكون نهرا طويلا هادئا، ذلك أن كوبنهاغن جسدت فشل إدارة الأمم المتحدة، مؤسسة التعددية التي أورثتها الحرب العالمية الثانية، فبدا المنظمون عاجزين عن التوفيق بين مطالب 193 دولة، في حين لم يتم توظيف تكتلات الدول بشكل جيد، الطامة الكبرى كانت غياب دور الاتحاد الأوروبي، وفي نهاية القمة اجتمع عدد من القادة لتحرير البيان الختامي والإتفاق على التوصيات التي تم التوصل إليها على ضوء المحادثات وليس من دون ثغرات فاضحة حيث واجه أوباما صعوبة في إدارة علاقة مباشرة مع رئيس الوزراء الصيني «وين جياباو» الذي كان تارة يرسل مساعديه وتاره أخرى كان يفضل مرافقة رؤساء الدول الناشئة.
باراك أوباما، الذي ظن أنه الوحيد الذي يجلس مع رئيس الوزراء الصيني لم يفاجأ فقط بوجود الرؤساء البرازيلي والجنوب إفريقي ورئيس الوزراء الهندي يحيطون به، بل كان الضيف المرحب به الذي تعين عليه أن يجد لنفسه كرسيا للجلوس إلى جانب صديقة لولا..
كوبنهاغن أعلنت أيضا عن ولادة مجموعة الثناتيG2 التي من شأنها تغيير العالم.
ولكن ليس لدى الصينيين أي رغبة في مشاركة الأميركيين لإدارة العالم أو حتى لتغييره في الوقت الراهن على الأقل، وقد قالها وين جياباو في أيار 2009 عندما رفض مفهوم مجموعة الثنائي G2 ووصفه بالسيء ومن دون أساس بل يفضل عليه مفهوم التعددية القطبية. وبوسع المرء أن يتخيل مدى فرحة القادة الصينيين، وهم يرون أنفسهم وقد بلغوا ذروة القمة في العالم، وبوسعه أيضا أن يعرف همومهم المتركزة على جهودهم المكثقة الرامية إلى تحقيق النمو والاستقرار الداخلي وبنظرهم فإن مجموعة الثنائي تعني أن تحل الصين محل الإتحاد السوفيتي السابق في الثنائي السوفيتي الأميركي، الذي برز عقب نهاية الحرب الباردة وبعيدا عن المطالبة بوضع القوة العظمى تريد الصين أيضا أن تعامل معاملة الدولة النامية تماشيا مع إحصاءات الدخل الفردي 3566 دولارا للصين 464435 للولايات المتحدة في حين أن اليابان كانت آنذاك ثاني قوة اقتصادية في العالم، وأن تكون في موقع القوة العظمى، فذلك يفرض عليها آمالا وواجبات وأن تكون لديها عملة قوية قابلة للصرف وقد تدعى لتكون شرطي العالم.
وحتى لو لم ترفض بكين من تزويد الأمم المتحدة بجنودها وحتى لو لم ترفض إرسال سفنها الحربية إلى خلية عدن، فإن أولوياتها تتركز في مكان آخر، خاصة وأن القادة الصينيين يدركون ما هي الضغوط والتوترات التي قد يولدها هذا الوضع في آسيا، فالقوى الأخرى كالهند واليابان سترى بعين الغيرة والحسد كيف تتسلم بكين مع واشنطن مقاليد العالم، بالإضافة إلى أن العولمة ولدت مظاهر وهيئات جديدة، بدءا من مجموعة (الـ Bric) والتي قامت البرازيل، روسيا، الهند والصين،مرورا بمجموع العشرين التي قامت على أنقاض مجموعة الثماني في حين أوجدت كوبنهاغن مصطلح bosic والذي يضم البرازيل، جنوب أفريقيا، الهند، والصين، أما الأزمة المالية فقد عملت على تسريع مجرى الأمور مجموعة العشرين غدت قمة رؤساء الدول بعد أن برزت ضرورة ملحة في 2009 لإنقاذ المجتمع الدولي من الأزمة المالية وقدمت الصين على أنها ضمانة جديدة وكفيل قوي.
وأيا كان المخطط فإن الصين ستودي فيه دورا محوريا وهاما لم ترتسم خطوطه العريضة بعد.
وعلى الرغم من الضعف المالي الذي طال اقتصاد الولات المتحدة ، فإنها ما تزال القوة الإقتصادية الأولى في العالم، وبالتالي فهما القوتان اللتان ستحكمان العالم ، ولكن كيف سيترابط هذا العالم حول هذين العملاقين؟
ربما عن طريق غنائية القطب أو التعددية القطبية أو ربما من خلال تحالفات متعددة، وتحالفات مفادة.
بقلم: سيلفي كوفمان