حيث اعتبر أنه لا يمكن تحقيق أمنه إلا من خلال معالجة تلك التحديات ، حول النقاط التي تضمنها التقرير عقدت ندوة في ثقافي «أبو رمانة» بدمشق تحت عنوان قراءة في تقرير التنمية الانسانية العربية لعام -2009- وشارك فيها كل من الدكتور محمد سعيد الحلبي والدكتور جورج جبور ، حيث قدَّما قراءة وفق منظور اقتصادي واجتماعي ، ونوَّها أن التقرير أوضح أن الثروة النفطية الخيالية لدى البلدان العربية تعطي صورة مضللة عن الأوضاع الاقتصادية لهذه البلدان ، مشيراً إلى أن الأوضاع الاقتصادية للعالم العربي تخفي الكثير من الضعف البنيوي لهذه الاقتصادات مما ينتج عنها زعزعة للأمن الاقتصادي لهذه الدول ولمواطنيها على السواء حيث أشار التقرير أن معظم الاقتصادات العربية تحولت بفعل النفط إلى الاستيراد والخدمات ، كما اعتبر التقرير البطالة مصدراً لإنعدام الأمن الاقتصادي في معظم البلدان العربية مشيراً الى ارتفاع نسبة البطالة الى 14،4 بالمئة عام 2005 مقابل 6،3 بالمئة على المستوى العالمي ، كما ناقش التقرير غياب الأمن الاقتصادي الملازم للفقر الذي رصد من خلال منظورين الأول فقر الدخل الذي يتمثل فيما يحصل عليه الإنسان من سلع وخدمات وهو ما يسمى الانفاق الاستهلاكي الحقيقي للفرد ، أما النوع الآخر للفقر هو الفقر الإنساني الذي عرفه التقرير بمقياس الدخل وبأبعاد أخرى ذات قيمة انسانية كالصحة والتعليم والحرية السياسية.
نسب الفقر
اعتمد التقرير على معيارين الأول المعيار الدولي الذي يحدد دولارين يومياً للفرد ولكنه مال أكثر للمعايير المحلية وخلص الى أن /65/ مليون مواطن عربي يعيشون في حالة فقر بما يوازي 39،9٪ من عدد السكان وان 20،3٪ كانوا يعيشون في فقر مدقع بالمعايير الدولية في عام 2005 وقد قدر التقرير أن متوسط الفقر المدقع في الدول متوسطة الدخل 36،2 بالمئة من السكان والدليل الثاني هو الفقر البشري وقد وضع التقرير له ثلاثة معايير وهي متوسط طول العمر والمعرفة والمستوى المعيشي فقد وصل الى 35 بالمئة مقابل -12- بالمئة في الدول ذات الدخل المرتفع مشيراً الى أن ذلك يعود الى عدم فعالية الدول في توفير الحاجات الأساسية لمواطنيها والإقصاء الاجتماعي وتوقع التقرير عدم قدرة المنطقة العربية على تخفيض الجوع الذي جاء ضمن الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة ، واستغرب من تزايد نسبة الجوع مع تزايد نسبة البدانة بسبب العادات الغذائية السيئة.
الاحتلال
أشار التقرير أن الاحتلال والتدخل العسكري يفقدان الإنسان أمنه ويعرضه للعنف من جوانب ثلاثة ، مؤسسي ويمثل ذلك انتهاك للقانون الدولي الذي يحظر استخدام القوة بين الدول إلا في حال الدفاع عن النفس كما يعطل القوانين السائدة في البلد الذي تم احتلاله ، بالتالي يؤدي ذلك الى وجود مقاومة مما يوقع اصابات جسيمة في صفوف المواطنين والقوى المحتلة ، والجانب الثالث تعطيل النشاط الاقتصادي وسبل المعيشة والحياة السياسية مشيراً الى حالة العراق وفلسطين والتدخلات العسكرية في الصومال.
ضمان الأمن
وقد ركز التقرير على خمسة عشر محوراً لضمان الأمن للإنسان العربي وهي : المساواة - اللاجئون- الجوع - التلوث - الفقر - سوء التغذية - التدخل العسكري - التميز ضد المرأة ، التصحر - العنف - البطالة - ندرة الماء- أزمة الهوية - الاحتلال - تغيير المناخ - حيث تناول كل عنصر على حده في الشرح والتحليل حيث اختتم في ملاحظاته النهائية أن الدولة المدنية هي التي تحكمها القوانين وتحترم الحقوق ، ولابد من العقد الاجتماعي على أساس تكافؤ الفرص والحقوق وترسيخ المواطنة وتمكين السلطات التشريعية وتعزيز استقلال القضاء وتأمين أدوات رقابية فعالة وتنفيذ حقوق المرأة الذي يتطلب تغييرات قانونية ومؤسساتية.
استراتيجية أمن الانسان
يمثل أمن الإنسان حماية للتنمية البشرية ، ويمكن للمجتمع العربي أن يكون أكثر نشاطاً وإسهاماً في عملية بناء الإنسان ، وتحتاج البلدان العربية بصورة عاجلة الى سياسات سكانية وتنموية شاملة وإن ارتفاع نسبة الشباب يشكل تحدياً إضافياً ، وينبغي مواجهة تحد لشح المياه وتنفيذ السياسات الإنمائية واستقلال القضاء وانقاذ حقوق المرأة ، والاعتماد على حشد الموارد المحلية لدعم الفقراء ، والنموذج الاقتصادي الريعي أثّر سلباً في مسيرة التنمية.
ملاحظات
بما أن التقرير يتحدث عن أمن الإنسان العربي ، لماذا لم يذكر أن الجولان خاضع تحت الاحتلال الإسرائيلي ، علماً أن هيئة الأمم المتحدة ليست المسؤولة عن ذلك والمسؤولية تقع على معد التقرير ، والملاحظة الثانية لم يوجد سوى اسم سوري واحد وهو مغترب في إعداد التقرير لماذا ؟ إضافة إلى أن الغائب الأبرز في التقرير هو الصراع العربي الاسرائيلي الذي هو الحاضر الأكبر في المنطقة العربية ، لكن أرسلت ملاحظة من قبل د.جورج جبور الى أدراج الأمم المتحدة حيال الموضوع فصدرت صفحة واحدة في التقرير لكنها لم تكن كافية.
الملفت أن الدكتور مصطفى كامل السيد معد التقرير أعلن في بيروت براءته من التقرير وأشار أن نص الاحتلال يجب أن يكون الفصل الأول بدلاً من الفصل الثامن ، أشار جبور أنه شارك في ندوة في فندق سميراميس بالقاهرة 1992 حول العرب ونظام عالمي جديد وقدم بحثاً جاء في مقدمته: إن ما يهدد أمن المواطن العربي هو الاستيطان الاسرائيلي ، حيث صدر كتاب بالبحوث التي القيت من قبل المشاركين بالندوة ، وحرر الكتاب د. مصطفى كامل السيد وطلب منه د. جورج جبور الاهتمام ببحثه والتركيز على الاستيطان وعده تلبية لرغبته لكن الكتاب صدر وظهرت كل التقارير ولم ينشر البحث ولا التطرق أو الإشارة إليه ضمن الكتاب واتضح فيما بعد أن جريدة السفير 8/1/1997 نشرت خبراً مفصلاً عن زيارة السيد ممول الكتاب محمد ابراهيم كامل رجل الأعمال المصري لبنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية والدكتور السيد والدكتور مصطفى كامل السيد لم يرد على ذلك حتى اليوم.