أسوة بباقي القنوات التي باتت لا تحترم أذواق الجمهور فحسب، بل تفرض عليه ما تريده لا ما يتمناه، واعتدنا أيضاً أن نرى قسماً كبيراً من المشاركين في برامج مختلفة، لا همَّ لهم سوى الظهور على الشاشة حباً بالأضواء والشهرة وإرضاء لرغبة الأنا لديهم، ليقوموا باستعراض بطولاتهم والإعلان عن إنجازاتهم، بعد أن ضاقت بهم الكراسي في دوائر عملهم، وصم العاملون من حولهم آذانهم عما يدعون.
لا يقف إنتاج المحطات عند البرامج السالفة الذكر، بل هناك ما هو أقل مستوى وينحدر إلى الدرك الأسفل في التصنيف حيث تقدم بعض البرامج التي تنفق عليها أموال باهظة وتسخر لخدمتها كوادر ضخمة ووسائل اتصال تستنزف الجيوب، فيما جيوب أخرى خاوية تنتظر العون والمساعدة للتغلب على هموم ومشكلات المعيشة، والنتيجة لا شيء، سوى مجموعة من الشباب والفتيات الذين يتمتعون بمستوى عال من الثقافة والعلم «كما يعرفون بأنفسهم»، يطلون على مسرح الـ LBC عبر برنامج قسمة ونصيب، تاركين أشغالهم وأعمالهم في سبيل إيجاد شريك الحياة، والحصول على فرصة التعرف عليه، وكأن وسائل التعرف إلى هذا الشريك انقطعت ولم يبق سوى التلفزيون وسيلة، ليضع هؤلاء أنفسهم تحت رحمة تصويت الجمهور للفتاة أو الشاب من أجل الاستمرار في الحلقة، أو تحت رحمة الحماة «أم العريس» التي تستطيع إخراج الفتاة التي تريد في حال فوزها بالتصويت، اللهم إلا إذا عارضها ابنها على ذلك، إضافة إلى دخول هؤلاء بأدق تفاصيل حيواتهم وصفاتهم وظروف عيشهم..!
والسؤال ما الذي يريد هؤلاء إيصاله إلى الجمهور.. وماذا يقدمون له في حال فوزهم بالنصيب الذي أرادوا الحصول عليه، وهل اختصرت هموم الشارع العربي بمن يتزوج من وكيف، إذا كانت جميع كائنات الأرض تحقق هذه الغاية دون برامج أو فضائيات.
وما يزيد الطين بلة مقدمة البرنامج والأسئلة التي تطرحها على المتسابقين الفائزين والطريقة التي تلقي فيها هذه الأسئلة وتدير الحوار حيث تبعث الملل وتحرض على النعاس ولا تتقاطع مع ما يريدون قوله ليبدو الأمر في نهاية المطاف لعبة الهدف منها الاستعراض بكل معانيه والتلاعب بعواطف وأفئدة المشاهدين.