تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


متعة السفر مع السلمون على طريقة أمبرتوايكو

كتب
الأربعاء 27-1-2010
يقول امبرتوايكو في بداية كتابه (كيفية السفر مع سلمون- معارضات ومستعارات ) عن ولعه بطعم الصور الساخرة (نصوص نتنبأ بما سيكتبه آخرون فعلياً في وقت لاحق،

تلك هي رسالة الصورة الساخرة: عليها ألا تخشى المبالغة أبداً، وإذا ما أصابت الهدف فهي لا تقوم سوى بتجسيد ما سيحققه آخرون دون خجل وبهدوء أعصاب ووقار رجولي)‏‏

وبطريقته الفكاهية المباشرة يخاطب ايكو قارئه: (فلنتفاهم جيداً: لقد كتبت هذه الصور الساخرة مع امتلاك كل منها لوظيفة أخلاقية خاصة بها) بغرض التسلية والمتعة وقد ولدت النصوص المقدمة هنا بهذا الغرض الوحيد نفسه، لا أقول هذا لأختلق الأعذار فأنا أدافع عن الحق في التسلية، ولاسيما إذا كانت مفيدة لممارسة اللغة.‏‏

غير أن هذه (المستعارات) الجديدة ليست في مجملها مجرد صور ساخرة أو عبارة عن فصول كتب للتسلية فحسب وإذا كان يمكن لها أن تبدو مسلية كما آمل فإنها كتبت بمجملها تقريباً بدافع من الاشمئزاز)‏‏

هل بوسع المرء أن يشمئز مبتسماً؟ نقول: كلا إذا كان السخط وليد الخبث والرعب، ونعم إذا كان وليد الغباء والحماقة وبخلاف ما كان ديكارت يقول به. فإن الشيء الأعدل توزيعاً على وجه البسيطة هو ليس الحس السليم وانما الحماقة: إذ يعتقد كل واحد بأنه مجرد من الحماقة حتى إن نفس أولئك الذين عادة لا يشبعون من أي شيء آخر لا يدأبون قط على الرغبة فيها أقل مما لديهم منها.‏‏

ولذلك ينبغي أن تقرأ النصوص التي كتبت تحت عنوان: «طرائق الاستخدام» على أنها مساهمة في تحليل الحماقة التي تغمرنا في ثقافتنا وحياتنا اليومية.‏‏

وهي بهذا المعنى كتابات واقعية وإذا ما كانت الواقعية تعني وصف ما هو موجود وما هو منظور حتى حينما يكون الاسلوب اسلوب قصة خيال علمي، إن غباء الآخرين يغيظنا ولكن الطريقة الوحيدة لعدم الاستجابة له بغباء مقابل هي أن نصفه ونحن نستمتع بالدقة البالغة لحبكته.‏‏

(في الليلة الماضية وعقب موعد غرامي من مواعيدي العديدة قتلت آخر عشيقة من عشيقاتي مهشماً رأسها بمملحة عزيزة على قلبي من ماركة سيلليني، أولاً، باسم التربية الأخلاقية الصارمة أشد الصرامة التي تلقيتها في طفولتي، امرأة تميل للذة هي غير جديرة بالرحمة ومن ثم لأسباب جمالية فنية لتجريب رعشة الجريمة الكاملة..)‏‏

إن محاكاة نصوص أخرى بطريقة ساخرة، اقامة احالات تناصية واستعادة الطريقة التي يتكلم الناس بها. ننتقل من لغة إلى أخرى ومن ثقافة إلى أخرى.‏‏

( يمكنك السفر بالطائرة وأنت مصاب بقرحة وبالجرب وداء الركب الصدفاء والسيدا والسل الحاد والجراثيم ولكن ليس وأنت مصاب بالزكام، أولئك الذين جربوا ذلك يعرفون بأنه حينما تنزل الطائرة دفعة واحدة من ارتفاع 10 آلاف قدم نشعر بآلام في الأذنين ويتملكنا الشعور أن رأسنا سينفجر فتلطم النوافذ ونصرخ بأننا نريد أن نقفز من الطائرة حتى بدون مظلة ومع أني أعرف ذلك قررت السفر إلى نيويورك وأنا مصاب بالزكام مزوداً ببخاخة أنفية ذات مفعول مدمر وقد جرت تلك الرحلة بشكل سيئ لدى وصولي كنت أشعر بأنني في قاع حفرة الفلبين فكنت أرى الناس تحرك شفاهها ولكن لم أكن أسمع أي شيء على الاطلاق، شرح لي الطبيب بالارشادات أنني أعاني من التهاب طبلة الأذن ولقمني بعض المضادات الحيوية..)‏‏

يؤكد امبرتوايكو مبدع رواية «اسم الوردة» الشهيرة أن هذه النصوص إذا كانت قد كتبت بغاية التسلية (فيجب أن أعترف أنني تسليت كثيراً مع مترجمتي.‏‏

ونحن نعيد صياغة كل ما لايمكن ترجمته حرفياً، ومن جهتها كانت تعيد صباغة الأشياء بطريقتها الخاصة مسكونة بروح المعارضة والبديل الزائف أما أنا فكنت أضحك بالفرنسية)‏‏

ولد امبرتوايكو في أليساندريا عام 1932 وهو حالياً أستاذ السيميائيات في جامعة بولونيا وقد سبق ودرس في جامعات كولومبيا وبال ونيويورك ونورث وستيرن في الولايات المتحدة الأمريكية وفي باريس في المجمع الفرنسي، له العديد من الدراسات من بينها (القارئ في الحكاية) صادرة عن دار غراسيه عام 1985 وحدود التأويل في عام 1990 ومؤلفه (من سوبرمان إلى سورهوم) وست نزهات في السردية والفن والجمال في علم الجمال القروسطي عام 1997. نالت روايته الأولى اسم الوردة جائزة ستريفا في ايطاليا عام 1980 التي تعادل جائزة غونكور وكذلك جائزة ميديسيس الأجنبية في فرنسا عام 1982 ثم أخذ بندول فوكو وجزيرة اليوم السابق وباودولينو ويعتبر اليوم أمبرتوايكو من أبرز الكتاب في العالم أجمع.‏‏

من عناوين كتاب كيفية السفر مع سلمون: (كيفية اسقاط حقيبة ذات عجلات، كيفية تناول الطعام في الطائرة، كيفية تجاوز الجمرك، كيفية السفر بالقطارات الأمريكية، كيفية شراء أدوات كمالية، كيفية استبدال رخصة قيادة مسروقة، كيفية القيام بجرد الموجودات، كيفية التعرف على أبله القرية من التلفاز).‏‏

من الكتاب‏‏

كيفية استعمال تلك الفناجين الرديئة‏‏

(ثمة قهوة طيبة هناك القهوة النابولية والاسبريسو والقهوة التركية وكافيتشينو البرازيلية والزنجي الصغير الفرنسية وهناك القهوة الأمريكية كل هذه الأصناف تختلف عن بعضها-- ولكن لكل واحد منها ميزة يمتاز بها بطريقته فأحياناً تكون القهوة الأمريكية مزيجاً مغلياً بشكل مفرط تقدم في بلاستيكية تشبه التيرموس الذي تستخدمه عموماً مقاصف المحطات في أعقاب الابادة الجماعية وبذلك تكون القهوة المصفاة مع البيض بالقديد عند الأفراد والمطاعم المتواضعة المتخصصة بالوجبات الخفيفة لذيذة وذات رائحة طيبة وتشرب كالماء وتسبب لكم أزمة قلبية لأن الفنجان الواحد منها يحتوي على الكافيين بمقدار يفوق أربعة أضعاف ما في قهوتنا الاسبريسو..)‏‏

الكتاب ترجمة حسين عمر ومراجعة سعيد بنكراد، قطع متوسط في 287 صفحة صادر عن المركز الثقافي العربي.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية