والتي من المقرر إجراؤها بتاريخ الثالث من حزيران المقبل وفي الثامن والعشرين من الشهر الجاري للسوريين المقيمين خارج سورية . تلك السلطات نفسها , التي عبرت عن أملها أن يتم أخذ المعارضة بعين الاعتبار ويتم احترامها تعتقد أنها بذلك تستند على معاهدة فيينا تاريخ 24 نيسان 1963 الخاصة بالعلاقات القنصلية . وفضلاً عن أن هذا الموقف يكشف وضع فرنسا الهش والضعيف مع مبادىء طالما تشدقت فيها عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطن , فإنه يتناقض مع التزاماتها وتعهداتها الدولية .
إن من يحكم حالياً فرنسا أعطى منذ بضع سنوات مؤشرات كبيرة للعداء ( غير المعلن , والتي لسبب ما يرفضها البرلمان ) تغذيه ضد سورية . ولم تكتف في المشاركة في مآسي الشعب السوري في بلدهم , بل إن الحكومة الفرنسية تريد حرمان المواطنين السوريين المقيمين في فرنسا أو اللاجئين منهم من ممارسة حقهم الديمقراطي .
وإن المزاعم الفرنسية حول تطبيقها القانون الدولي يعتبر في حد ذاته خطوة متقدمة في إطار تهورها في مواقفها السابقة . إلا أن الإدارات القضائية للوزارات لم تعمل بالشكل الصحيح , لأن هذه المرة تتكبد عقوبات انتهاكها الفاضح للقانون الدولي . المضاعف .
وعلى ما يبدو فإن الحكومة الفرنسية الحالية , وعلى الأخص الرئيس فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء مانويل فالس ووزير خارجيتها لوران فابيوس تتجاهل الحجر الأساسي للقانون الدولي , إذ من المعروف أنه كما في أي قانون بشكل عام هناك مسألتان هما : الالتزام بالكلمة . وهو مبدأ يعبر عنه المرء عبر السمع منذ آلاف السنين . وهناك المبدأ الذي يفرض تطبيق المعاهدات عن حسن نية ( معاهدة فيينا في 23 أيار 1969 حول حقوق المعاهدات , المادة 26 )
ونسأل هنا : ما هي المادة الموجودة في معاهدة فيينا 24 نيسان 1963 الخاصة بالعلاقات القنصلية التي تبيح لدولة ما منع تنظيم انتخابات أجنبية فوق أراضيها ؟ تحدد المادة الخامسة من المعاهدة المذكورة ما هو المعنى من المهام القنصلية . وتبدأ من وضع قائمة لهذه المهام , ولا يوجد فيها أي إشارة إلى أن بلد الإقامة يمكنه منع ممارسة هذه المهام . ويوجد ضمن هذه القائمة مصطلح « مهام ذات طابع إداري معين ». ويندرج تنظيم الانتخابات بشكل جلي ضمن هذه المهام ذات الطابع الإداري , مع العلم أن فرنسا ذاتها , مثل أي دولة تنظم باستمرار لرعاياها المقيمين خارج أراضيها عملية التصويت داخل قنصلياتها . وبالتالي, وبالمعنى الدقيق للكلمة , لا يوجد أي نص في معاهدة فيينا تاريخ 24 نيسان 1963 ما يمكن أن يشير إلى السماح لدولة ما منع دولة أجنبية أخرى من تنظيم انتخابات في قنصلياتها أو في سفاراتها .
ولا يمكن للسلطات الفرنسية الزعم أنها تستند في منعها إجراء الانتخابات سوى على حكمها الوحيد في حقها بالمعارضة . وهذا يعني , في نهاية القائمة المذكورة , وبشكل عام « جميع المهام الأخرى التي يعهد فيها إلى القنصلية من قبل الدولة المرسلة » نظراً لأن هذه المهام ومن أجلها متوقع التحفظ عليها : « مهام أخرى ... لا يمكن لدولة الإقامة الاعتراض عليها » . يقضي العمل على منع إجراء انتخابات اعتبارها أنها لا تندرج ضمن مهام ذات طابع إداري , وإنما تندرج ضمن « مهام أخرى » لم يتم تحديدها بشكل دقيق . ومن أجل تبني هذا التفسير , ينبغي أن يكون المرء من ذوي النيات السيئة . وبالتالي فإن فرنسا لم تنفذ القانون عن حسن نية . وهي تنتهك القانون الدولي .
ويحظر القانون الناظم للعلاقات القنصلية بشكل صريح , والذي يعني ضمناً الصداقة بين الأمم والمساواة بين الدول , المعاملة التمييزية بين الدول . وعلى الرغم من ذلك فإن فرنسا لم تمنع إجراء جميع الانتخابات الأجنبية فوق أراضيها , ومنها الرئاسية . فقط حظرت إجراء الانتخابات الرئاسية السورية . وبقي مسموح إجراء الانتخابات الجزائرية , الأميركية أو الإسرائيلية . وضمن هذا السياق, فإن اعتمادها مبدأ التمييز ضد الدولة السورية , انتهكت فرنسا قانون العلاقات القنصلية , وعلى وجه الخصوص التزامها الذي قطعته عندما صادقت على معاهدة فيينا 24 نيسان لعام 1963.
وفرنسا هي الآن مسؤولة أمام محكمة العدل الدولية .
بقلم المحامي الفرنسي داميان فيغييه