جزء من الشعب الفلسطيني بقي في الأرض التي أقيمت عليها إسرائيل وأطلق عليهم لقب الأقلية العربية في داخل الخط الأخضر، وقسم آخر في الضفة والقطاع، بينهم عدد كبير من لاجئي 48، في حين اضطر عدد آخر للجوء إلى المنافي القريبة والبعيدة، وتشير الدراسات إلى أن العصابات الصهيونية قد طردت 850 ألف فلسطيني كانوا يمثلون في عام 1948 نحو 61 في المئة من مجموع الشعب الفلسطيني البالغ 1400000 فلسطيني، وتركز معظم اللاجئين الفلسطينيين إثر نكبة عام 1948 في المناطق الفلسطينية الناجية من الاحتلال، أي في الضفة وقطاع غزة 80.5 في المئة، في حين اضطر 19.5 في المئة من اللاجئين الفلسطينيين اللجوء إلى الدول العربية المحيطة بفلسطين، الأردن، سورية، ولبنان، ومصر إضافة إلى العراق وتوجه البعض إلى مناطق جذب اقتصادية في أوروبا وأميركا وكذلك إلى دول الخليج العربية ويشار إلى أنه قد صمد في المناطق الفلسطينية التي أنشئت عليها إسرائيل والبالغة 78 في المئة من مساحة فلسطين التاريخية البالغة 27009 كيلو مترات مربعة نحو 151 ألف فلسطيني تركزت أغلبيتهم في الجليل الفلسطيني، وصل عددهم في عام 200٩ إلى 1.4 مليون عربي فلسطيني.
وبفعل الزيادة الطبيعية العالية بين الفلسطينيين ارتفع مجموعهم ليصل إلى 1.،5 ملايين فلسطيني في عام 2009 والملاحظ أنه رغم السياسات الإسرائيلية التي أدت إلى عمليات ترانسفير طالت نحو 70 في المئة من الشعب الفلسطيني في عامي 1948 و1967 والسنوات اللاحقة، بيد أن أغلبية الفلسطينيين تتركز في حدود فلسطين التاريخية والدول العربية المجاورة، وتشير المعطيات إلى أن 45.6 في المئة هم في فلسطين التاريخية، 54.4 في المئة خارجها في المنافي القريبة والبعيدة، وتقدر نسبة الفلسطينيين المقيمين في فلسطين وحولها في الدول العربية المجاورة 80 في المئة من مجموع الشعب الفلسطيني في عام 2009، وباقي النسبة من الشعب الفلسطيني وتصل إلى 20 في المئة تتوزع في الدول العربية غير المجاورة لفلسطين وأوروبا وأميركا.
وبالنسبة للاجئين الفلسطينيين فإن عددهم يقدر في عام 2009 بنحو خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، منهم أربعة ملايين مسجلون في الأونروا،أي حوالى 89 في المئة من مجموع اللاجئين المقدر، وبذلك تصل نسبة اللاجئين من مجموع الشعب الفلسطيني في عام 2009 إلى أقل من خمسين في المئة بقليل ويتوزع اللاجئون على خمس مناطق لجوء في إطار الأونروا، ومنطقتين خارج الأونروا في الوطن العربي هما العراق ومصر وباقي الدول العربية في الخليج العربي، فضلاً عن التوزع في المنافي البعيدة في الدول الأميركية والأوروبية، وبشكل عام تستحوذ الأردن على 41 في المئة من إجمالي عدد اللاجئين وقطاع غزة 22 في المئة، والضفة الفلسطينية 16 في المئة، وكل من سورية ولبنان عشرة ونصف في المئة على التوالي من إجمالي اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في سجلات الأونروا.
والملاحظ أن الصراع الديموغرافي بين العرب الفلسطينيين واليهود في «إسرائيل» هو لمصلحة العرب في المدى البعيد، وخاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار معدلات النمو العالية بين العرب مقارنة بمثيلاتها بين اليهود، فضلاً عن تراجع أرقام الهجرة اليهودية باتجاه فلسطين المحتلة، لعدم توفر عوامل طاردة لليهود باتجاه فلسطين المحتلة من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، وقد يكون صمود الفلسطيني فوق أرضه العامل الأهم في الصراع المذكور، وخاصة أن الحركة الصهيونية و«إسرائيل» اعتمدت فكرة الترانسفير للعرب الفلسطينيين مدخلاً أساسياً من أجل تحقيق التفوق الديموغرافي في المدى البعيد، ويشار أيضاً إلى تراجع عوامل الطرد لليهود من دول الأصل باتجاه فلسطين المحتلة، وخاصة أن أكثر من نصف مجموع اليهود في العالم موجودون حالياً في دول أكثر جذباً من الاقتصاد الإسرائيلي، مثل الجالية اليهودية في الولايات المتحدة 5.6 ملايين يهودي، ونحو 550 ألف يهودي في فرنسا.
مما تقدم يتضح أن المجازر الإسرائيلية وعمليات الترانسفير والتطهير العرقي التي طالت نسبة كبيرة من الشعب الفلسطيني خلال النكبة الكبرى أدت إلى تغيير في الخارطة الديموغرافية للشعب الفلسطيني، وبعد عدوان حزيران في عام 1967 وطرد أكثر من 1.5 مليون فلسطيني أطلق عليه لقب نازح تغيرت خارطة اللجوء والنزوح الفلسطيني من جديد، فبات سبعون في المئة من إجمالي الشعب الفلسطيني بعد واحد وستين عاماً من النكبة ضحية السياسات الإجلائية الإسرائيلية.
كاتب فلسطيني