تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رقص... «المختبر السابع عشر»..حين يعترض الجسد على هويته..

ثقافة
الثلاثاء 24-7-2018
آنا عزيز الخضر

إبداعات مبهرة تبرز على الأكثر عندما نتحدث عن الإنسان عبر لغة خاصة، متخللة لمعادلة جمالية، تصور عوالمه المتداخلة وصراعاته بدقة، وقد يخيل للمرء عجزها لخصوصية مفرداتها، فإذا بها عالم ثري،

ينبض بالحياة على متناقضاتها، مثلما ينبض بحيوية مفعمة بتعبيرية نادرة، حيث حضرت لغة بديلة، جسدت بحد ذاتها عبقرية في قدرتها على التقاط مكامن وجوارح النفس البشرية، فنطقت بأشياء وأشياء..‏

إنها الحالات الإنسانية المعقدة والمتشعبة الأبعاد، التي عبروا عنها طلاب السنة الرابعة في المعهد العالي للفنون المسرحية قسم الرقص في عرضهم الأخير على صالة مسرح سعد الله ونوس.. وقد استطاع الطلاب عبر المختبر السابع عشر الذي أشرف عليها الفنان معتز ملاطيه لي، التحليق في لغتهم الفنية الخاصة لغة الحركة.. فأظهر العرض مقدرة مسرح الرقص الخلاقة على الحضور والتعبير واستجلاء المقولة.. فكان هناك جماليات تجلت وتبلورت بروعة ومهارة، وذلك عبر حركات جسدية، ثم إشارات وملامح وإيماءات، كانت كأنها حوار لشخصيات تتفاعل، تتحدث، تعبر عن مكنوناتها، عن مشاعرها، تمردها، ومحاولاتها المستمرة في الخلاص، فأخبرتنا عن أعقد الحالات الإنسانية، تلك المحتملة أن يعيشها الإنسان مع محيطه ومع ذاته... كل ذلك تم التعبير بكل بلاغة دون حوار، في (الميول) ل معتصم الجرماني و(حياد إجباري) ل إنجيلا الدبس مشروعي التخرج، الذي شارك فيه سماح غانم، صبا رعد، حازم الجبة، لارا بخصار، رند شهدا، سارة المنعم.‏

عبرت لغة الجسد الراقصة في العرض، والتي أظهرت غناها هنا عن كثير من العوالم المختلفة، لتقدم أميز المشاهد التعبيرية، متعاونة مع العناصر الفنية الأخرى مثل الإضاءة، والذي كان لها الفعل الأبرز في خلق إيحاءات كثيرة ومتنوعة... فهاهو المشهد الحركي المدروس ضمن إطار من الحركات الناطقة بمدلالوتها الواسعة والدقيقة، والمشاعر التي تنتفض حينا وتستكين يأسا حينا آخر، تشهدنا على الأحاسيس العارمة، التي عبرت عن أدق الحالات الإنسانية، فكشفت عن حصار المجتمع الدائم لكل دافع واندفاع، لكل مبادرة ومتنفس، حيث أبدع صانعو العرض في الولوج إلى الجوانية العميقة للداخل الإنساني وعلاقته المعقدة مع المحيط، الذي يتفنن بجبروته وسطوته على النفوس البشرية، فكان التعبير عنها بمفردات فنية، تألقت في نسجها لعوالم عادلتها فنيا، مستخدمة للغة بليغة غير منطوقة، انتزعت الإعجاب بكونها تعبر عن الحالة التي يعيشها الناس باستخدام متقن لأدوات مسرحية أخرى، التي أكدت بدورها وجود مسرح تعبيري راقص، يتطور بنجاح لافت، ليملك حضوره المتألق وفق منهجيات وأساليب متميزة، تمكنت من الاستفادة من مدراس الرقص كافة وعلى مستوى العالم، ثم العمل عليها وتطويرها متناسقة وفق طموحنا، الذي يثق بدور الفن، لإرساء الأساس القوي لمسرح تعبيري، يكون له مشاركته المتميزة في المشهد الفني السوري، والدعم لأهدافه الثقافية والجمالية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية